يعتبر الشهيد القائد يحيى السنوار، أبزر قيادات حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وأكثرهم جدلا وشعبية، وقد زادت تلك الشعبية بعد إطلاقه عملية "طوفان الأقصى"، والتي أعقبها عدوان إسرائيلي مدمر ومستمر على قطاع غزة.
وقد وصفه الاحتلال الإسرائيلي بأنه "العقل المدبّر" للعملية التي نفذتها حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" وفصائل فلسطينية أخرى في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ضد مواقع عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في غلاف غزة.
فمن هو يحيى السنوار؟
هو يحيى إبراهيم السنوار، الفلسطيني المولود عام 1962، في مخيم خان يونس، لاجئاً من عسقلان المحتلة.
إنّه أبو إبراهيم، الذي استُشهد متبوّئاً منصب رئيس المجلس السياسي لحركة حماس، خلَفاً لأبي العبد، إسماعيل هنية، الشهيد أيضاً.
درس اللغة العربية، وساهم في تأسيس كلية الآداب في الجامعة الإسلامية في قطاع غزة.
وفي عام 1985، أسس السنوار الجهاز الأمني لجماعة الإخوان المسلمين، الذي عُرف باسم “المجد” آنذاك.
وكان عمل الجهاز يتركز على مقاومة “الاحتلال الإسرائيلي” في غزة، ومكافحة المتعاونين معه من الفلسطينيين.
ساعد النشاط الطلابي السنوار، على اكتساب خبرة وحنكة أهلته لتولي أدوار قيادية في حماس، بعد تأسيسها عام 1987.
وإلى جانب اللغة العربية، التي كتب فيها روايته "الشوك والقرنفل" في داخل السجن، تعلّم الشهيد السنوار العبرية خلال الأسر، فأجادها وأتقنها وعرف، عبرها، عدوه جيداً، وله العديد من المؤلفات والترجمات السياسية والأمنية، من أبرزها: منها كتاب “حماس التجربة والخطأ”، وكتاب “المجد” الذي يرصد عمل جهاز “الشاباك”، كما ألف العديد من الأدبيات الأمنية التي أسست للتجربة الأمنية لحماس.
اعتقاله
في 1982، اعتقل الجيش الإسرائيلي السنوار، لأول مرة، ثم أفرج عنه بعد عدة أيام، ليعاود اعتقاله مجدّدًا في العام ذاته، وحينها حُكم عليه بالسجن لـ6 أشهر بتهمة “المشاركة في نشاطات أمنية ضد إسرائيل”.
وفي 20 يناير/ كانون الثاني 1988، اعتقلت إسرائيل السنوار وحكمت عليه بالسجن مدى الحياة أربع مرات، بالإضافة إلى 30 سنة، بعد أن وجهت له تهمة “تأسيس جهاز (المجد) الأمني، والمشاركة بتأسيس الجهاز العسكري الأول للحركة، المعروف باسم (المجاهدون الفلسطينيون)”.
وقضى السنوار 23 سنة متواصلة داخل السجون الإسرائيلية، منها نحو 4 سنوات منها في العزل الانفرادي.
وخلال فترة سجنه الطويلة، تولى قيادة الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس في السجون الإسرائيلية دورات عدة.
وقاد سلسلة من الإضرابات عن الطعام للمطالبة بحقوق الأسرى، والتي كانت أبرز محطاتها في أعوام 1992، و1996، و2000، و2004.
إطلاق سراحه
وفي 11 أكتوبر 2011، أطلقت الاحتلال الإسرائيلي سراح القائد السنوار ضمن صفقة لتبادل الأسرى مع حركة حماس، مع مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط -الذي خطط أخوه محمد السنوار ونفذ عملية أسره-، وعُرفت الصفقة باسم “صفقة وفاء الأحرار”، وبموجب الصفقة أُطلق سراح 1027 معتقلا فلسطينيا مقابل إطلاق شاليط.
قيادة حماس في غزة
عقب خروجه من السجن في 2011، شارك السنوار في الانتخابات الداخلية لحركة حماس في 2012، وفاز بعضوية المكتب السياسي للحركة، وتولي مسؤولية الإشراف على الجهاز العسكري “كتائب القسام”.
وفي العام 2015 وُضع الرجل على قائمة المطلوبين الأوائل للكيان الإسرائيلي، والذي أدرجت اغتياله ضمن أهداف العدوان المستمر على قطاع غزة منذ أكثر من عام.
أما في العام 2017، فقد تم انتخابه رئيسا للحركة في قطاع غزّة.
