وداعًا (أبو طارق) شهيدًا مباركًا كما يمكن أن يوصف به الشهيد، ومناضلاً عتيدًا كما ينبغي أن يكون عليه النضال، وفتحاويًا أصيلاً كما تعنيه الكلمة بكل ما تحمله من دلالات.. وأيضًا فلسطينيًا في كل ذرة من كيانه شهدت بوفائه للتراب وعشقه للقدس وإخلاصه للقضية..
وداعًا أيها الوزير الذي أضفت معنى جديدًا لمنصب كنا نحسبه عنوانًا للوجاهة ورمزًا للتفاخر فإذا به عند زياد أبو عين طريقًا للنضال وجسرًا للعبور إلى أعلى مرتبة في خدمة الوطن.. لتكون من اليوم فصاعدًا أيها الحبيب الغالي على فلسطين وشعبها ومحبيها نموذجًا يحتذى في ما ينبغي عليه أن تكون مهمة وزير (فلسطيني) يباشر عمله في ساحة النضال ويستشهد أثناء القيام بهذه المهمة الشريفة السامية: الدفاع عن الأرض والتراب والشجر.
سيسجل تاريخ فلسطين الحديث فقرة مضيئة من فقرات النضال الفلسطيني وسط ظلام الإرهاب والانقسام والفرقة التي تخيم بظلالها القاتمة على سماء هذه الأمة أنه في صباح يوم الأربعاء الموافق 10-12-2014 رحل ابن فلسطين البار زياد أبو عين في مستشفى رام الله إثر إصابته المباشرة من قبل جنود الاحتلال في قرية ترمسعيا أثناء قيامه بواجبه الوطني.. رحل هذا المناضل الشجاع الذي سجلت وكالات الأنباء كلماته النارية ومواجهته البطولية لجنود الاحتلال يواجههم بلا بندقية وبلا حجر وإنما فقط بصدره العاري وصرخة الحق التي أطلقها لتدوي بعد استشهاده وتتردد على مسمع ومرأى العالم كله ولتسكن في ضمير ووجدان أحرار العالم الذين يعون جيداً معنى الحرية عندما يكون ثمنها الموت من أجل حرية الوطن وكرامة الإنسان.
رحل زياد بعد أن أمضى سنيناً طويلة في السجون الأمريكية والإسرائيلية بتهمة عشق الوطن ومقاومة المحتل ورفع شعار الكوفية الفلسطينية التي استشهد وهو يحتضنها وكأنه يحتضن فلسطين بكل وديانها وجبالها وأشجار زيتونها وبرتقالها ومساجدها وكنائسها.. كوفية تحكي كل شيء.. كوفية يخشاها المحتل عدو الإنسان والحرية والحياة ويعتبرها أخطر أسلحة المقاومة.. نعم رحلت يا حبيبنا زياد وأدمعت أعيننا التي أحيت كلماتك الأخيرة في وجه جنود الظلام وأعداء الحرية والحياة وأحييت في نفوسنا الأمل.. هنيئاً لك هذا الاستشهاد الجميل وشكراً لأنه أنهى فصلاً مأساوياً من تاريخ القضية: التنسيق الأمني مع المحتل.. شكرًا حبيبنا زياد لأنك باستشهادك – رغم حزننا العميق - أشعلت نار المقاومة من جديد.. وذكرتنا بالانتفاضة الفلسطينية المباركة التي مرت ذكراها قبل بضعة أيام على استحياء.. شكراً أيها الشهيد الحبيب لأن استشهادك يأتي قبل بضعة أيام فقط من الذكرى الخمسين لانطلاقة فتح وكأنك تذكرنا بمبادئ "فتح" العظيمة.. شكرًا لأنك ذكرتنا بأن النضال ضد المحتل هو الذي يوحد الشمل وينهي الانقسام ويعيد الاعتبار للقضية.. وهو الطريق الوحيد للعودة والدولة والقدس..
رحمك الله أيها القائد والمناضل والشهيد وجعل الجنة مثواك..