يترقب الفلسطينيون نتائج مفاوضات القاهرة غير المباشرة مع الاحتلال والمتوقع عقد جولتها الثانية نهاية الشهر الحالي، إذ يُخشى من تكرار أخطاء قد تحدث في أي صفقة تبادل أسرى مقبلة.
ويؤكد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد غنيم، ضرورة استشارة خبراء من أجل عدم الوقوع بأية أخطاء، كما حدث في صفقة وفاء الأحرار (صفقة شاليط). وقال غنيم، خلال ندوة خاصة عقدت يوم الأربعاء الماضي، في مدينة البيرة لنقاش قضية الأسرى الفلسطينيين، إن مفاوضات القاهرة ضمن الوفد الفلسطيني الموحد لن تبحث قضية صفقة تبادل الأسرى المقبلة، لأن أحد الأطراف الفلسطينية يطالب بالتفاوض وحده على قضية الأسرى.
وخلال جولة المفاوضات المقبلة في القاهرة، يصرّ كيان الاحتلال على مبادلة 25 أسيراً فلسطينياً و18 جثماناً لمقاومين قضوا في العدوان "الإسرائيلي" الأخير على غزة، بجثامين جنديين "إسرائيليين" فُقدا في تلك الحرب.
من جهته، يرى نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية قيس عبد الكريم، أن قضية الأسرى الفلسطينيين، وخصوصاً القدامى ما قبل أوسلو وأسرى صفقة وفاء الأحرار، والنواب الأسرى الذين اعتقلوا في الحملة الأمنية الأخيرة، باتت مدخلاً لاستكمال تلك المفاوضات، إلا أن سلطات الاحتلال ترفض ذلك، في محاولة لفصل الضفة عن غزة. ويعتبر الوفد الفلسطيني الموحد أنه لا يتمكن من التفاوض بذلك، لعدم امتلاكه معلومات حول الجنديين "الإسرائيليين" المفقودين.
ويشير رئيس هيئة شؤون الأسرى عيسى قرقع، إلى أنه كان من الأجدر الذهاب إلى محكمة لاهاي لاستصدار فتوى قانونية لتثبيت المكانة الدولية لقضية الأسرى، وخصوصاً بعد الانضمام إلى 15 اتفاقية دولية وحصول فلسطين على عضوية مراقب في الأمم المتحدة، وأن تتصدر قضيتهم سلّم الأولويات، وعدم الخضوع لمساومات الاحتلال.
لكن تفعيل قضية الأسرى تعيش حالة من الجمود، ويعمل الناشطون فيها شعبياً ضمن طرقٍ تقليدية، فضلاً عن الحاجة إلى توحيد الجهود في مساندة قضية الأسرى، إضافة إلى تشتت جهود الحركة الفلسطينية الأسيرة في داخل سجون الاحتلال، ما يوجب على الحركة الوطنية في الخارج العمل على توحيد صفوف الأسرى في ظل ما يتعرضون له من هجمة شرسة غير مسبوقة.
ويتحدث رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، عن تلك الهجمة الشرسة ضد الأسرى، مشيراً إلى أنها تسير وفق قرارات حكومة الاحتلال التي حوّلت الأسرى إلى رهائن، وبدأت قبل تنفيذ صفقة وفاء الأحرار منذ نحو 3 أعوام، حينما صرّح رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بأن على الأسرى الفلسطينيين أن يعيشوا ذات الظروف التي عاشها الجندي الأسير حينها "جلعاد شاليط"، والذي تمّ أسره لدى فصائل المقاومة في قطاع غزة.
ويسعى الاحتلال إلى تحويل معاناة الأسرى إلى حالات فردية، ما يؤكد الحاجة إلى تطوير الجهد الفلسطيني والعمل ضمن برنامج موحد، إذ إن الذهاب إلى المحاكم الدولية غير كافٍ مع عدم استطاعة الأسرى مقاطعة محاكم الاحتلال.
وفي ظل عدم دعوة الأطراف الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة والتباطؤ في ذلك، تؤكد النائب عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في المجلس التشريعي خالدة جرار، أن التأخر ناتج من قضية سياسية، إذ إن من المفترض المواءمة بين ما هو سياسي وقانوني، إلا أن الضعف موجود في عدم وجود خطة وخطوات جدية بما يحقق الحد الأدنى لخدمة قضية الأسرى.
ويدرك القائمون على قضية الأسرى أنها وصلت إلى طريق مسدود في ظل انسداد الأفق السياسي، إذ يؤكد مدير مركز حريات حلمي الأعرج، لصحيفة العربي الجديد أن "الأسرى يواجهون تحدياً غير مسبوق في ظل التركيبة المتطرفة لحكومة الاحتلال التي سنّت قوانين تحظر الإفراج عن الأسرى في أية صفقات تبادل".