” نعم ليس سهلا الانتماء لفلسطين: فإن تنتمي لفلسطين وقضيتها الوطنية وحقوق شعبها التاريخية في كل أرضها التاريخية وصولاً إلى الاندفاعية في التماهي,
وأن تعادي الحركة الصهيونية وتمثيلها في الدولة الصهيونية وتعتقد بحتمية زوال مشروعها الإسرائيلي, وأن تنتمي أيضاً للقضايا الوطنية والقومية العربية وأن تدافع عن جماهيرنا العربية وقضاياها العادلة،” ليس مصادفة أن أتناول تحية من أود تقديره: فردا كان أم جماعة, صحيفة أو فضائية .. على صفحات الجريدة الحبيبة إلى قلبي” الوطن ” العزيزة … هذه الصحيفة التي أشعرتني دوما بأنها بيتي الثاني, هي الصحيفة العربية: الفلسطينية, العمانية, المصرية, السورية….. التي بدأت الكتابة فيها, وصدق بيت الشعر العربي: ما الحب إلا للحبيب الأول!. قصدت ما كتبت عن جنسيتها: فهي عمانية الصدور لكنها تصلح لأن تكون لكل الأقطار العربية منفردة ومجتمعة, وعلى الرأس منها القضية الفلسطينية. طيبة القائمين عليها تخجلني: عندما أتأخر عن موعد إرسال مقالاتي الدورية … يفاجئونني هاتفيا للتذكير من خلال سؤالهم المحبب: خيرا إن شاء الله … لماذا تأخرت؟. أتعرفون؟ هذه هي العلاقة المفترضة بين الكاتب والصحيفة ومحرريها.
فضائية ” فلسطين اليوم” الفلسطينية الإنتماء, العربية العمق, الإنسانية الأبعاد هي نموذج أيضا لما يتوجب أن تكون عليه الفضائية الفلسطينية. هي منغمسة في التفاصيل الفلسطينية من ألفها إلى يائها. كاميراتها انصبّت دوما وبخاصة مؤخرا على ما يجري في القدس وفي كل الأرض الفلسطينية الخالدة, وتداعيات الأحداث فيها ..أيضا عربيا ودوليا, ثانية بثانية, وساعة بساعة. لا تكل ولا تمل: تغطية وراء أخرى أولا بأول. إنها جسّدت ولا تزال كل العشق المفترض من الفرد للوطن الفلسطيني.. لترابه, لحبات رمله, لرذاذ أمواج شاطئه, لقمحه , لزيتونه ولبرتقاله. هكذا هو الانتماء بين الفلسطيني والتفاصيل الصغيرة لوطنه العائد حتما إلى أهله وناسه الأصليين الأوائل وليس للمستوطنين الذين سنجعلهم ينصرفون عن أرضنا …عن تاريخنا وحضارتنا … عن كواهلنا. استذكرت وأنا أكتب هذه الجملة, أبيات شاعرنا الفذ الراحل محمود درويش في رائعته “عاشق من فلسطين” وتحديدا: سأكتب جملة أحلى من الشهد والقبل …. فلسطينية كانت ولم تزل, و: فلسطينية العينين والوشم … فلسطينية الاسم … فلسطينية الأحلام والهم … فلسطينية المنديل والقدمين والجسم … فلسطينية الكلمات والصمت … فلسطينية الصوت … فلسطينية الميلاد والموت. نعم هذا هو الفلسطيني و” فلسطين اليوم” تمثل كل ذلك بامتياز. ومن الصحف العربية هناك الصحف العربية, والتي هي فلسطينية مثل الفلسطينيين المخلصين لقضيتهم وحقوق شعبهم وفي الاساس لوطنهم, إن لم يكن أكثر, ونموذجي..”الوطن” العزيزة.
هذاهو العشق الفلسطيني للوطن السليب والذي هو الأساس للنضال من أجل استرجاع فلسطين بكل الطاقات: بندقية ورشاشا, حجرا وسكينا, عجَلا ومولوتوفا, قصيدة شعر ومقالة صحفية, برنامجا تليفزيونيا وخطابا سياسيا, إبرازا للتراث ومفاتيح البيوت وكواشين طابو الأرض, عزما وتصميما. كل ذلك حاولت ولاتزال فضائية ” فلسطين اليوم” إبرازه وتقديمه في بثها المتواصل في معارك الصراع الفلسطيني العربي الإنساني مع العدو الصهيوني وإسرائيل وحلفائهما … معركة الطاقات والمجالات والوسائل المختلفة . وهكذا ما تحاول الوطن على صفحاتها.
