أمرت محكمة العدل الدولية، اليوم الخميس، إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال بضمان توفير مساعدة إنسانية عاجلة لقطاع غزة دون تأخير، مؤكدة أن "المجاعة وقعت" في القطاع الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وقالت المحكمة وهي أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة ومقرها في مدينة لاهاي الهولندية إن "على إسرائيل ... اتخاذ كافة الإجراءات الضرورية والفعالة لضمان من دون تأخير ... إمدادات من دون عراقيل ... لخدمات أساسية ومساعدات إنسانية تشتد الحاجة لها" في قطاع غزة.
وجددت المحكمة التأكيد على أوامرها التي أصدرتها في 26 كانون الثاني/يناير الماضي، عقب الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة، حيث تضمن الأوامر حينها أن على إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، اتخاذ جميع التدابير لمنع الأفعال المحظورة بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية، واتخاذ إجراءات لضمان توفير الاحتياجات الإنسانية الملحة لقطاع غزة بشكل فوري.
كما قررت المحكمة أن على إسرائيل منع التحريض على الإبادة الجماعية في قطاع غزة، ومعاقبة كل من يحرّض على ذلك، وأن عليها اتخاذ إجراءات لمنع تدمير والحفاظ على الأدلة المتعلقة بارتكاب إبادة جماعية.
وأشارت المحكمة في أوامرها الجديدة إنها لاحظت تدهور الظروف المعيشية الكارثية في قطاع غزة منذ 26 كانون الثاني/يناير 2024، في ظل الحرمان الواسع النطاق من الغذاء وغيره من الضروريات الأساسية، لافتةً إلى أن الفلسطينيين في قطاع غزة لا يواجهون الآن خطر المجاعة كما هو مذكور في الأمر الصادر في 26 كانون الثاني/يناير، ولكن هذه المجاعة بدأت في الظهور.
وأوضحت المحكمة أن تدابيرها المؤقتة الصادرة في كانون الثاني/يناير "لا تعالج العواقب بشكل كامل الناشئة عن تغيرات الوضع...ما يبرر تعديل هذه التدابير".
وأمرت المحكمة، بالإجماع، إسرائيل باتخاذ جميع التدابير اللازمة والفعالة لضمان التنفيذ الكامل دون تأخير وبالتعاون مع الأمم المتحدة، لإيصال الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها، بما في ذلك الغذاء والماء والكهرباء والوقود والمأوى والملابس ومتطلبات النظافة والصرف الصحي، وكذلك الإمدادات الطبية والرعاية الصحية للفلسطينيين في جميع أنحاء غزة، بما في ذلك عن طريق زيادة الطاقة الاستيعابية وعدد المعابر البرية وإبقائها مفتوحة.
كما أمرت المحكمة إسرائيل، بشكل فوري ضمان عدم قيام قواتها العسكرية بارتكاب أعمال تشكل انتهاكًا لأي من حقوق الفلسطينيين في غزة كمجموعة محمية بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، بما في ذلك عن طريق منع إيصال المساعدات الإنسانية المطلوبة بشكل عاجل.
وأمرت المحكمة إسرائيل، بتقديم تقرير لها بشأن جميع التدابير المتخذة لتنفيذ هذه الأوامر خلال شهر من تاريخ صدورها.
وكانت جنوب إفريقيا قد رفعت في التاسع والعشرين من شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي دعوى ضد إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، على خلفية تورطها في "أعمال إبادة جماعية" ضد شعبنا في قطاع غزة، وأيدتها عشرات الدول، في سابقة تاريخية في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.
وقدمت جنوب إفريقيا إلى المحكمة ملفا محكما من 84 صفحة، جمعت فيه أدلة على قتل إسرائيل لآلاف الفلسطينيين في قطاع غزة، وخلق ظروف "مهيئة لإلحاق التدمير الجسدي بهم"، ما يعتبر جريمة "إبادة جماعية" ضدهم.
وعقدت المحكمة جلسات استماع علنية، في 11 و12 كانون الثاني/يناير الماضي، بشأن الدعوى، قبل أن تصدر أوامر مؤقتة في 26 كانون الثاني/يناير، علما أن صدور حكم نهائي في القضية قد يستغرق سنوات.
ورغم أن إسرائيل، لم تلتزم بالأوامر التي أصدرتها المحكمة، والتي تعتبر ملزمة للدول الأعضاء، وواصلت مجازرها في قطاع غزة، إلا أن هذا الحراك الدولي والدبلوماسي يزيد من عزلة الاحتلال الإسرائيلي.