أكد نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الأستاذ زياد النخالة ان عدم الالتزام بما تم الاتفاق عليه في القاهرة سيذهب بنا إلى مواجهة جديدة مع الاحتلال.
وأشار النخالة في مقابلة مع موقع "فلسطين اليوم" الإخباري أن المقاومة باتت أكثر قوة وأكثر إمكانات من قبل عدوان 2014 ولله الحمد.. والحرب فتحت عيوننا على العدو أكثر وفهمناه أكثر، وعبدت بداية طريق الانتصارات القادمة.
وفيما يلي نص المقابلة كاملة:
حيث اختراق للمنطقة العازلة، اختراق للأميال البحرية، تشديد للحصار، واليوم شهيد بنيران الاحتلال شمال غزة..(الخ) ما هو مصير التهدئة في حال استمرت الخروقات الإسرائيلية؟
ــــ سياسة "إسرائيل" معروفة تجاه الشعب الفلسطيني والمقاومة، وهي تحاول دوماً أن تفرض سياستها رغم أنها تعرف تماماً مدى حجم إمكانات وإرادة المقاومة وما يمكن أن يحدث نتيجة هذه السياسات، فعدم الالتزام بما تم الاتفاق عليه سيذهب بنا إلى مواجهة جديدة وخاصة إذا ما تكررت الخروقات، وصمود المقاومة والشعب الفلسطيني في مواجهة عدوان 2014 ليس بعيداً، وبالتأكيد المقاومة استخلصت الكثير من النتائج في هذه الحرب التي تمكنها من التعامل مع أي عدوان جديد بطريقة أفضل.
هل حُدد الموعد القادم للمفاوضات غير المباشرة؟ وهل الوضع الفلسطيني في ظل الخلاف بين حماس وفتح مؤهل لخوض الجولة الثانية؟
ـــ لم يحدد موعد جديد للمفاوضات غير المباشرة نتيجة لإغلاق معبر رفح بين مصر وقطاع غزة، الأمر الذي منع جزءاً كبيراً ومهم من الأخوة أعضاء الوفد، أما الخلافات بين فتح وحماس بالتأكيد سيكون لها تأثير، ولكن ليس بالقدر الذي يمنع الوفد الفلسطيني الموحد بالقيام بدوره.
خطة مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط "روبرت سيري" أحكمت الحصار على قطاع غزة، وأضفت على الحصار صبغة دولية.. ما موقفكم من الآلية التي لم تقدم شيئاً للفلسطينيين في غزة حتى اللحظة؟ وهل يمكن التعديل عليها؟ وفي حال استمرت عرقلة إعمار غزة ما موقف الحركة من ذلك؟
ــــ ما سميَّ بخطة سيري هي في الحقيقة رؤية "إسرائيل" لإعادة الإعمار ولكن بإدارة دولية، وهي إضافة لذلك تضفي شرعية دولية على الحصار المفروض على قطاع غزة منذ سبع سنوات، ولذلك نحن نرفض هذه الخطة من حيث المبدأ، وكافة الفصائل الفلسطينية اتخذت الموقف نفسه، وهنا لا بد من التأكيد على موقفنا بضرورة إنهاء الحصار بالكامل واستمرار الحرب لأكثر من خمسين يوماً كان يهدف لإنهاء الحصار، وفي كل الأحوال إذا ما استمر الحصار والتعامل مع الإعمار بهذه الطريقة التي تهدف إلى إذلال الشعب الفلسطيني، فإن المقاومة لديها من القدرة والجهوزية لأن تبذل كل ما يمكنها من أجل إنهاء الحصار حتى لو اضطرت للذهاب لمواجهة جديدة، حيث لا يعقل أن يبقى الوضع كما هو عليه، و"إسرائيل" تدرك أكثر من غيرها أن استمرارها بحصار غزة لا يمكن أن يعطيها الحد الأدنى من الأمن كما يقول بعض سياسييها.
الإسرائيليون يفرضون إجراءات عقابية مشددة على المقدسيين في أعقاب العمليات الأخيرة كالتفكير في سحب الجنسية من المقدسيين، والتشديد في تراخيص البناء، واستخدام أسلوب الهدم كعقاب، هل تنجح تلك العقوبات في إجهاض الانتفاضة الثالثة بالقدس؟ وفي حال تصاعدت الاعتداءات الإسرائيلية على القدس، هل غزة بمنأى عن تطورات الأحداث الميدانية فيها؟
ــــ "إسرائيل" لم تتوقف يوماً عن سياسة القمع والقهر ضد الشعب الفلسطيني في القدس، عمليات التهويد مستمرة وهدم البيوت وإخراج الناس منها بالقوة بأعذار مختلفة، وعمليات الاستيطان وتدنيس المسجد الأقصى، وأخيراً التهديد بسحب الجنسية الإسرائيلية التي لن يبكي عليها أحد من المقدسيين، فكل هذه الإجراءات وغيرها لن تغير من حقيقة أن القدس هي عاصمتنا الأبدية، وأنها جزء من عقيدتنا، وأن إرادة الفلسطينيين لن تنكسر في الدفاع عنها مهما طال الزمن، وبالتأكيد غزة وغيرها من المدن الفلسطينية ليست بمنأى عن القدس، الشعب الفلسطيني كله والعرب والمسلمون أيضاً، لا خيار لهم أن يتركوا القدس تدنسها بقايا العنصرية الصهيونية.
