لم تعد الحكومة الإسرائيلية ومساندوها من المستوطنين وأنصارهم والقوى اليمينية في "إسرائيل" تكترث لموقف الأسرة الدولية من الاحتلال وممارساته، بل إن هذا الموقف زاد ويزيد في تحدي الحكومة الإسرائيلية للشرعية الدولية الرافضة للاحتلال والاستيطان، وفي إصرارها على مواصلة مخططاتها الاستيطانية والتهويدية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وهناك سيل من التقارير التي تتدفق على وسائل الإعلام بشكل يومي حول الممارسات الاحتلالية الإسرائيلية في أرجاء الأراضي المحتلة، وتصل هذه التقارير لممثلي الدول الكبرى ولمندوبي اللجنة الرباعية الدولية أولاً بأول، دون أن تحرك دولهم ومنظماتهم ساكناً لوقف هذه الممارسات.
وتكتفي تلك الدول والمنظمات، إن قررت أصلاً القيام بأي رد فعل، بالاحتجاجات الصامتة، والبيانات الوصفية التي لا تتضمن أي إدانة قوية، أو حتى مجرد تلميح بإمكانية ممارسة ضغوط على "إسرائيل" لوقف هذه الممارسات، والرجوع لقرارات الشرعية الدولية التي نصت على اعتبار الاستيطان عقبة في طريق "السلام"، كما أن الاحتلال ظاهرة يجب إنهاؤها وبأسرع وقت بعد أن سجلت رقما قياسياً في طولها غير مسبوق حتى في عهود الاستعمار المظلمة.
وخلال يوم واحد، هو يوم أمس الأول نشرت وسائل الإعلام عدداً من التقارير ممارسات إسرائيلية جرت في الأيام القليلة الماضية منها، على سبيل المثال لا الحصر، ما حدث بالأمس حين استولى المستوطنون اليهود على 26 شقة سكنية في بلدة سلوان تحت سمع "السلطات الإسرائيلية" وبصرها، وقبل ذلك بيومين إصابة فتى فلسطيني من قطاع غزة بجراح بعد إطلاق الجنود الإسرائيليين النار في اتجاهه. هذا مع العلم أن هناك اتفاقاً لوقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وفصائل المقاومة الفلسطينية في القطاع، ومع ذلك تنتهك "إسرائيل" هذا الاتفاق دون اكتراث، ومن جانب واحد.
وفي أبو ديس المجاورة للقدس هدمت الجرافات الإسرائيلية أجزاء من مبنى من خمسة طوابق بنفس الذريعة المستهلكة وهي عدم الترخيص، هذا مع أن مالك المبنى حاول استصدار رخصة بناء، لكن السلطات الإسرائيلية استبقت هذه الإجراءات وسارعت لهدم جانب من المبنى.
وفي مقابل هدم المنازل الفلسطينية، وهي ممارسة إسرائيلية معتادة في القدس وفي محيطها بالضفة الغربية، فإن اللجان المختصة في بلدية القدس لا توقف عن إصدار موافقات ومصادقات على بناء مستوطنات جديدة، أو توسيع المستوطنات الموجودة بالفعل. وفي هذا السياق أشارت التقارير أمس الأول إلى مصادقة هذه الجهات على مشروع مستوطنة "جفعات هماتوس" على أراضي بلدة بيت صفافا، والذي ستقام بموجبه 2561 وحدة سكنية استيطانية على أكثر من 900 دونم من الأراضي الفلسطينية. وهذا المشروع، وفقاً للتقارير المنشورة، هو جزء من مشروع أكبر يرمي لبناء 5 آلاف وحدة سكنية ستؤدي لفصل القدس عن المدن الفلسطينية الثلاث بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور.
مرة أخرى وليست أخيرة، يطرح السؤال نفسه: هل هذه الممارسات الإسرائيلية تتم في الخفاء أم أنها تجري علناً وعلى رؤوس الأشهاد؟ ولماذا يسكت العالم عنها ويتسامح معها، مع أنها تنتهك القانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان؟.
الفلسطينيون، أمام القوة الاحتلالية العسكرية والاستيطانية، لا مجال أمامهم سوى اللجوء للقوى الدولية التي نصبت نفسها راعية لعملية "السلام". وهذه القوى ترى بأعينها أن عملية "السلام" تتآكل و"إسرائيل" تنفذ مخططاتها وتقوم بممارساتها دون حسيب أو رقيب. فلمن يشكو الفلسطينيون، ومن هو الذي يملك وقف الممارسات الإسرائيلية التي تهدد الوجود الفلسطيني؟. سؤال برسم الدول التي تقول إنها راعية "للسلام"، وللمنظمات الدولية التي وجدت لوقف هكذا ممارسات ولإنهاء الظواهر الاستعمارية والاحتلالية التي يفترض أن الزمن قد عفّى عليها.
صحيفة "القدس" الفلسطينية