بقلم / خالد بركات
تقف الفتاة اليمنيّة فاطمة موسى محمد في مواجهة هجمة صهيونية وعنصرية مسعورة على مدار الأيام الماضية يقودها أعضاء من الكونجرس الأمريكي والقوى والمنظّمات المؤيدة للكيان الصهيوني في واشنطن ونيويورك. لقد دخلت كبرى شبكات التلفزة على الخط فوظفت جزءً كبيراً من برامجها الرئيسية ضد الطالبة العربية التي تخرّجت للتو من كلية الحقوق بجامعة نيويورك، وقد إنتخبها زملائها لتتحدث باسمهم (دفعة 2023) فوقفت الناشطة الطلابية ودَعَت إلى الكفاح بلا هوادة ضد الرأسمالية والعنصرية والصهيونية وسط حالة غير مسبوقة من الترحيب والهتاف من زملائها وعدد كبير من أساتذتها. هذا المشهد بحسب بعض عتاة الصهاينة كان "مخيفاً" !
قالت فاطمة موسى محمد "تُواصل اسرائيل إطلاق الرصاص والقنابل بشكل عشوائي على المصلين، وتقتل الصغار وتهاجم الجنازات والمقابر وتشجع عصابات الإعدام وتستهدف منازل الفلسطينيين ومحلاتهم التجارية وتعتقل الأطفال وتواصل مشروعها الاستعماري الاستيطاني المتمثل في طرد الفلسطينيين من منازلهم" مؤكدة في كلمتها أن "النكبة مستمرة منذ 75 سنة والصمت لم يعُد مقبولاً"
لقد بدأت الطالبة فاطمة محمد خطابها بالهجوم على القانون نفسه، فاعتبرته "أحد مظاهر التفوق الاستعماري الأبيض" الذي يستمر في "قهر الشعوب في هذه الأمة وحول العالم”، وأضافت "أُنشئت أنظمة القمع لتغذية إمبراطورية ذات شهية نهمة للتدمير والعنف، وأُنشئت مؤسسات للترهيب والتنمر وخنق أصوات أولئك الذين يقاومون"
وهاجمت فاطمة محمد في كلمتها القواعد السياسية العنصرية الأمريكية القائمة على "تفوق العرق الأبيض والقتل بالحروب والطائرات بدون طيار، وشراء المواقف والذمم" قالت في تحد "لن يشتري المستثمرون أخلاقنا" واتهمت الجيش والشرطة في الولايات المتحدة بأنها قوى فاشية وأدوات للقمع والقتل
وتابعت كلماتها بالقول "للثورة صوت عالٍ على الرغم من عدم بثها على التلفزيون. لم نعُد نستسلم للظالمين. لم نعُد نضع أملنا في وعيهم الفاسد، سنحمي النضال الذي يقربنا جميعًا من إسقاط كل المؤسسات القمعية، فالمستقبل الحتمي للمضطهدين في كل مكان، وإن إمبراطوريات الدمار الكبرى قد سقطت من قبل. كذلك هؤلاء. فليبدأ القتال منذ الآن" داعية زملائها الخريجين الجدد إلى تفكيك وتحدي الرأسمالية، وأن يصبوا غضبهم على هذا الواقع وتغييره ليصبحوا “وقود النضال ضد الرأسمالية والعنصرية والإمبريالية والصهيونية في جميع أنحاء العالم"
خطاب فاطمة أحدث هزة كبيرة في أوساط الحركة الصهيونية والحزب الجمهوري بشكل خاص. فجاء الهجوم الصهيوني العنصري ضدها ليؤكد ما ذهبت إليه الطالبة النجيبة في خطابها، ففي الوقت الذي كانت تقف فيه فاطمة واثقة من كلماتها وموقفها كان الخوف واضحاً يكشف قلق الحركة الصهيونية وأنصارها في واشنطن وتل أبيب، القلق والخوف مما ستحمله الأجيال والسنوات القادمة، وأشار بعضهم إلى ذلك صراحة بالقول "إنّ الذين إنتخبوا فاطمة محمد لتتحدث باسمهم في جامعة نيويورك وصفقوا لها في حفاوة يعرفون موقفها جيداً، إنهم القُضاة والمشرعين والنواب وقادة الرأي القادمين بعد سنوات قليلة فقط".
في الوقت الذي كانت فيه فاطمة محمد تلقي كلمتها في جامعة نيويورك كانت تجري فعاليات مؤتمر "هرتسيليا للأمن" في فلسطين المحتلة. من يتابع المؤتمر لن يحتاج إلى كثير عناء حتى يلمس التوتر الصهيوني من التحولات المتسارعة الجارية في المنطقة والعالم، ويرى الخوف في عيون الصهاينة من المستقل الغامض. ربما لذلك إختاروا للمؤتمر شعاراً مُوفقاً (إسرائيل في زمن اللاوثوق) ليعكس اللحظة الراهنة التي يعيشها الكيان وحلفائه
وفي الوقت الذي كانت فيه فاطمة محمد تهز بكلماتها وموقفها أركان الحركة الصهيونية، وفي خطاب لا ينقصه الوضوح، كان رئيس سلطة أوسلو محمود عباس يشحد ويتسول ويهذي ويتوسل في الأمم المتحدة، ويُقدّم خطاباً بائساً مهزوماً يؤكد حالة الخواء والسقوط والفشل التي وصل إليها جمع المهزومين في رام الله وجماعات التطبيع "والسلام" في القاهرة وعمّان وإمارات النفط والدجل من أقطاب "الإتفاق الإبراهيمي" سيء الصيت والإسم
هكذا تكلمت فاطمة محمد اليمنية، العربية، الفتاة الشجاعة في نيويورك وهي تختم حديثها بالقول"لن ينقذ شخصاً واحداً هذا العالم. ولن تقوم حركة واحدة بتحرير الجماهير. إن الذين يتحملون وطأة وضراوة العنف، أولئك الذين يقودون الثورة، الشعب والجماهير المضطهدة، هؤلاء الذين يحتاجون إلى حمايتنا. إنهم من سيحملون هذه الثورة"