نعم ليس سهلا الانتماء لفلسطين: فإن تنتمي لفلسطين وقضيتها الوطنية وحقوق شعبها التاريخية في كل أرضها التاريخية وصولاً إلى الاندفاعية في التماهي, وأن تعادي الحركة الصهيونية وتمثيلها في الدولة الصهيونية وتعتقد بحتمية زوال مشروعها الإسرائيلي, وأن تنتمي أيضاً للقضايا الوطنية والقومية العربية وأن تدافع عن جماهيرنا العربية وقضاياها العادلة، وأن تعكس في صحيفتك وفضائيتك ومقالاتك وفنك وموسيقاك ولوحاتك وإبداعاتك المختلفة الأشكال… كل ذلك … يعني أن تكون قابضاً على الجمر في زمن الرداءة والرّدة. يعني وفقاً لإيمان البعض ومعتقداته أنك تنغرز في الوهم, تسبح عكس التيار, وإنك تعيش في أزمان العصر الحجري وأن مفاهيمك ولغتك خشبية، ومعتقداتك ليست واقعية وغير ذلك من الاتهامات؟!.
مما لا شك فيه أن أحد أهم أسباب وصول “فلسطين اليوم” إلى مرحلة المرجعية في الحدث الفلسطيني وإبراز التلاحم العضوي بين الخاص الفلسطيني والعام القومي الشعبي العربي وامتداداته الإنسانية مع أصدقاء قضيتنا على الساحة الدولية, هو: بسالة القائمين وإخلاص القائمين عليها من الرأس حتى قاعدة الهرم. أعرف الصديق الأستاذ نافذ أبو حسنة منذ افتتاح الفضائية وآخرين يتصلون بي بكل الدفء والحرارة يدعونني لمداخلة حول هذه القضية أو تلك, لم أشعر يوما إلا في بحثهم المتواصل والجاد عن أسلم الوسائل والطرق لشد المشاهدين وإروائهم.
أعرف الكثيرين من الموظفين من المسؤولين حتى السواقين (ومنهم العزيز ثائر ستة, وآسف لأن المجال لا يتسع لذكرهم جميعا). كل هؤلاء ليسوا موظفين تقليديين بالمعنى الحرفي للكلمة, هم من الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين وغيرهم من الجنسيات العربية الأخرى .. قاسمهم المشترك: الانتماء والولاء للقضية الفلسطينية, والتي ستظل بمثابة القضية المركزية للأمة العربية الواحدة من المحيط إلى الخليج, بالرغم من المحاولات المحمومة لإرجاعها إلى الصف الأخير من القضايا!. لو لم يجمع هؤلاء عشق كبير لما يقدمونه من برامج, ولو لم يملأهم كل هذا الانتماء لما نجحوا في استقطاب كل هذا الكم الكبير من المشاهدين ولما كانت ” فلسطين اليوم” بمثابة المرجعية الأولى للحدث الفلسطيني . التحية والتقدير لكل هؤلاء الأشاوس وبخاصة من الجنود المجهولين الذين بطبيعة أعمالهم لا يظهرون على الشاشة من مصورين ومنتجي برامج وكل العاملين في الواجبات والمهام الأخرى. والتحية كل التحية للعاملين في “الوطن”.
مجالات “فلسطين اليوم ” متنوعة في كل الجوانب ولأنني على تماس مباشر منها بالجانب الثقافي أيضا, أشد على يدي الفاضلة عزيزة السبسي. الحصيلة أن كل هذا الجهد الدؤوب على طريق الانتصار أو الانتصار في معارك الصراع من أجل عودة فلسطين حرة عربية .. كل فلسطين, هو جهد مشترك من كل هؤلاء … وأقول : عملكم مقدّر جماهيريا على الصعيدين العربي والدولي … كل الشكر لكم ولفضائيتنا جميعا ” فلسطين اليوم ” . وهذا ما أقوله للموظفين في “الوطن” العزيزة