Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

هل تشتعل؟ إنهم نائمون يا شلومو.. بسام رجا

هل تشتعل؟ إنهم نائمون يا شلومو.. بسام رجا

  هل تشتعل مرة أخرى؟ هذا السؤال طرحه رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو على وزير حربه موشيه يعلون.

 

قد تكون الإجابة من يعلون بابتسامته الساخرة: يا سيدي الرئيس أظافرهم قُلمت ولن تسمع سوى الصراخ في جنازاتهم.

في سؤاله المبهم وعما يدور في رأسه يبحث نتنياهو عن صورة يؤطر فيها كل الأسئلة التي تحاصره بعد العدوان على غزة وتأزم خط النار في القدس، ومزايدات حكومته في جناحي نفتالي بينيت وزير الاقتصاد وتسيبي ليفني وزيرة العدل، وقراره الأخير برفع القيود عن الاستيطان «الهادئ» حتى لا يذهب لانتخابات مبكرة وتحالفات جديدة وليس أقل ذلك علاقاته المتوترة مع الإدارة الأميركية...

بعد أن أدخل كل ضجيج الحرب على غزة وجدواها والتوعد بلجان تحقيق في ثلاجات التبريد للأصوات التي أرادت أن تسقطه بضربة قاضية بعد إدارته الفاشلة، كما تصفه الصحف الصهيونية اليمينية.

الاجتماعات السرية التي عقدها نتنياهو قبل قراره الأخير (البناء في القدس 1060 وحدة سكنية)، أكدت مضيه في المواجهة مع السلطة الفلسطينية في رام الله التي وصفها بسلطة «التأمر» و»المخاتلة» وغير المؤهلة لصنع «سلام»، معتبراً تصريحات السيد محمود عباس الأخيرة المتعلقة في المواجهات بالقدس بأنها «تخفي الوجه الحقيقي للتحريض ودعم «المتمردين» على حد وصفه.

ولم يخل المشهد من استنفار في الكتابات التي غاصت بها الصحف الصهيونية، كما فعل زلمان شوفال في «إسرائيل اليوم»، مذكراً أن «التعبير الفظ والمستفز الذي يمكن سماعه في الآونة الأخيرة جاء على لسان الرئيس الفلسطيني أبو مازن، حيث ألقى خطابا في «لجنة الدفاع عن الأقصى والقدس». ودعا الفلسطينيين إلى «منع المستوطنين بأية طريقة من الدخول إلى الحرم، فهذا المكان لنا وليس لهم الحق في تدنيسه». ويضيف: «إن استخدام كلمة تدنيس يدل على الطابع العنصري واللاسامي في هذا الكلام»، ويتابع: «عملياً أبو مازن ليس هو الأول أو الوحيد الذي يقول ذلك: لقد سبقه الدكتور علي الجرباوي، وهو وزير سابق في السلطة الفلسطينية، وهو اليوم بروفيسور للعلوم السياسية في جامعة بير زيت، حيث قال في مقالة كاذبة نشرت في «نيويورك تايمز» إن ارييل شارون قد دنس قداسة المكان في زيارته».

نتنياهو صعد في خطابه وإجراءاته على الأرض ليدخل في بازار سياسي يقدمه لتجمع المستوطنين أن أوراقه تظهر في الأوقات العصيبة على حد وصف أحد الخامات الصهاينة، حيث قال رئيس وزراء الاحتلال معلناً فصلاً جديداً من الحرب: «يوجد إجماع واسع في الجمهور حول حقنا في البناء في الأحياء اليهودية في القدس وفي الكتل الاستيطانية في المناطق. كل حكومات إسرائيل في الخمسين سنة الأخيرة فعلت ذلك وحتى للفلسطينيين واضح بأن هذه الأماكن ستبقى في السيادة الإسرائيلية في كل تسوية مستقبلية. إن العنف الذي يمارس ضدنا في القدس ليس نتيجة البناء، فهذا الإرهاب يأتي بسبب رغبة أعدائنا في ألا نكون هنا على الإطلاق، في أي مكان، ولهذا فإن البناء هو الرد الطبيعي والحاسم».

 

صفعات متبادلة من دون قفازات

هدير الدبابات لم يهدأ في رأس نتنياهو وحليفه الاضطراري افيغدور ليبرمان، ومعهم يائير لبيد البرغماتي القابض على الأموال والجنرال العجوز يعلون ورئيس أركانه غينتس الباحث عن تقاعد بلا ضوضاء. هدير من نوع آخر هذه المرة عينه على القدس والضفة والاستفراد بهما، كما استفرد بغزة.

جس النبض الأميركي في زيارة وزير الحرب الصهيوني إلى واشنطن وحماسة وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل، الصديق المقرب ليعلون، أوقعهما في إحراج لم يتوقعاه. فلا حفاوة الاستقبال وجدت ولا مواعيد أُخذت. وظلت صورة وزير الحرب هي ذاتها - المتهكم على الإدارة برأسيها أوباما وحافظ أسرار خارجيته كيري. وإن كانت جعبة الزائر مليئة ببعض الاقتراحات تُخرج حالة الجفاء المقننة إلى الصور التذكارية وحفاوة الاستقبال.

