تعمد الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه على قطاع غزة، إخراج مستشفيات الشمال عن الخدمة عبر استهدافها المباشر، وفرض حصار خانق لتدمير مقومات الحياة وتهجير الفلسطينيين قسرا.
ودائما كان قصف الاحتلال للمستشفيات بذريعة أن المقاومة الفلسطينية تستخدمها لأغراض عسكرية أو للاحتماء فيها، وهذا ما نفته المقاومة جملة وتفصيلا، داعية إلى تشكيل لجنة دولية لزيارة المستشفيات ودحض رواية الاحتلال وأكاذيبه.
مستشفى كمال عدوان، المشفى الوحيد المتبقي في شمال قطاع غزة، بعد تدمير عشرات المشافي، يتعرض إلى هجمات إسرائيلية متكررة. فقبل أيام، استهدفه جيش الاحتلال بأكثر من مئة قذيفة، ودمر أجزاء منه.
هذا المستشفى سبق وأن استشهد فيها عشرات الأطفال نتيجة سوء التغذية وفقدان الدواء، كما شهد استشهاد نجل مدير المستشفى الدكتور حسام أبو صفية الذي بقي صامدا برفقة كوادره الطبية رافضا أوامر الاحتلال بالإخلاء ومتمسكا بواجبه الإنساني والوطني.
مديرالمستشفى أبو صفية، الذي أصيب أيضا، أكد أن الاحتلال يستخدم أسلحته وطائراته لتدمير محيط المستشفى وأجزاء منه لترويع الكوادر الطبية وإخراجه عن الخدمة، داعيا المجتمع الدولي للتدخل بشكل عاجل ووقف العدوان ضد النظام الصحي الذي يتعرض لهجوم مستمر ليلا نهارا.
بدوره المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ومقره جنيف، أكد أن "إسرائيل تفرض حصارا وتقتل وتصيب المرضى والطواقم الطبية، في إطار سعيها لتهجير الفلسطينيين".
خلال هذه الحرب الشرسة التي بدأت في السابع من أكتوبر العام الماضي، كانت المنظومة الصحية هدفا أساسيا للاحتلال، سعى إلى إسقاطها بإحراق وتدميرمعظم مستشفيات غزة، واعتقال وقتل كوادر طبية ومرضى وجرحى دفنهم في مقابر جماعية داخل المستشفيات، خصوصاً مستشفى كمال عدوان، ومجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة ومجمع ناصر الطبي في خانيونس.
ربما كانت من أبشع المجازر التي طالت المنظومة الصحية، تدمير وإحراق مجمع الشفاء الطبي بعد اجتياحه الثاني في 18 مارس/آذار، حين ارتكب جيش الاحتلال على مدار أسبوعين جرائم إعدام وقتل بحق نحو 400 فلسطيني، وأنهى قصة أحد أكبر المجمعات الطبية بغزة.
وقبل الشفاء، كانت مجزرة المعمداني في 17 أكتوبر/تشرين الأول، حيث استشهد نحو 500 شخص معظمهم من الأطفال والنساء.
ولم يسلم مجمع ناصر الطبي بخانيونس من عدوان الاحتلال، حاصرته قواته وحولته إلى ثكنة عسكرية بذريعة وجود أسرى إسرائيليين محتجزين فيه.
واستهدفت مقر الإسعاف وخيام النازحين، وجرفت المقابر الجماعية داخل المجمع.
كما أجبر الاحتلال من تبقى من النازحين وعائلات الطواقم الطبية على النزوح القسري من المجمع تحت القصف والتهديد. كذلك أجبر إدارة ناصر الطبي على إخلاءها وإبقاء مرضى العناية المركزة بدون طواقم طبية.
والأفظع من ذلك ما حصل في مشفى النصر في مدينة غزة حيث تم العثور على 5 أطفال رضع موتى وبحالة تحلل في حضانة المستشفى بعد أن تُركوا لمصيرهم وحدهم مدة 3 أسابيع بما يرتقي إلى جريمة إعدام مروعة وجريمة ضد الإنسانية. كل هذا والعالم يقف متفرجا.
في غضون عام، دمر جيش الاحتلال 34 مستشفى، واستهدف 162 مؤسسة صحية، وأخرج 80 مركزاً طبيا عن الخدمة، كما دمر131 سيارة إسعاف، فيما استشهد 986 من الطواقم الطبية فضلاً عن اعتقال 310 من العاملين في القطاع الصحي، وفق إحصائية للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
هذا التدمير الممنهج للقطاع الصحي أدى إلى انتشار الأوبئة مع عجز الطواقم الطبية عن التعامل معها أو حصرها، كانتشار مرض الكبد الوبائي وتفشي الأمراض الجلدية بين الأطفال، وانتشار مرض شلل الأطفال بعد تدمير البنية التحتية وشبكتي المياه والصرف الصحي، قبل إطلاق حملة تطعيم واسعة.
واليوم، بعد عام وأكثر، يجد الفلسطينيون في غزة صعوبة بالغة في الحصول على الرعاية الصحية في ظل تواصل العدوان وتدمير غالبية المستشفيات والعيادات، يحرمون أطفالا ونساء وشيوخا من حقهم في الغذاء والدواء والعلاج ضمن حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال في ظل غياب المسائلة القانونية والدولية.