حركة الجهاد دعت على لسان الأمين العام د.رمضان شلّح (أبو عبدالله) إلى نقل المعركة إلى الضفة الغربية بعد الانتصار الذي حققته المقاومة في غزة.. هل العمليات التي تجرى في القدس جزء من الاستراتيجية التي دعا إليها الأمين العام؟
ــــ المعركة في القدس وفي الضفة الغربية هي معركة الجميع، وحديث الأخ الأمين العام هو تأكيد جديد على موقف الحركة وموقف الشعب الفلسطيني حيال المعركة القادمة، والتي أصبحت حتمية في الضفة الغربية، فالاستيطان ينتشر كالسرطان هناك والقتل والاعتقالات والهدم هو معركة تشنها "إسرائيل" يومياً، لذلك لم يبق مبرر واحد للحديث عن تسويات أو مفاوضات من قبل بعض الفلسطينيين، وما يجري اليوم في القدس هي الإرهاصات الأولى لمعركتنا القادمة في الضفة الغربية.
خطت المصالحة خطوات كبيرة سرعان ما انقلبت بعد التفجيرات ضد حركة فتح، أين انتم من انهيار المصالحة؟ هل لديكم خطة لإنقاذ الموقف واعادة اللحمة؟
ــــ في الحقيقة المصالحة لم تخطو أي خطوة، لا صغيرة ولا كبيرة، وللأسف المراوحة في نفس المكان هي السمة الغالبة لكل ما يجري من جهود لإنهاء الانقسام، الأمر يحتاج لمكاشفة أكثر ووضوح أكثر حتى نستطيع الوصول إلى وضع يسمح لنا جميعاً بأن نضع الانقسام خلف ظهورنا. لقد بذلت جهود كبيرة خلال سنوات من أجل الخروج من نفق الوضع القائم، وإذا لم يتم الاتفاق على برنامج سياسي موحد ورؤية موحدة لإدارة الصراع مع العدو الصهيوني، فإن أي حلول ستبقى مؤقتة وستنفجر عند أي منعطف. الجميع يجب أن يدرك صعوبة اللحظة وتعقيدات المشهد العربي وخطورة ما يجري في المنطقة والعالم، وأن نتخلص من المفاهيم القديمة التي حكمت سلوكنا السياسي عبر سنوات طويلة وإلا فسنجد أنفسنا خارج التاريخ. فلسطين يجب أن تكون عنواناً لوحدة الشعب الفلسطيني وليس عنواناً لمحاصصات حزبية ضيقة، ولن يبقى لأحد مكان إذا لم نتفق ونخرج من وضعنا الحالي ونقول للجميع إننا شعب تحت الاحتلال، وسنقاوم هذا الاحتلال، وإن فلسطين وطننا التاريخي، وإن إرادتنا كشعب وقوى سياسية هي في هذا الاتجاه، إذا لم نفعل ذلك، أعتقد أن كل شيء سيبقى على حاله، وسنخسر أنفسنا وقضيتنا.
الإطار القيادي لمنظمة التحرير والفصائل كان يمثل الخلاص وبداية خارطة الطريق حقيقة.. الانتظار الطويل والتسويف المستمر.. ماذا يعني لان الأمر طرح منذ عام 2005 ولا يوجد أي تقدم في هذا الإطار؟
ــــ الإطار القيادي لم يكن حلاً سحرياً، هو في الحقيقة كان حلاً مؤقتاً للخروج من مأزق عدم الاتفاق، ومنذ طرح في اتفاق القاهرة 2005 إلى أن أقرّ في 2011، كان برأينا عبارة عن صيغة ترضية مؤقتة لإشاعة الثقة وخلق مناخات تؤدي بنا إلى اتفاق جدي وحقيقي من أجل بناء مرجعية سياسية فلسطينية. وللأسف، هذا الحل لم يجد طريقه للحياة لأن هذا الاتفاق ولد ميتاً لأسباب كثيرة أهمها عدم توفر النية في تطبيقه والعمل بمقتضاه.