السنوار رئيسًا لحماس خلفًا لهنية
في 6 آب/أغسطس من العام الجاري أعلنت حركة حماس اختياره رئيسًا لمكتبها السياسي خلفًا لإسماعيل هنية الذي تم اغتياله في طهران في 31 يوليو/ تموز الماضي.
مهندس عملية “طوفان الأقصى”
يوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 ، كان العلامة الفارقة في تاريخ الشهيد السنوار، فقد أطلق عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها فصائل فلسطينية بغزة، بينها حماس و”الجهاد الإسلامي”، ضد مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية محاذية، كا يعرف بغلاق غزة، وألحقت خسائر بشرية وعسكرية كبيرة بالإسرائيليين جنودا ومستوطنين، وأثر سلبا على سمعة أجهزة الاحتلال الأمنية والاستخباراتية على المستوى الدولي.
نتيجة لذلك، أعلنت بدء حربها المدمرة على قطاع غزة والمستمرة حتى اليوم، والتي خلفت مئات الآلاف بين شهداء وجرحى، إضافة إلى النازحين والمفقودين وكذلك تدمير المنازل والبنى التحتية للقطاع، كما أعلنت أن القضاء عليه يعد أحد أبرز أهداف حرب الإبادة الجماعية الحالية على غزة.
فيما كشفت القناة “12” العبرية الخاصة أن جهاز الاستخبارات الداخلية “الشاباك” شكّل وحدة خاصة لاغتياله.
ففي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قالت صحيفة يديعوت أحرونوت "إنَّ السنوار ليس حيًا فحسب، وإنما لديه القدرة الكبيرة على المناورة والتلاعب بأعصاب الإسرائيليين".
لكن السنوار، كان صانع القرار الوحيد على مدى أشهر من المحادثات التي لم يحالفها النجاح لوقف إطلاق النار بقيادة قطر ومصر والتي ركزت على مبادلة أسرى فلسطينيين بالأسرى الإسرائيليين، حسبما نقلت وكالة "رويترز" عن ثلاثة مصادر من حماس، وبحسب المصادر، كان المفاوضون ينتظرون أيامًا للحصول على ردود تمر عبر سلسلة سرية من الرسل.
ولم يظهر السنوار علانية منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وعلى مدار عام كامل من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فشل جيش الاحتلال في تحديد مكانه رغم أنه نشر مقطع فيديو زعم أنه يظهر السنوار وهو يمر عبر نفق في مدينة خانيونس، كما ادعى الاحتلال أنه حاصر منزل السنوار ويعرف مكانه.
وفي منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي، أكد السنوار في رسالة بعثها إلى زعيم جماعة أنصار الله الحوثيين في اليمن عبد الملك الحوثي جاهزية حركة حماس لخوض "معركة استنزاف طويلة" مع "إسرائيل" في قطاع غزة.
استشهاده مشتبكا مع الاحتلال
في السابع عشر من أكتوبر الجاري، أي بعد أكثر من عام على بدء العدوان وملاحقة الاحتلال له، أن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أن "قوة تابعة له من اللواء 828 رصدت وقتلت 3 من عناصر حماس خلال اشتباك جنوبي قطاع غزة، وبعد استكمال عملية فحص الحمض النووي يمكن التأكيد أن السنوار قُتل”.
نعي حماس للشهيد السنوار
ونعت حركة حماس الجمعة رئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار، مؤكدة أن ذلك سيزيدها "قوة وصلابة". وقال عضو المكتب السياسي للحركة خليل الحية في كلمة متلفزة: "ننعى القائد الوطني الكبير الأخ المجاهد الشهيد يحيى السنور"، مضيفا أن قتل السنوار "وكل القادة ورموز الحركة الذين سبقوه... لن يزيد حركتنا ومقاومتنا إلا قوة وصلابة وإصرارا على المضي في دربهم.
محاولات اغتيال سابقة
وسابقا، نجا القائد السنوار، الملقب بـ”الرجل الحي الميت” من عدة محاولات إسرائيلية لاغتياله، منها محاولة في 11 أبريل/ نيسان 2003 بواسطة زرع جسم ملغم في جدار منزله بمدينة خان يونس جنوبي غزة، وأخرى في مايو/ أيار 2021 خلال الحرب الإسرائيلية الرابعة على غزة.
وخلال الأشهر الماضية، قال الجيش الإسرائيلي، مرات عدة، إنه يقترب منه، لكن المطلوب الأول في إسرائيل نجا في كل مرة.