أكد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك أن الحل لهذا الوضع القائم هو إنهاء الاحتلال والاحترام الكامل لحق الفلسطينيين في تقرير المصير.
وقال تورك: "كما قلت مرارا وتكرارا، كي ينتهي العنف، يجب أن ينتهي الاحتلال، ويجب على الدول الأعضاء أن تبذل كل الجهود اللازمة لتحقيق سلام مستدام لجميع الفلسطينيين والإسرائيليين".
وأضاف، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده اليوم الجمعة، في العاصمة الأردنية عمان، أن "المفوضية حذرت من حدوث الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الثاني، استنادا إلى ما حدث في الضفة الغربية قبل هذا التاريخ حيث قُتل نحو 200 فلسطيني من بينهم نساء وأطفال معظمهم على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي".
وبين أن إسرائيل اعتقلت خلال تلك الفترة أكثر من ألفي فلسطيني وشددت عملياتها في الضفة الغربية، مشيرا إلى توثيق حالات كثيرة من سوء معاملة المعتقلين وعائلاتهم، والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية عنوة من قبل المستعمرين، ما يعد مؤشرا على حدوث الصراع الجاري حاليا في قطاع غزة.
وقال إن على إسرائيل التوقف فورا عن قصفها لقطاع غزة الذي تسبب بمقتل الآلاف، مؤكدا أن "هذه الحالات يمكن أن تسهم بتقديم دليل على نية إسرائيل القيام بعمليات هجومية بطريقة تتعارض مع قوانين الحروب".
ودعا صناع القرار إلى دراسة وتنفيذ التوصيات الواردة في تقارير المفوضية السامية لحقوق الإنسان والمتعلقة بالحقوق الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقال تورك: "لقد تعلمنا مرارا وتكرارا عبر التاريخ أن التطرف لا يؤدي إلا للمزيد من التطرف، ويجب اتخاذ خطوات فعلية لكسر دوامة الانتقام والموت والحزن والغضب، وإنني أدين بشدة استخدام اللغة التي تجرد الآخرين من إنسانيتهم، خاصة من قبل قادة سياسيين وعسكريين، فالرابح الوحيد في مثل هذا السياق هو التطرف الذي يدفع إلى المزيد والمزيد من العنف، ويجب على حكومة إسرائيل أن تتخذ جميع التدابير اللازمة لوضع حد لخطاب الكراهية والتحريض ضد الفلسطينيين، فبعض التصريحات الصادرة عن مسؤولين رفيعي المستوى ليست فقط بغيضة، بل يمكن أن تصل إلى حد التحريض على الكراهية والعنف".
ودعا إسرائيل إلى الالتزام بواجبها كقوة احتلال بحماية السكان الفلسطينيين، وإصدار أوامر واضحة لا لبس فيها لقوات الأمن لضمان حماية السكان الفلسطينيين من عنف المستعمرين، ومحاسبة أولئك الذين لا يمتثلون لتلك الأوامر، مشيرا إلى أن من واجب إسرائيل ضمان التحقيق الفوري والفعّال في جميع حوادث العنف، وتوفير سبل الإنصاف الفعالة للضحايا.
وقال "إن استمرار الإفلات من العقاب على نطاق واسع في مثل هذه الانتهاكات أمر غير مقبول وخطير ويشكل انتهاكا واضحا لالتزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وآمل أن تكون هناك محاسبة في هذه الحوادث في نهاية المطاف".
وأوضح المفوض السامي أنه تم في الشهر الماضي توثيق عدة حوادث قام بها مستعمرون، حيث منعوا المزارعين الفلسطينيين من قطف ثمار الزيتون التي تعد مصدرا رئيسيا لكسب العيش في الضفة الغربية، مثلما هاجموهم بالأسلحة النارية وأجبروهم على ترك أراضيهم وسرقة محصولهم، وتخريب أشجار الزيتون.
وأضاف أن المدافعين عن حقوق الإنسان يتعرضون بشكل متزايد للتهديد بالعنف إذا قاموا بتوثيق الانتهاكات، و"قد سمعنا ذلك منهم بشكل مباشر يوم أمس، حيث استمروا في دق ناقوس الخطر ويحذرون من نشوء الصراع، على مدى سنوات عديدة بشأن تزايد انتهاكات حقوق الإنسان واستمرار الإفلات من العقاب".
ودعا إلى ضمان المساءلة بدلا من تشويه سمعة المدافعين عن حقوق الإنسان والأمم المتحدة ومعاقبتهم لتوثيق الانتهاكات، "حيث تعد تلك المساءلات خطوة أساسية نحو تهدئة التوترات في هذا الوقت المضطرب".
وأضاف أن النشطاء الفلسطينيين في مجال حقول الإنسان أبدوا مخاوفهم بشأن ازدواجية المعايير، مشددين على فشل المجتمع الدولي في الوفاء بالتزاماته بضمان احترام القانون الدولي الإنساني، واستخدام تأثير الدول لوقف المعاناة غير المعقولة للمدنيين وسط هذا الجنون.
وقال تورك "إنه من الواضح أن الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر، وإن علينا أن نبذل كل ما في وسعنا لإنهاء معاناة المدنيين ويجب على الدول الأعضاء ذات النفوذ أن تعمل بجد أكبر من أي وقت مضى لحث الأطراف على التوصل إلى وقف لإطلاق النار، دون مزيد من التأخير".
وطالب بتأمين سلامة العاملين في المجال الإنساني، وإيصال المساعدات الإنسانية لمن هم بحاجتها، "حيث لم يعد الطعام والماء كافيا ولا حتى الرعاية الطبية والمأوى".