(تقدموا تقدموا كل سماء فوقكم جهنم وكل أرض تحتكم جهنم)... أطفأ سيجارته الأخيرة ورحل... لم يبق لنا من بعدك شيء... أي وداع يليق بقامتك..
ومضى سميح القاسم، الشاعر الذي تمرّد على سرطان الاحتلال أعواماً عديدة لتصعد روحه إلى السماء بعد صراع طويل مع المرض.. رحل شاعرنا الكبير عن عمر ناهز الـ75 عاماً قضاها ما بين سجن واعتقال ونضال ومرض وسفر، لكنه لم يتوان يوماً عن خدمة قضيته وشعبه..
ورغم الألم وجبروت الاحتلال كان القاسم يعلن في كل قصيدة صموده وعروبته ورفضه الانتماء لدولة العدو حتى لو اضطر إلى حمل جنسيتها..
انتشر خبر وفاة القاسم كالنار بين الهشيم وأخذ الوطن يرثيه بكلماته التي انتشرت سريعاً في مواقع التواصل الاجتماعي (أنا لا أحبك يا موت.. لكنني لا أخافك.. وأعلم أن سريرك جسمي.. وروحي لحافك.. وأعلم أني تضيق عليا ضفافك).
صدر له ما يقارب السبعين كتاباً فى الشعر والقصة والأدب وصدرت أعماله فى 7 مجلدات عن دور نشر عدة فى القدس وبيروت والقاهرة، كما ترجم عدد كبير من قصائده إلى الإنجليزية والفرنسية والتركية والروسية والألمانية واليابانية والإسبانية واليونانية والإيطالية والتشيكية والفيتنامية والفارسية والعبرية واللغات الأخرى.
حصل القاسم على العديد من الجوائز والدروع وشهادات التقدير وعضوية الشرف فى عدّة مؤسسات، فنالَ جائزة "غار الشعر" من إسبانيا كما حاز على جائزتين من فرنسا عن مختاراته كما حصل على جائزة البابطين للشعر العربى وحصل مرتين على "وسام القدس للثقافة" من الرئيس الراحل ياسر عرفات، وجائزة نجيب محفوظ من مصر وجائزة "السلام" من واحة السلام، وجائزة "الشعر" الفلسطينية..
صدرت في دول عديدة حول العالم عدة كتب ودراسات نقدية، تناولت أعماله وسيرته الأدبية وإنجازاته وإضافاته الخاصة والمتميزة ليحتار النقاد فى إطلاق لقب مناسب على هذا الصوت العربى الشامخ، فبعضهم قال إنه "هوميروس الصحراء" وقال البعض الآخر إنه "قيثارة" فلسطين وبينما لقبه آخرون بـ"متنبى فلسطين" ووصفه آخرون بـ"الشاعر القديس" "سيّد الأبجدية"، و"شاعر الشمس".
في رحيلك لا نصدق الرواية ولن نصدق الرحيل يوماً:
“يا أيها الموتى بلا موت؛
تعبت من الحياة بلا حياة
وتعبت من صمتي
ومن صوتي
تعبت من الرواية والرواةِ
ومن الجناية والجناة
ومن المحاكم والقضاة