تحدث الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، اليوم الثلاثاء، بمجلس الأمن، بالأدلة ولغة الأرقام عن حرب التجويع التي يمارسها الكيان الصهيوني على الفلسطينيين في قطاع غزة، من أجل دفعهم لترك أرضهم، في إطار مخطط التهجير الذي يسعى لتنفيذه.
وأكد بن جامع، خلال مداخلة خُصّصت لمنطقة الشرق الأوسط وفلسطين، على حتمية التدخل العاجل لمجلس الأمن في غزة، في ظل الأوضاع المأساوية التي يعيشها الفلسطينيون، بشهادة التقارير الدولية التي تؤكد استفحال مأساة الجوع في مناطق القطاع.
وفي هذا السياق، خاطبَ ممثل الجزائر أعضاء مجلس الأمن قائلاً: “في الوقت الذي نناقش فيه عدد الشاحنات التي تدخل إلى غزة، وكيفية إجبار المحتل على احترام التزاماته المرتبطة بالقانون الإنساني، يموت الناس في غزة من الجوع. إنه أسوأ وضع لم يوثق على الإطلاق”.
وأكد أن “علينا أن نتحرك اليوم، فحياة الفلسطينيين مهددة بالجوع والأمراض، بدون تدخل عاجل سيشهد العالم مأساة إنسانية ستكتب في أحلك صفحات التاريخ”.
وفي حديثه، وصف بن جامع الوضع الإنساني في غزة بـ “الكارثي”، بعد تسعة أشهر من تفعيل آلة الحرب الصهيونية ضد أهالي غزة العزل، مؤكّداً أنّ الكيان الصهيوني يواصل استخدام التجويع كأسلوب حرب في قطاع غزة. واستشهد بتقرير المديرة التنفيذية لمنظمة الغذاء العالمي، الذي أكد أنه لا يمكن تجنّب المجاعة في غزة، إلا بضمان الوصول “الفوري والكامل” للمساعدات الإنسانية إلى شمال القطاع.
واليوم، يقول السفير، إن القرار رقم 2720 ، الذي اعتمده مجلس الأمن في كانون الأول/ديسمبر الماضي، أثبت عدم نجاعته. وكان هذا القرار قد دعا إلى وضع آلية تهدف إلى تسهيل وتبسيط عمليات وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وهي الآلية التي تم تقديمها على أساس حل للعوائق التي فرضتها إدارة المحتل الصهيوني”.
وتكشف الأرقام، وفق بن جامع، أنّ “حوالي 100 شاحنة كانت تدخل يومياً إلى غزة عندما تم اعتماد هذا القرار، مقابل 500 شاحنة قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر، واليوم يواصل الفاعلون الإنسانيون مواجهة العديد من الصعوبات للدخول إلى غزة”، حيث إنّ وصول المساعدات الإنسانية الى قطاع غزة، أصبح “محدوداً للغاية”، إذ تم تسجيل دخول 73 شاحنة في اليوم كحد أقصى، خلال شهر حزيران/يونيو المنصرم.
واعتبر ممثل الجزائر أن “هذا العدد المحدود هو نتيجة سياسة المحتل المتعمدة التي تستخدم التجويع كسلاح حرب، إذ يتم استخدام الجوع والخوف لإخضاع الفلسطينيين ولتحويل حياتهم إلى جحيم حقيقي”، متسائلاً: “كيف يمكننا أن نبرر تدمير معبر رفح، الذي أصبح الآن خارج الخدمة؟ وكيف يمكن تبرير كل هذه العقبات البيروقراطية التي تفرضها سلطات الاحتلال على دخول المساعدات الإنسانية؟”.
أما الزيادة الاستثنائية التي بلغت 169 شاحنة، والتي كانت تدخل يومياً إلى قطاع غزة، في نيسان/أبريل الماضي، تثبت، حسبه، أنّ “سيولة مرور المساعدات الإنسانية مرتبطة حصرياً بالضغط الدولي، ومع الأسف كذلك بإرادة المحتل”.
وفي سياق محاصرة الفلسطينيين، ثبت، وفق بن جامع، استحالة استمرار عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في قطاع غزة، قائلاً: “إنه غير مقبول أن تبقى الأونروا محلاً للاستهداف، فالأونروا لا يمكن تعويضها”.
ولفت السفير إلى أنّ قوات الاحتلال الصهيوني تواصل هجماتها على الشرطة المحلية الفلسطينية خلال عمليات تسليم المساعدات الإنسانية، مشيراً إلى أن “لا أحد اليوم يريد تحمّل مخاطر مرافقة قوافل المساعدات الإنسانية، لأنها ستكون هدفاً لقوات الاحتلال، وهو ما يعتبر جزءاً من السياسة الرامية إلى تدمير النظام المدني ودفع الغزاويين خارج أرضهم”.
وكانت الجزائر، خلال الأيام الأخيرة، بوصفها عضواً غير دائم في مجلس الأمن، قد طلبت، في عدة مناسبات، من هذه الهيئة الأممية التدخل. وجددت، على لسان ممثلها الدائم لدى مجلس الأمن الدولي، عمار بن جامع، المطالبة بفرض عقوبات على الكيان الصهيوني، لعدم امتثاله لقرارات مجلس الأمن، مع الدعوة إلى وقف المجازر في غزة وعنف المستوطنين الصهاينة بالضفة الغربية.
ولفت بن جامع إلى أن الهدف من وحشية الاحتلال الصهيوني واضح، وهو “نكبة أخرى”، من خلال تدمير قطاع غزة وتهجير شعبها. وتابع قائلاً: “إننا نضم صوتنا إلى إنذار الأمين العام للأمم المتحدة ضد خطر التصعيد في المنطقة”، لافتاً إلى أن “خطر اتساع النزاع بالشرق الأوسط حقيقي الآن، وينبغي أن نتجنّبه، وأن استمرار العنف لا يخدم أي مصلحة”.
إلى ذلك، نبّه السفير إلى أن الأوضاع في الضفة الغربية ليست أفضل حالاً من الوضع الكارثي في قطاع غزة، مؤكداً أن الحالة في الضفة الغربية ستتدهور أكثر إن لم يتوقف الاحتلال الصهيوني عن سياسة الإرهاب والتوسع والاستيطان، داعياً إلى ضرورة امتثاله (الكيان الصهيوني) الكامل للقرار 2334 كون “قرارات مجلس الأمن ملزمة، ويجب أن تنفذ”.