المقاومة الفلسطينية كانت في بناء القدرات تعتمد لوجستياً على الخارج.. لاحظنا خلال الحرب الاخيرة الاعتماد على الذات.. إلى أي مدى تعتقد أن هذا يصلح في أي معركة قادمة؟
ــــ بدون شك إن تشديد الحصار على قطاع غزة يؤثر سلباً على المقاومة وعلى أدواتها في تعزيز قوتها، وفي حرب 2014 الجزء الأهم من الصواريخ كان صناعة محلية، ولكن هذا لا ينفي أن من استطاع أن يفعل ذلك ويستمر في القتال إلى ما يقارب الشهرين، فإنه بالتأكيد سيجد الوسائل ليفعل أكثر من ذلك، وهنا أستطيع التأكيد وبكل ثقة أن المقاومة هي الآن ليست أقل قوة من قبل الحرب الأخيرة، بل ربما في جوانب كثيرة هي أكثر قوة، والمقاومة لم تتوقف لحظة واحدة عن تعزيز قدراتها في كافة المجالات.
إعادة بناء قدرات المقاومة.. الاحتلال يقول إنه دمر غالبية أسلحة المقاومة.. والمقاومة نفت.. فهل لك أن تطمئن شعبنا أو تطلعنا ما أمكن إلى أي محطة وصلت المقاومة؟
ــــ تستطيع "إسرائيل" أن تقول ما تريد، ولكن الواقع يقول عكس ذلك تماماً، الحرب والعدوان توقفا عندما تم الاتفاق في القاهرة على وقف إطلاق النار، ولآخر دقيقة بقيت المقاومة حاضرة في الميدان برجالها ومقاتليها وبشعبها، ولم يتوقف قصف مدن ومستوطنات العدو إلا عندما حددت ساعة الصفر لذلك وبقرار من قيادة المقاومة، ولو اعتقدت "إسرائيل" أنها دمرت غالبية أسلحة المقاومة كما تقول فإنها بالتأكيد لن تقبل بوقف عدوانها، فوفد مفاوضاتها كان مرابطاً طوال الوقت في القاهرة ينتظر قرار المقاومة، ومستوطنوها على مسافة عشرات الكيلو مترات أخلوا جوار قطاع غزة ولم يعودوا إلا عندما تأكدوا وسمعوا إعلان وقف إطلاق النار من المقاومة. وعلى كل حال، أنا أستطيع القول هنا إن المقاومة أكثر قوة وأكثر إمكانات من قبل عدوان 2014 ولله الحمد.
بعد الحرب لاحظنا أن نبرة التصريحات السياسية والعسكرية كانت عالية وكأن تحرير فلسطين قاب قوسين أو أدنى.. ألا تشارك الرأي الذي يقول بأن هذا يحبط الناس؟
ــــ من حق الشعب الفلسطيني وقياداته السياسية والعسكرية أن يتكلموا وبصوت مرتفع. هذا الشعب الذي صمد لأكثر من خمسين يوماً ومقاومته التي أبقت مدناً كثيرة وكبيرة في إسرائيل تحت القصف لنفس الفترة، ورجال المقاومة الذين تصدوا لمحاولات اجتياح قطاع غزة وأوقعوا بالعدو الخسائر الفادحة والواضحة، أليس من حقهم أن يتحدثوا عما أنجزته المقاومة في ظل موازين قوى مختلة لصالح العدو؟ أليس من حقنا أن نفتخر بقدرة شعبنا ومقاومته على القتال والصمود لأطول حرب خاضتها إسرائيل منذ إنشائها؟ أليس من حقنا أن نقول لو استطاعت إسرائيل اجتياح غزة لفعلت ذلك وقضت على المقاومة، وهي فعلت ذلك من قبل في أكثر من مكان؟ ما يحبط الناس أن نقول لهم إن بيوتهم هدمت وإنهم فقدوا الآلاف من الشهداء والجرحى، نعم لا أحد ينكر أننا عندما نذهب للحرب سندفع ثمناً غالياً، ولكن هل معنى ذلك أن نستسلم لأننا سنقدم ثمناً لصمودنا وكرامتنا، ونحن صباح مساء نتحدث عن فلسطين وعن الاحتلال وعن الشهادة وعن التضحية وعن الصمود وعن الكرامة وعن القدس وعن القرآن وعن معارك المسلمين وعن تاريخ طويل من العزة؟ هذه الحرب فتحت عيوننا على العدو أكثر وفهمناه أكثر، وعبدت بداية طريق الانتصارات القادمة إن شاء الله.
