استنكر المجلس التنسيقي الشعبي للمقاطعة في قطاع غزة، و قطاعات المجتمع المدني الفلسطيني والاتحادات والأحزاب والمنظمات الفلسطينية، بأقسى العبارات آلية إعادة الإعمار المقرة من قبل الأمم المتحدة
والتي ترسخ الحصار الإسرائيلي المخالف للقانون الدولي المفروض على مليون وثمانمائة ألف فلسطيني في قطاع غزة المحتل، والتي تسمح لإسرائيل بجني مكاسب مالية من جرائم الحرب التي اقترفتها خلال عدوانها، مما يشجعها على الاستمرار في ارتكابها.
ويؤكد المجلس التنسيقي على أن وعود المانحين بالأموال ليست بديلًا عن محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها الخطيرة للقانون الدولي بما فيها جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، و ليست بديلا عن تحقيق العدالة للضحايا الفلسطينيين. لذلك نطالب المانحين والوكالات والمنظمات الدولية غير الحكومية بتبني سياسة واضحة وشفافة تنسجم مع القانون الدولي. كما نؤكد على ندائنا المطالب بفرض حظر عسكري شامل وملزم قانونيًا على إسرائيل، ونود الاشارة الى أن اللجنة الوطنية لمقاطعة اسرائيل (BNC) كانت قد قدمت عريضة بهذا الطلب إلى الأمم المتحدة.[1]
وإن حصار إسرائيل واعتداءاتها العسكرية المتكررة ضد قطاع غزة المحتل جزء من الجهود الإسرائيلية المنظمة لفصل قطاع غزة بشكل دائم عن الضفة الغربية و"التخلص" من الكتلة السكانية الكبيرة، وغالبيتها التي تتشكل من اللاجئين منذ نكبة عام 1948 والذين لهم حقوق ومطالب تتنكّر لها "إسرائيل"، أهمها حق العودة إلى الديار التي شردوا منها.
وتحت ذريعة إعادة انتشار قواتها خارج غزة في عام 2005، تتعامل إسرائيل مع قطاع غزة ككيان " منفصل" و "معادٍ"، وتقوم بانتهاك وحدة الأراضي الفلسطينية المحتلة وتفرض شروط معيشية لا إنسانية وعقوبات جماعية وتمارس عمليات إبادة جماعية. كل هذه خصائص فعلية لنظام استعمار وفصل عنصري (أبارتهيد) وهي تعيق الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير مصيره. وعليه، ندعو وكالات الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الدولية غير الحكومية والتي تكفلت، مرة أخرى، بتقديم أموالا طائلة من أجل إعادة إعمار غزة ، لإنهاء تواطؤها الفعلي والمستمر في الحصار الإسرائيلي.
لقد عملت الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الدولية غير الحكومية لأكثر من سبع سنوات في إطار حدود سياسة الفصل والعقاب الجماعي الإسرائيلية، مع إصدار نداءات رمزية لا معنى لها لرفع الحصار. و ما يثير القلق الشديد ويستدعي استنكار كل قطاعات المجتمع المدني والقوى السياسية الفلسطينية أنه في ظل الآلية الجديدة لإعادة إعمار قطاع غزة، تذهب الأمم المتحدة إلى أبعد من ذلك في تواطؤها من خلال قبولها استلام إدارة الحصار بالنيابة عن "إسرائيل" في تجاهل كامل لالتزاماتها وفق القانون الدولي.[2]
وكمثال على تساوق وكالات المساعدات الدولية مع سياسات الكيان هو العقد الجديد بملايين الدولارات الذي منحه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) لشركة ميفرام[3] ، وهي شركة إسرائيلية تطور أدوات مراقبة معدنية متحركة وحواجز يستخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة لتقييد حرية حركة الفلسطينيين وتمكين الاستعمار المستمر للأراضي الفلسطينية. والمثال الآخر هو اتفاقية المانحين الأخيرة لجلب الإسمنت المستخدم لإعادة إعمار غزة من شركة نيشر، الشركة الإسرائيلية التي تستغل بشكل غير قانوني الضفة الغربية[4] ,وتقوم بتوفير الإسمنت لبناء المستعمرات وجدار الفصل والضمّ العنصري والبنى التحتية الأخرى للاحتلال في انتهاك صارخ للقانون الدولي وترسيخ لنظام الأبارتهايد. ومن المتوقع أن يتم ضخ ملايين الدولارات في حساب شركة نيشر الإسرائيلية من أجل إعادة بناء 90,000 منزل فلسطيني دمرته إسرائيل -- كلياً أو جزئياً[5] -- بشكل تعسفي مما يشكل، في سابقة بالغة الخطورة، مساعدة لها في التربّح من جرائم حربها.
وعليه، فإننا نؤكد، نحن الموقعون أدناه من قطاعات ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني وقواه السياسية والشبابية والشعبية في قطاع غزة، على ما جاء في بيان اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، المعروفة عالميًا بـ(BDS)، بشأن آلية إعادة الإعمار المهينة والتي وقعت بوساطة الأمم المتحدة و دولة الاحتلال والأبارتهايد الإسرائيلي[6]. ونطالب بـ:
1) بدء إعادة إعمار غزة وفق آلية جديدة تحفظ كرامة شعبنا وتليق بتضحياته الجسيمة وعلى رأس ما يعنيه إعمار غزة رفع الحصار الإسرائيلي الخانق على القطاع منذ 8 سنوات ونزع الشرعية عنه، لا التكيف معه، كما تفعل الأمم المتحدة وأجسامها.
2) عدم إعفاء إسرائيل من مسؤولياتها كمرتكبة لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بغزة وكونها دولة الاحتلال، بل مطالبتها بدفع بدل ما دمرته.
3) وقف كل التجارة العسكرية مع إسرائيل، بالذات من قبل الولايات المتحدة ودول أوروبا، لأن الدعم العسكري لإسرائيل يعد أخطر أشكال التواطؤ في جرائمها بل وأكثرها إمعاناً في الشراكة في تلك الجرائم.
4) إيجاد آلية مراقبة شفافة ومهنية لجمع وصرف الدعم الذي أقره مؤتمر المانحين.
5) محاسبة الوكالات الدولية الداعمة للفلسطينيين، مثلها مثل الحكومات والقطاع الخاص، على تجاهلها المتكرر لمبدأ "لا ضرر" وترويجها لأجندة سياسية متساوقة بشكل صارخ مع سياسات الاحتلال من خلال عملياتها.
6) عدم اعتراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية العاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة بالوضع اللا قانوني المفروض من قبل إسرائيل على قطاع غزة والامتناع عن تقديم الدعم أو المساعدة في الابقاء عليه.
7) نطالب دول العالم بدعم مهمة لجنة مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان المستقلة للتحقيق في كل انتهاكات القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان المرتكبة من قبل اسرائيل في غزة وكافة الأراضي الفلسطينية المحتلة ، بهدف وضع المسؤولين عنها أمام العدالة.