منذ كانون الثاني 2014، تم تسجيل 149 حالة شلل أطفال جديدة في العالم، في تسعة بلدان: باكستان (117)، أفغانستان (8)، نيجيريا (6)، غينيا الإستوائية (5)، الكاميرون (5)، الصومال (4)، إثيوبيا (1)، سوريا (حالة واحدة)، والعراق (حالتان). ولم يسجل لبنان، حتى اليوم، أي حالة
في المقابل، يقول الخبير العالمي كارل تنستمان إن «خطر انتشار شلل الأطفال في لبنان مهم بسبب تسجيل الحالات في سوريا والعراق وحركة النازحين السوريين الوافدين إلى لبنان. ولا يشكل عدد الأطفال الملقحين ضد الفيروس مؤشراً كافياً لنجاح إجراءات الوقاية بل يجب التطلع إلى الأطفال الذين لم يتم تلقيحهم إذ يشكل ولد واحد غير ملقح كارثة محتملة.
يعتبر لبنان، وفق منظمة الصحة العالمية، في خطر بسبب ظهور وباء شلل الأطفال في سوريا والعراق، وتسجيل عينات ايجابية لفيروس شلل الأطفال من البيئة في مصر وغزة والضفة، ووجود حركة سكانية كبيرة من سوريا والعراق وفلسطين إلى لبنان، وضعف التطعيم الأولي للأطفال بلقاح شلل الأطفال الفموي.
ما زال هناك ضعف في لبنان، وفق تنستمان، في آلية التبليغ عن حالات شلل الرخو الحاد Acute Flaccid paralysis التي تتعدد أسبابها ويمكن لها ألا ترتبط بفيروس شلل الأطفال، ما يوجب تحسين نظام الترصد في لبنان. تشير إحصائيات وزارة الصحة العامة إلى تسجيل 23 حالة من شلل الرخو الحاد منذ بدء العام الحالي حتى اليوم. لا ترتبط الحالات المصنفة بالإصابة بفيروس شلل الأطفال. نسبة 58 في المئة من الحالات هي من اللبنانيين، و42 في المئة من السوريين، 65 في المئة من النساء، و47 في المئة من الحالات دون الخمس سنوات.
تكمن المشكلة الأساسية في مواجهة شلل الأطفال في لبنان، وفق الخبيرة في منظمة «اليونيسف» كارينا ماكابي، في عدم فهم طبيعة المرض وخطره بشكل كاف خصوصاً أن كثيرين لا يعرفون المرض (لبنان خال من المرض منذ 13 عاماً)، فشلل الأطفال معد، لا شفاء منه، وأعراضه صامتة عند تسعين في المئة من المصابين.
لذا، يشدد المشاركون في الاجتماع الذي عقدته "الجمعية اللبنانية لطب الأطفال" بالتعاون مع وزارة الصحة العامة، و"منظمة الأمم المتحدة للطفولة" (اليونيسف) و"منظمة الصحة العالمية" و"نقابة الأطباء في لبنان" و"اللجنة الوطنية للإشهاد ضد شلل الأطفال" واللجنة المشرفة على برنامج التحصين الموسع، أمس في "نقابة الأطباء"، بغية وضع أسس الحملة الوطنية للتحصين ضد شلل الأطفال التي سيتم اطلاقها في تشرين الأول المقبل، على ضرورة نشر رسائل عدة في المجتمع اللبناني في شأن الوقاية من فيروس شلل الأطفال ومنها: اللقاح آمن وفعال ومجاني، رفض إعطاء اللقاح لا يستند الى أي قاعدة أو حجة علمية، لا تخوف من تناول أكثر من جرعة، وضرورة أخذ اللقاح الفموي أثناء الحملة لتعزيز المناعة الفردية والمجتمعية.
يوجد نوعان من اللقاح ضد شلل الأطفال. اكتشف العالم الأميركي جوناس سالك اللقاح الأول في العام 1952 وأعلن عنه في العام 1955، ويرتكز على إعطاء فيروس ميت بواسطة الحقن العضلي (IPV)، وطوّر الباحث الأميركي البرت سابين لقاح شلل الأطفال الفموي (OPV) المرتكز على فيروس مخفف موهن يحث جهاز المناعة على مواجهة الفيروس البري واعتمد في العام 1962.
يشرح المستشار في "منظمة الصحة العالمية" الدكتور أحمد درويش أن الحقن العضلي يوفر مناعة فردية بينما يوفر اللقاح الفموي مناعة مجتمعية. يظهر الطفل، الذي حصل على حقنة عضلية، مناعة ضد الإصابة بالفيروس، غير أنه يمكن له أن ينشر العدوى. ما يوجب ضرورة تناول الأطفال، وإن كانوا قد حصلوا على حقنة عضلية، اللقاح الفموي أثناء الحملات الوطنية لتعزيز المناعة المجتمعية.
يشكل تلقيح الأطفال الذين لم يتم الوصول إليهم من قبل، وتحديد أماكن الخطر، وتقوية نظام الترصد الوبائي للشلل الرخو الحاد، وزيادة معدل التغطية بالتطعيم الأولي الأولويات الأساسية لمواجهة خطر انتشار شلل الأطفال في لبنان.