Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

لماذا كل هذا الخذلان للقدس... راسم عبيدات

لماذا كل هذا الخذلان للقدس...  راسم عبيدات

  لا أحد ينتصر لها، سوى أبناءها كما هو حال مخيم اليرموك، لم ينتصر له سوى الغيورين والمخلصين من أبناء شعبنا، كذلك هي القدس، تترك وحيدة للإغتصاب والإستباحة على يد قوات الإحتلال وزعرانه ومستوطنيه،

والشعارات والبيانات والمقابلات الصحفية المتلفزة والمقروءة والمسموعة حولها كثيرة ونارية لغتها وإنشاؤها، واللجان المشكلة باسمها عديدة، وما يصدر عنها من بيانات ليس أكثر من إنشاء وإطناب وإسفاف وإبتذال مللنا سماعه، وقمم تعقد من أجلها، ودعم مؤجل أو على الورق يقر باسمها، لا يصل أغلبه، ولكن تنشر وتشاع أرقامه ومقاديره، لكي يزيد من إحباط المقدسيين إحباطاً على إحباط، ويسعر من حدة الخلافات والإتهامات فيما بينهم، حول دعم لم يصل، وتثار أسئلة وإتهامات من طراز، أين يذهب مثل هذا الدعم الورقي..؟؟

والناس لا تتعاطى أو تقتنع بسهولة بالحقائق أو الوقائع، فنحن في مجتمعات تربت على تصديق الإشاعة والتعامل معها على أساس أنها حقيقة، فنحن أمة تحجر على العقل والفكر، وتطلق العنان لعواطفها ومشاعرها، فهناك من هو على قناعة تامة بأن مئات الملايين بل مليارات الدولارات من الدعم العربي والإسلامي تصل إلى القدس، إستناداً إلى ما يصدر عن القمم والمؤتمرات العربية والإسلامية التي تعقد من أجل القدس من بيانات ومعلومات وقرارات، وهذا لا ينفي وجود فساد ومرتزقة ومنتفعين ولصوص، حتى أن البعض عندما سمع بخبر أن القمة العربية الأخيرة في الدوحة أقرت (500) مليون دولار لدعم القدس، سارع إلى إنشاء الشركات والمؤسسات، تحت يافطة وذريعة الإستثمار في القدس، حتى "يناله من الحب جانب"، ولكن إكتشف لاحقاً بأن ذلك مجرد سراب.

ولكن لا يجوز ولا ينبغي، التعاطي مع أهل المدينة على أساس أننا نقدم لكم الدعم، ولكن هذا الدعم لا يبان له أثر أو يصرف في مواضيع وخانات ليست مجدية أو مفيده، فالقدس فيها الكثير من الأحرار والشرفاء والعناوين المؤتمنة لمن يريد دعم القدس حقاً، وليس عملاً بالقول المأثور، كمن لم يرد الصلاة، ووجد الجامع مقفلاً ليقول "اجت منك يا جامع".

وأهل القدس الذين يعيشون على الأمل، والمالكون لإرادتهم ويتولون مقارعة الإحتلال يومياً، والمستهدف لهم في كل تفاصيل حياتهم اليومية، باتوا على قناعة تامة بأنه "لن يحرث الأرض غير عجولها"، ولكن هم يستبشرون خيراً وربما يقولون بأن اللجان والقمم التي تعقد من أجل القدس، ربما باتوا على قناعة بأن الخطر داهم وجدي على القدس، وشعروا بصحوة أو وخزة ضمير من أجلها وأجل أقصاها المهدد فعلياً بالتقسيم.

وأهل القدس كما الغريق الذي يتعلق بقشه من أجل النجاة، فهم يباركون ويدعمون أية مبادرة أو مؤتمر شعبي أو صحفي أو لقاء يعقد لتسليط الضوء على قضاياهم وهمومهم والإنتهاكات والإجراءات القمعية التي يمارسها الإحتلال بحقهم، ويمنون النفس بأن يكون ذلك بداية تعاط جدي مع قضاياهم، ولكن يكتشفون بأن "الخل أخو الخردل" فقرار الدعم للقدس والمقدسيين، ليس بيد أي حاكم عربي، بل هناك من يعطي الأوامر لهؤلاء العربان، لمن يتبرعوا وحجم هذا التبرع وأوجه صرفه، وأمريكا تراقب كل مساعداتهم ودعمهم ومصارفهم، ومن يقدم على الدعم دون أوامرها، يغلق المصرف وتصادر أمواله، وهنا في حادثة بسيطة وتجربة مررت بها شخصياً، ذهبت لتحويل مبلغ بسيط لإبني الدارس في إسبانيا عن طريق أحد البنوك، ومن كثرة الأوراق الموقعة والأسئلة، شعرت بأنني ربما أريد بهذا المبلغ البسيط تخصيب يورانيوم، فكيف بمن يريد أن يرسل مبالغ كبيرة لدعم مشاريع في القدس، أو من أجل تعزيز صمود وبقاء المقدسيين..؟؟.

منذ فترة ونحن نسمع عن صندوق فلسطيني سيشكل باسم القدس عقدت حوله الكثير من اللقاءات والإجتماعات، والحديث يدور عن صندوق برأسمال (100) مليون دولار، سيساهم فيه رجال أعمال فلسطينيون، من الداخل والخارج، كخطوة عملية تغنينا عن التسول و"الشحدة" المغمسة بالدم والكرامة، من عربان فاقدين لإرادتهم ونخوتهم وقرارهم وكرامتهم، وقلنا بأن ذلك سيكون بمثابة خطوة عملية تضعنا على الطريق الصحيح، ولكن يبدو بأن الأجندات الخاصة والمصالح والتزاحم على من يكون مسؤولاً عن هذا الصندوق، لن تخرجه إلى حيّز الفعل والتنفيذ، على الرغم بأن المؤتمرات والندوات الإقتصادية التي يعقدها رجال أعمال فلسطينيين، يقولون بأن الإستثمار مجد ومربح في القدس، في أكثر من مجال وقطاع وبالذات في الإسكان وقطاع الفندقة والسياحة، ولكن من ينظرون حتى من رجال الأعمال لذلك، يحجمون عن الإستثمار في القدس، ويبدو بأن القدس هي خارج حساباتهم، ويقتربون من موضوعها ويصرخون باسمها، فقط لكي تكون شماعة وعنواناً لجلب الدعم والمال باسمها.

نحن في القدس سنضع من يعمل لأجل القدس، ومن يستثمر لصالحها أو يقيم وقفية أو صندوقاً باسمها فوق رؤوسنا، وسنقلدهم التيجان والنياشين، وسنقيم لهم التماثيل، ويكفي القدس المزيد من الخذلان، فمن يريد أن يخدم ويقدم للقدس، سيجد أيدي المقدسيين ممدودة له، ومن يخشى أن تنفق أمواله في غير موضعها أو مكانها، فهناك طريق سهل للحماية والضمان، يشتري عقاراً او أرضاً في القدس وبالذات في بلدتها القديمة، ويوقفها، وهكذا يساهم في حماية القدس من خطر التهويد، ويستثمر عقاره أو أرضه لصالح المقدسيين كمؤسسة أو جمعية، أو حتى للسكن.

فبدلاً من أن تستثمروا أموالكم في أوروبا أو تتبرعوا بها لصالح مؤسسات أوروبية، فهناك القدس، ليس من ناحية دينية وحضارية وقومية ووطنية، بل ومن ناحية استثمارية، تستثمرون ويكون استثماركم جزءاً من واجب قومي ووطني وديني تجاه المدينة ومقدساتها.