تلقّي كيان الاحتلال صفعةً مدويةً ومجلجلةً في المؤتمر العالمي للمهندسين والمصممين المعماريين الذي عُقِد الأسبوع الفائت من الثاني حتى السادس من الشهر الجاري، في كوبنهاغن، العاصمة الدنماركيّة، حيثُ رفض المجتمعون من جميع أصقاع العالم التصويت لصالح انتخاب المندوب الإسرائيليّ لوظيفة المحاسب العّام للمنظمة، وهي الوظيفة الثالثة من حيث الأهمية، بعد أنْ كانت تل أبيب على ثقةٍ كاملةٍ بأنّ انتخاب ممثلها مؤكّد، وفق ما كشفت عنه صحيفة (هآرتس) العبريّة، نقلاً عن مصادر وازنةٍ في خارجيّة الاحتلال الإسرائيليّ.ووفق المصادر الإسرائيليّة، التي اعتمدت عليها الصحيفة العبريّة، فإنّه بعد انتهاء أعمال المؤتمر تمّ عقد الاجتماع التقليديّ للجنة العامّة التابعة للمؤتمر، والتي خلالها يتّم انتخاب أصحاب المناصب الرفيعة جدًا في الكونغرس.
وفي هذه اللحظة بدأت القصة التي أذلّت وأهانت كيان الاحتلال بشكلٍ كبيرٍ، كما أكّدت الصحيفة العبريّة، ففي البداية قال المندوب الإسرائيليّ، المصمم المعماري يتسحاق لير، والذي كان متأكّدًا من انتخابه، أنّ دول البلطيق انسحب فجأةً من الاجتماع، وذلك على خلفية رفض المؤتمر طرد “العدوّ الرئيسيّ” (!)، روسيا، من الكونغرس بسبب الحرب الدائرة في أوكرانيا.وتابعت المصادر قائلةً إنّ دور إسرائيل لم يتأخر كثيرًا، حيث اعتلت للمنصة ممثلة اتحاد المصممين المعماريين الفلسطينيين، وألقت خطابًا أمام المؤتمر تطرّقت فيه إلى جميع جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل وما زالت ترتكبها منذ النكبة الفلسطينيّة في العام 1948، حتى الجرائم الوحشيّة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيليّ في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين في الضفّة الغربيّة المُحتلّة.عُلاوةً على ذلك طالبت المندوبة الفلسطينيّة من الكونغرس طرد إسرائيل، وبحسب المصادر المطلعة في تل أبيب، فقد قوبلت دعوتها بالتصفيق الحّار من قبل جميع الممثلين الذي كانوا في القاعة، كما أكّد أيضًا المندوب الإسرائيليّ، الذي كان حاضرًا في المؤتمر.وأردفت الصحيفة العبريّة قائلةً إنّ أقوال المندوبة الفلسطينيّة، والتي استخدمت فيها عبارات منها على سبيل الذكر لا الحصر بأنّه منذ 75 عامًا تقوم الدولة العبريّة بالقتل والهدم والتخريب، وذكّرت المجتمعين بأنّ تلوث الجوّ ليس هو العامل الوحيد الذي يُشكّل خطرًا على العالم، كانت هذه العبارات الصعبة بمثابة سكب الزيت على النار وفتحت الباب على مصراعيه أمام هجومٍ قاسٍ ضدّ إسرائيل، ولذا، أضافت الصحيفة، اعتلى المنصّة مندوب تونس، وبعد الجزائر وتلاه لبنان، حيث عاد كلّ مندوبٍ منهم على الطلب الفلسطينيّ بطرد إسرائيل من الكونغرس العالميّ للمصممين المعماريين.ووفق رواية المندوب الإسرائيليّ، كما أدلى بها للصحيفة العبريّة، فإنّ الخطابات في المؤتمر استمرّت، ولكن بعد ذلك تبينّ له أنّه في أروقة المؤتمر تجري عملية انتخابات من وراء الكواليس حول انتخاب أصحاب المناصب الرفيعة، وتابع قائلاً إنّ ممثلي الدول العربيّة والدول الإسلاميّة في إفريقيا اتحدوا وباشروا بحملةٍ لإقناع أعضاء المؤتمر برفض انتخاب المندوب الإسرائيليّ لمنصب محاسب الكونغرس، حيث أكّدوا لباقي المندوبين أنّه لا يُمكن التعاون مع إسرائيل بأيّ حالٍ من الأحوال، ولذا يجِب الامتناع عن انتخاب المندوب الإسرائيليّ لوظيفة المحاسب العّام، كما قال.
بالإضافة إلى ما جاء أعلاه، فإنّ المندوب الإسرائيليّ، الذي كان واثقًا من أنّه سيفوز بالمنصب، “اكتشف” أنّ مندوبي البرازيل المؤتمر لا يريدون انتخابه، وبعد ذلك، أضاف، علِم بأنّ المندوبين الإيطاليين أيضًا يرفضون انتخابه، وفعلاً، عندما تمّ فرز نتائج الانتخابات تبينّ أنّ المندوب الإسرائيليّ هُزِم، وأنّ الممثل المصري لكونغرس المصممين المعماريين العالميّ هو الذي فاز بالمنصب بعد انتخابه بفارقٍ كبيرٍ، وذلك للمرّة الثانية على التوالي، وفق ما أكّدته الصحيفة العبريّة، استنادًا لأقوال الممثل الإسرائيليّ الخائب والمهزوم.
وحاول المندوب الإسرائيليّ بعد هزيمته المجلجلة تبرير الإخفاق العالميّ بالادعاء بأنّ إقحام السياسة في أعمال المؤتمر المذكور هو الذي أدّى لفشله في الحصول على منصب المحاسب العام للكونغرس، على حدّ زعمه.