الإدارة الأميركية المثقلة بالملفات الشرق أوسطية أصرت على أن «تفرك» جلد «المتمرد» على 3 مليارات سنوياً، ولو من باب التذكير أن واشنطن هي الأم الكبرى. لم يفتح يعلون جعبته وإن تحدث في لقاءات جمعته مع مسؤولين أمنيين عن العلاقات الاستراتيجية مع أميركا.

الهروب إلى الإمام - الصفعة الجديدة للولايات المتحدة الأميركية ومعها الاتحاد الأوروبي، حيث الأوضاع في القدس في أعلى درجات الحرارة وصفيحها يغلي وإعلان بناء أكثر من ألف وحدة سكنية في «القدس الشرقية» يرفع من منسوب التوتر الظاهري ويرسل رسائله إلى كيري حول تمسك الكيان بكل شروطه في أية مفاوضات مع السلطة «لا قدس ولا دولة» فقط تنسيق أمني. ما يجعل الموقف الأميركي أمام خيار واحد تعطيل كل حركة سلطة رام الله في مشروعها للاعتراف بدولة فلسطينية خلال 3 سنوات في الأمم المتحدة.

صفعة جديدة يرى فيها مراقبون حماسة نتنياهو ويعلون اللذين يؤججان من إجراءات سياسة الابارتهايد والفصل العنصري في الضفة الغربية المحتلة، وحرب التهويد المستمرة في القدس مع فصول جديدة «بطلها» نير بركات الذي يتمتع بصلاحيات واسعة في «بلدية القدس» بتشديد سياسة إنفاذ القانون والعقاب ضد سكان «شرق القدس» واستئناف هدم المنازل، وإغلاق أعمال تجارية.

 

اوركسترا الجموع... وشايلوك

إذاً التصعيد في القدس والضفة الغربية المحتلة يعكس ظلال الخطوات التي بدأتها حكومة نتنياهو لفصل الضفة عن غزة، بعد أن شجعها موقف رسمي عربي وصفه الأخير بالشجاع أثناء العدوان على غزة.

فالعدوان أفرز معطيات على الأرض توجت في مؤتمر المانحين «المال السياسي» العائم على نزع سلاح المقاومة وتجريد غزة من عوامل قواتها، وحكومة تشرف على المعابر وهي صاحبة القرار الأول والأخير في قرار السلم والحرب.

ما يقول: إننا أمام مرحلة جديدة أول خطوطها العريضة أن تصبح غزة محاصرة بالمال والعسكر والحدود التي تَضيق. وما يطرح اليوم عن منطقة «عازلة» أو «آمنه» بين رفح الفلسطينية والمصرية بعد العدوان على الجنود المصريين (اليد الصهيونية ليست في منأى عن تلك التطورات ودورها في تسهيل لوجستي للمسلحين كما فعلت في القنيطرة في دعم المسلحين) يفتح بوابة المجهول لتطورات قد تحمل أشكالاً مختلفة من الحصار.

يبدو أن سؤال نتنياهو (هل تشتعل؟) حمل أجوبة في طيات ابتسامة يعلون. فالدعم «العربي الرسمي» لأنظمة بعينها للقضاء على المقاومة «أزهر ربيعه» في عدوان 51 يوماً. وتبدى ذلك في محاور كانت ضاغطة على المقاومة وشعبها، ولم نسمع إلا التنديد الخجول لدخول تلك المحاور في لعبة اصطفافات تقسيم المنطقة ما يعيد أميركا لمربع اللاعب الرئيس بعد هزائم منيت فيها في مناطق كثيرة من العالم.

تستغل حكومة نتنياهو الحاجة الأميركية لتحقيق انجاز في الملف الفلسطيني المرتبط طرداً مع ملفات ساخنة في المنطقة، ومن هذه البوابة تساوم على دور أكبر يمنحها إياه الراعي الأميركي بعد أن ضمنت أنظمة عربية وهي قد دخلت بقوة في الأزمة السورية بدعمها المسلحين لوجستياً بتغاضي واشنطن وحليفها الدولي.

الخطوات الصهيونية المتوقعة هي أن تذهب إلى المزيد من الإجراءات القمعية في الضفة والقدس، والدفع إلى تضييق الخناق على سلطة رام الله وعينها على روابط قرى مرة أخرى، لا تستغني فيها عن السلطة بل تعتمد على رموز معينة.

الأيام المقبلة تحمل تغييرات فارقة وهذه يدركه الاحتلال، فالضفة والقدس تغليان. هل تشتعل؟ قد تشتعل وتُقلب الطاولة... هذا ما تقوله القدس أولاً.

أما غزة فهي أمام ألسنة لهب كثيرة يشتد أوارها، وأقلها الحديث عن حرب جديدة يعد لها الاحتلال. فهل نحن أمام أعتاب رسم ملامح جديدة للمنطقة؟ للمقاومة كلمتها أيضاً.