Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

في الذكرى 59 لتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية.. تدجين وتفريط

قناة فلسطين اليوم

بقلم / خالد صادق

في الثامن والعشرين من مايو 1964 أنشئت منظمة التحرير الفلسطينية كمنظمة سياسية تمارس حقها في مقاومة الاحتلال الصهيوني عسكريا، ومعترف بها في الأمم المتحدة والجامعة العربية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني داخل وخارج فلسطين, كان الهدف الرئيسي من إنشاء المنظمة، هو تحرير فلسطين من نهرها الى بحرها عبر الكفاح المسلح, وكان صوت فلسطين عبر الاثير يفتتح فترته البرامجية كل يوم بعبارة, نؤكد عهدنا معكم على مواصلة مسيرة النضال بالكلمة الامينة, المعبرة عن الطلقة الشجاعة, من اجل تحرير كامل الوطن المحتل, بالجماهير العربية معبئة ومنظمة ومسلحة, وبالحرب الثورية طويلة الأمد أسلوبا, وبالكفاح المسلح وسيلة, حتى تحرير فلسطين, كل فلسطين, وقد كان الميثاق الوطني الفلسطيني يجمع كل فصائل المقاومة الفلسطينية, ويمثل رؤية واضحة للاستمرار في الفعل الثوري المقاوم حتى النصر والتحرير, الى ان انتقلت المنظمة من الفعل المقاوم المسلح, الى مسار التسوية الهزلي, الذي جاء ليمسخ الميثاق الوطني الفلسطيني, ويفرغه من مضامينه, ويحذف كل البنود التي تتحدث عن مقاومة الاحتلال بالوسائل الشرعية التي أجمعت عليها المواثيق الدولية, ويقبل بالأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م, بل ويتنازل عن 78% من مساحة فلسطين التاريخية لصالح الاحتلال, وشهد الميثاق الوطني الفلسطيني تغييرا جذريا عندما عقد المجلس الوطني للمنظمة اجتماعا يوم 24 أبريل/نيسان 1996، اجتماع غير عادي في مدينة غزة وبموجبه حذف وعدل في البنود التي تتحدث عن الكفاح المسلح وعن «إسرائيل»، استجابة للمتغيرات التي حدثت بعد اتفاق أوسلو, والتي جاءت لتحرم الفلسطينيين من حقهم في مقاومة الاحتلال والالتفاف على الثوابت الفلسطينية وأسس ذلك لتنازلات أكثر.

رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو علق على الغاء معظم بنود الميثاق الوطني الفلسطيني التي طالبت «إسرائيل» بإلغائها بالقول «هذا اليوم مهم بالنسبة (إسرائيل) إذ إنه وبعد مرور عشرات الأعوام على تبني منظمة التحرير الميثاق الوطني الفلسطيني الذي نص على عدم الاعتراف (بإسرائيل) لا بل تدميرها، تم إلغاء الميثاق فعليا», خبراء ومحللون فلسطينيون وعرب تحدثوا عن الغاء الميثاق الوطني وانه فتّت وحدة الشعب الفلسطيني وشرعن الانقسام والصراعات الداخلية ووجّه ضربة للهوية الوطنية الفلسطينية، عازلا القضية الفلسطينية عن عمقها العربي الاستراتيجي, وان هذا اليوم هو اليوم المشؤوم الذي أضاعت فيه القيادة السياسية البوصلة، وشُطب الميثاق الوطني الفلسطيني ومعه منظمة التحرير, والسؤال الذي يطرح نفسه الان ماذا بقى من منظمة التحرير الفلسطينية بعد الغاء الميثاق الوطني الفلسطيني و» مسخه» وتسخيره فقط لدعم مسار التسوية والحوار التفاوضي الى ما لا نهاية, وبالتالي فان الغاء الميثاق الوطني الفلسطيني هو فعل «متجاوز» غير شرعي لان الميثاق لا يمكن الغاؤه الا بموافقة ثلثي أعضاء المنظمة وهذا لم يحدث, وحول الاجتماع الذي عقد بتاريخ 14/12/ 1998في غزة وحضره الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون والذي تم التصويت فيه برفع الأيدي لإلغاء الميثاق الوطني, هو اجراء غير قانوني جاء بطلب امريكي إسرائيلي لإظهار الفلسطينيين على انهم تنازلوا عن كل شيء, حتى الزي العسكري الذي كان يرتديه الرئيس ياسر عرفات تم الاعتراض عليه, حتى لا يظهر بان الفلسطينيين لا زالوا متمسكين بالفعل العسكري المقاوم حتى ولو بالإشارة, حيث كانت «إسرائيل» تهدف ليس فقط لوقف كل اشكال المقاومة الفلسطينية, انما لشطب ومسح أي صورة تدل على أي فعل مقاوم .

اليوم تعيش المنظمة عزلتها, ولم يبق منها الا اسمها فقط, فقد اختطف رئيس السلطة محمود عباس منظمة التحرير الفلسطينية, واغلق أبوابها بشكل محكم في وجه الفلسطينيين, وطرد منها كل من يعارض سياسته القائمة على قاعدة «التسوية» التي فقدت كل معانيها بتخلي الاحتلال عن كل الاتفاقيات التي وقع عليها سابقا, واعتبار السلطة ذات مهمة واحدة وهى حفظ امن وسلامة «إسرائيل» في مقابل السماح لها بالعيش والبقاء على الأرض في الضفة المحتلة, وان يقتصر دورها على إدارة بعض الشؤون المدنية للفلسطينيين بالتنسيق الكامل مع الاحتلال, وقد رفض رئيس السلطة محمود عباس اشمال المنظمة بحركتي حماس والجهاد الإسلامي, على اعتبار انهما حركتان تتبنيان الكفاح المسلح, وتستخدمان كل الوسائل للخلاص من الاحتلال الصهيوني, وتتمسكان بالثوابت الفلسطينية, وتؤمنان بحق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل التراب الفلسطيني, وعاصمتها القدس, فالمشروع المقاوم ليس له مكان في المنظمة, ولن يسمح لاي فصيل يمارس المقاومة ان يمثل في منظمة التحرير, في المقابل فان «إسرائيل» تتحلل من كل التزاماتها تجاه السلطة, ومن كل الاتفاقيات التي وقعتها, وقالت ان اتفاقية أوسلو أصبحت خلف ظهرها, وان مسار التسوية انتهى الى غير رجعة, وان القدس باتت عاصمتها الموحدة ولا تفاوض حولها, والضفة ارض «يهودا والسامرة» التي لن تتخلى عنها إسرائيل مطلقا, وعلى السلطة ان تقبل بهذا الواقع رغما عنها, اما رئيس السلطة محمود عباس فيعيش في جلباب «إسرائيل» ولا يرى ان لديه قدرة على مواجهتها الا بالتوسل والاستجداء, فبات الخطاب الرسمي الفلسطيني الذي يمثله رئيس السلطة ورئيس فتح ورئيس المنظمة محمود عباس لا يخرج عن «نحن بساطير في اقدام الاحتلال» و «مشان الله احمونا» و «حلوا عن صدورنا, حتى باتت شعاراته الانهزامية محل سخرية من الجميع.