قال البروفيسور الإسرائيليّ الأميركيّ عومر بارتوف، الباحث بقضايا المحرقة والإبادة الجماعيّة في جامعة براون بالولايات المتّحدة الأميركيّة، إنّ إسرائيل ارتكبت أعمال إبادة جماعيّة في غزّة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأوّل الماضي.
وأشار بارتوف إلى أنّ الجيش الإسرائيليّ استهدف "عمدًا" المستشفيات والمدارس والمساجد والبنية التحتيّة والمنازل في غزّة، وأنّ السكّان المدنيّين تعرّضوا للقصف في "مناطق آمنة - غير آمنة".
واستذكر البروفسور تصريحاته قبل نحو 9 أشهر بأنّ الحرب الإسرائيليّة "تشكّل جريمة حرب، لكنّها لم تصل بعد إلى مستوى الإبادة الجماعيّة"، مبيّنًا أنّ تقييمه بهذا الاتّجاه تغيّر بعد الهجوم على مدينة رفح جنوب قطاع غزّة.
وقال إنّ العقليّة الّتي تهدف إلى جعل غزّة غير صالحة للسكن لـ 1.5 مليون مدنيّ "ليس لديها أحكام قيميّة على حياة الإنسان وبالنسبة لي، هذا الوضع ليس فقط عقليّة تتجاهل حياة الإنسان".
وأوضح أنّ "هذا يعني أنّه لا يمكن العيش في غزّة من خلال العمليّات العسكريّة والعقليّة الّتي تهدف إلى جعل الحياة مستحيلة من خلال إضعاف السكّان بالمرض والجوع".
وذكر بارتوف بأنّ القوّات الإسرائيليّة أبعدت وهجرت قسريًّا نحو مليون فلسطينيّ من أراضيهم خلال نكبة العام 1948، وأنّها أقامت دولة إسرائيل على أراضي الفلسطينيّين، وأنّ العدوان المستمرّ عليهم جزء من جهد يتمّ "بتناغم" مع الإجراءات السابقة.
وتطرّق بارتوف في حديثه إلى إعداده بحثًا حول "تصرّفات الجيش النازيّ خلال الحرب العالميّة الثانية" خلال دراسته الأكاديميّة وأنّه التقى أيضًا بجنود إسرائيليّين مؤخّرًا.
وأضاف أنّ عقليّة الجنود الإسرائيليّين الّذين شاركوا في الحرب على غزّة تشبه إلى حدّ كبير عقليّة الجنود الألمان في الحرب العالميّة الثانية.
وقال: "كان التصوّر الواقع في أذهانهم هو أنّ الناس الّذين يقاتلونهم عدوّ ماكر وخطير ومرتكب إبادة جماعيّة، وكانوا يعتقدون أنّه إذا انتصر هذا العدوّ، فسيتمّ تدميرهم".
وأشار إلى أنّ الجنود الإسرائيليّين والنازيّين على حدّ سواء يعتبرون أنفسهم "ضحايا للإرهاب والإبادة الجماعيّة والقتل"، قائلًا في هذا الصدد "إنّهم يعتقدون أنّ ما فعلوه كان صحيحًا تمامًا وأنّ عليهم القيام به".
وذكر أنّ الجنود الّذين يتمتّعون بهذه العقليّة "لا يستطيعون إثبات أيّ شعور بالتعاطف مع المدنيّين الأبرياء" بسبب طريقة تفكيرهم، وأشار إلى أنّ الحرب الإسرائيليّة على غزّة "لا يمكن القول إنّها تعادل المحرقة".
وشدّد بالقول: "يجب أن أتوصّل إلى نتيجة مفادها أنّ إسرائيل ترتكب حاليًّا أعمال إبادة جماعيّة في غزّة، وليس من الضروريّ مقارنة ذلك بالمحرقة".
واستدرك: "لقد كانت المحرقة أكبر إبادة جماعيّة في التاريخ وكانت مختلفة تمامًا عمّا نراه الآن، لكنّ هذا لا يعني أنّ إسرائيل لن تتحمّل مسؤوليّة ما فعلته".
وفيما يتعلّق بالأوضاع في الضفّة الغربيّة المحتلّة، قال بارتوف إنّ هجمات الإسرائيليّين الّذين اغتصبوا أراضي الفلسطينيّين، لها "تاريخ طويل ترعاه الدولة".
وأضاف: "ما نراه في الضفّة الغربيّة هو تطهير عرقي يتقدّم ببطء يقوم به المستوطنون، ليس فقط المستوطنين، بل أيضًا العناصر المتطرّفة بينهم".
وأكمل: "الجيش الإسرائيليّ الّذي من المفترض أن يسيطر على هذا الوضع متواطئ، وإذا نظرت إلى الصور سترى أنّ العديد من الأشخاص الّذين يرتدون الزيّ العسكريّ هم من المستوطنين، المستوطنون أعطوا الزيّ الرسميّ ومسلّحين".
وذكر بارتوف أنّ هذا الوضع كان "سياسة حكوميّة" لكنّ الحكومة لم تعبّر عنه بوضوح، وأشار إلى أنّ السياسة في الضفّة الغربيّة كانت "خلق ظروف مستحيلة بشكل متزايد للفلسطينيّين".
وشدّد على أنّ تصرّفات إسرائيل في الضفّة الغربيّة سبّبت "ضررًا كبيرًا" للفلسطينيّين، و"إذا لم يتغيّر هذا الوضع، فإنّ الثمار الفاسدة الناجمة عن عدم مواجهة حقيقة أنّ إسرائيل تحتلّ عددًا سكّانيًّا كبيرًا مثل السكّان اليهود في ستزداد البلاد تدريجيًّا".