أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، عن صدمته وقلقه البالغ إزاء المشاهد المروعة والظروف غير الإنسانية التي تخيم على مراكز إيواء النازحين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة في قطاع غزة بما يثير مخاوف من تنصل متعمد من حمايتهم وإنقاذ أرواحهم.
وقال المرصد الأورومتوسطي إنه من بين أكثر من 1.7 مليون شخص في غزة، أو ما يقرب من 80% من السكان أصبحوا نازحين داخلياً، فإن ما يقرب من 900 ألف نازح يقيمون في مراكز إيواء تديرها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وذكر المرصد أن نحو 99 منشأة تابعة لأونروا جميعها في جنوب منطقة وادي غزة يقيم فيها النازحون الفلسطينيون في ظروف صادمة من الاكتظاظ الشديد وسوء الظروف الصحية وسط شكاوى من تقصير بالغ لإدارة الوكالة الأممية.
وكانت طواقم أونروا استجابت منذ اليوم الأول لإصدار جيش الاحتلال أمرا بالإخلاء من مدينة غزة وشمالها في13 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بنقل مركزها وموظفيها إلى جنوب القطاع، وهو ما اعتبره لاجئون فلسطينيون أنه يشكل تنصلا من إدارة الوكالة من مسئولياتها تجاه مراكز الإيواء التابعة لها في مدينة غزة وشمالها بما في ذلك ضمان استمرار الحد الأدنى من برامجها الإغاثية والصحية لمئات الآلاف منهم.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن ما يمكن اعتباره تساوقا من إدارة أونروا مع مخططات التهجير القسري التي تحاول ولا تزال "إسرائيل" تنفيذها في قطاع غزة يخالف القانون الدولي الإنساني وقد يرتقي إلى جريمة حرب.
وأبرز المرصد أنه بموازاة إخلاء أونروا طواقمها وعملياتها في مناطق جنوب وادي غزة، فإن عملياتها للدعم الإنساني شابها قصورا حادا بحسب ما جمعه من شهادات من نازحين.
واتهم النازحون إدارة أونروا بتركهم ضحايا ظروف معيشية غير إنسانية ومتدهورة ما يجعلهم هدفا لأزمة صحة عامة بسبب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للمياه والصرف الصحي.
ورصد فريق الأورومتوسطي زيادات كبيرة في بعض الأمراض والحالات المعدية في صفوف النازحين بفعل ظروف إقامتهم غير الإنسانية، مثل الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي الحادة والتهابات الجلد والحالات المرتبطة بالنظافة مثل القمل.
وقالت السيدة "ولاء سعدة" لفريق المرصد الأورومتوسطي، إنها نزحت مع عائلته من شمال قطاع إلى مدرسة تابعة لأونروا في خان يونس جنوب القطاع، لكنهم يعيشون في وضع كارثي ومأساوي" من جميع النواحي المعيشية.
واشتكت "سعدة" بشدة من غياب تام لمعايير النظافة وعدم ترحيل النفايات دون وجود حاوية نفايات بلاستيكية، وتجاهل كامل لتنظيف المرافق بما في ذلك الحمامات ما يجعلهم يقيمون في بؤر من الأوبئة والأمراض.
وفي مدرسة تابعة لأونروا في مدينة دير البلح وسط القطاع، اشتكى المسن "بشير أبو عرمانة" من ترك أونروا لهم يواجهون مصيرهم دون توفير أي مقومات إنسانية لهم مثل الأغطية والفراش وأقل اللوازم المعيشية.
واشتكى "أبو عرمانة" من أن الأمراض والأوبئة تنتشر في صفوف النازحين بشكل سريع، وأن جميع أطفاله الخمسة مصابين بنزلات معوية في وقت تتكدس النفايات في كل مكان داخل مركز الإيواء.
وتتضاعف المعاناة بالنسبة لعشرات آلاف من النازحين ذوي الاحتياجات الخاصة والإعاقة والجرحى والمرضى بما في ذلك الأطفال، وسط افتقاد توفير أي أجهزة مساعدة ومستلزمات النظافة وغيرها.
وقال الفتي "إسماعيل محمد" الذي يعاني من شلل منذ الولادة، إنه يعاني الأمرين في التحرك وقضاء حاجياته الطبيعية بسبب غياب أي تجهيزات خاصة داخل "مركز تدريب خان يونس" الذي تحول إلى مراكز إيواء يقيم فيه أكثر من 21 ألف نازح في ظروف "مأساوية جدا".
وأجمعت شهادات أخرى لنازحين فلسطينيين على الشكوى من عدم حصولهم على أي أغطية أو وجبات طعام أو كميات كافية من مياه الشرب في وقت يتكدسون ما بين 70 و90 شخصا في صفوف مدارس الإيواء ويشترك أكثر من 520 شخصا في المرافق، ومن الممكن أن ينتظر الشخص لاستخدام دورة المياه ساعتين فيما لو توفرت المياه أساساً.
كما انتقد هؤلاء تقصير إدارة أونروا في توفير طواقم النظافة والصحة في مراكز الإيواء وتجاهل وجود كم كبير من النازحين من الأطفال وآلاف النساء الحوامل وأكثر من ألفي شخص من ذوي الإعاقة، فضلا عن المرضى أصحاب الأمراض المزمنة.
وتتولى وكالة أونروا تقديم الخدمات الصحية والاجتماعية والتربوية لنحو 5.7 ملايين لاجئ فلسطيني موزعين على مخيمات في سوريا والأردن ولبنان إضافة الى مخيمات الضفة الغربية وقطاع غزة الذي يقدر عدد اللاجئين فيه بنحو 1.4 مليون نسمة يشكلون أكثر من 60 في المائة من إجمالي السكان.
وقال المرصد الأورومتوسطي إنه في وقت النزاعات المسلحة تتضاعف المسئوليات على إدارة أونروا ومثيلتها من المنظمات الدولية في حماية المدنيين النازحين إلى مقرات الإيواء لهم وتوفير احتياجاتهم الإنسانية، وأن التنصل من تلك المسئوليات يستوجب التحقيق مع كبار المسئولين في إدارتها ومعالجته بشكل فوري.
وأضاف أن الأونروا هي الوكالة الأممية الوحيدة المسؤولة عن مساعدة اللاجئين الفلسطينيين إلى أن يتاح لهم ممارسة حقوقهم غير القابلة للتصرف، ويتوجب على إدارتها تكثيف الجهود على كافة الصعد للوفاء بالتزاماتهم بموجب التفويض الممنوح للوكالة من الأمم المتحدة.