في ظل الانشغال العربي الكبير، هل القضية الفلسطينية في تراجع؟
ــــ بالرغم من كل الظروف التي تحيط بنا، فإن القضية الفلسطينية مازالت هي المحرك لكل شيء في المنطقة والعالم، وفلسطين هي التي تحدد السلام وتحدد الحرب، بل اليوم فلسطين أكثر حضوراً، حتى لو لم يتناولها سياسيو العالم في أحاديثهم. مقتل إسرائيلي واحد في القدس يكون خبر العالم الأول رغم كل ما يجري في المنطقة، تظاهرة صغيرة في القدس هي أهم من حركة جيوش في أوكرانيا أو العراق، مفاوضات القوى العظمى في العالم حول النووي الإيراني ليست بعيدة عن القدس وفلسطين، بل بسبب "إسرائيل" وأمنها يتحرك العالم يومياً أكثر من أي قضية أخرى، فلسطين كانت وستبقى أم القضايا، ولا أبالغ إذا قلت إن الحرب والسلام في العالم مرتبط بفلسطين.
في ظل التطورات في الدول العربية، هل المقاومة الفلسطينية في انحسار؟
ــــ للوهلة الأولى يبدو الأمر كذلك، ولكن إذا ما دققنا في المشهد الإقليمي والدولي نجد أن المقاومة، ورغم محاولات تغييبها عن المشهد الإعلامي، هي في أصل كل شيء. صحيح قد تشهد المقاومة حالات مد وجزر، لكنها دائماً موجودة، طالما أن هناك شيء اسمه قضية فلسطين. ومن في العالم يستطيع أن يطمس قضية بحجم قضية فلسطين، المقاومة هي شعب فلسطين وهي فلسطين بذاتها، وفلسطين مهوى أفئدة أمة بكاملها عرباً ومسلمين ومعهم أحرار العالم، كل هذا من يستطيع أن يحاصره، بل يجب أن نعلم أننا اليوم أقوى من أي يوم مضى كمقاومة وكروح مقاومة.
كيف هي العلاقة بين مصر وفلسطين في ظل تطورات الوضع في سيناء؟
وما هي توقعاتكم لمعبر رفح؟
ــــ العلاقة بين مصر وفلسطين هي ليست لحظة تاريخية عابرة، العلاقة مرتبطة بالدين وبالتاريخ والجغرافيا، ولا أحد يستطيع أن ينهي هذه العلاقة مهما كان حجمه ومهما كان وزنه، نعم هناك تشويشات وتشويهات تحدث في الإعلام، وهناك تجاذبات سياسية ولكن لا أحد يهرب من قدره. وأما قضية معبر رفح هذا الهم اليومي الذي يعيشه الفلسطيني في قطاع غزة ويؤثر في كل مناحي الحياة في القطاع، يجب أن ينتهي ويجب أن لا يخضع لأي اعتبارات مهما كانت الأسباب، فهو الممر الوحيد أمام غزة وأمام عمقها العربي، ونأمل أن تزول أسباب إغلاقه قريباً، أو أن يجد الأخوة في مصر طريقة لإنهاء هذا الوضع المأساوي والمعاناة الدائمة، فهناك الآلاف من المرضى والجرحى، وهناك الآلاف من الفلسطينيين المحتجزين في دول كثيرة، هذه مسؤولية مصر بالدرجة الأولى.
هناك ضغط أمريكي وعربي وأوروبي لاستئناف مفاوضات التسوية.. ما موقفكم من تلك الدعوات في ظل الحملة الشعواء على المقدسيين؟
ــــ المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية هذه العبارة التي فقدت مدلولاتها الحقيقية وأصبحت تعبيراً عن استمرار "إسرائيل" في سياسة الاستيطان وتهويد أراضي الضفة الغربية، لنجد أنفسنا بالنهاية أمام واقع (أين نذهب بالمستوطنين؟) ويبقى الوضع كما هو عليه، وتصبح الضفة الغربية "إسرائيل" الثانية، هذا ما تريده "إسرائيل" وأمريكا من المفاوضات، بل هم أيضاً يريدون قطع الطريق على انتفاضة أهلنا في القدس لأنهم يخشون أن تمتد إلى الضفة.
لذلك، فإن موقفنا من هذه الدعوات هو التأكيد مجدداً على رفض خيار المفاوضات جملة وتفصيلاً، لأنه خيار فاشل وسبب كل المصائب التي حلت بشعبنا وقضيتنا منذ الانتفاضة الأولى.. واليوم ليس أمام الفلسطينيين سوى أن يتوحدوا جميعاً في مواجهة العدوان الصهيوني على القدس والمسجد الأقصى، وأن نستنهض العرب والمسلمين ليكونوا معنا في هذه المعركة، بدلاً من الاستمرار في الرهان على وهم وسراب السلام الكاذب مع العدو.