Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

التعادل بانتخابات الكيان فتح الطريق للحرب الأهليّة!..

قناة فلسطين اليوم / وكالات

كتب: زهير حليم أندراوس

أولاً: نتائج الانتخابات الإسرائيليّة أكّدت مرّةً أخرى لكلّ مَنْ في رأسه عينان أنّ المجتمع الصهيونيّ يُواصِل الزحف المنهجيّ نحو الفاشيّة، مُتبنيًا الفكرة القديمة بأنّه في “أرض إسرائيل”، أيْ فلسطين التاريخيّة، يجِب أنْ تؤسَس مملكة إسرائيل الجديدة التي تسير بحسب الشريعة اليهوديّة، شريطة أنْ تكون خاليةً من الأغيار، أيْ غير اليهود، بكلماتٍ أخرى، مملكة يهوديّة نقيّة من العرب والفلسطينيين، الذين يجِب تهجيرهم إلى الأردن مثلاً.

ـ ثانيًا: نسوق هذه الكلمات مع أنّ النتائج الرسميّة لانتخابات الكنيست، والتي جرت الثلاثاء الماضي، الفاتح من تشرين الثاني (نوفمبر)، أوضحت بصورةٍ غيرُ قابلةٍ للتأويل بأنّ الانتخابات انتهت بالتعادل بين المُعسكريْن المُتنافسيْن من ناحية عدد الأصوات: المعسكر الأوّل، وهو ما يُسّمى في تل أبيب بمعسكر اليمين بقيادة رئيس الوزراء السابق والقادم، بنيامين نتنياهو، والأحزاب الّدينيّة المُتزمتة والمُتطرفة، التي تدعو علنًا لطرد العرب من فلسطين وتطبيق شرائع الّدين اليهوديّ على الدولة العبريّة، أمّا المعسكر الآخر، والذي يُطلَق عليه وسط – يسار، فيقوده رئيس الوزراء الحاليّ، يائير لبيد، مع أحزاب المركز واليسار الصهيونيّ، وأيضًا الأحزاب العربيّة.

ـ ثالثًا: المعسكر الذي يقوده نتنياهو كان متماسكًا جدًا خلال المعركة الانتخابيّة الشرسة، التي تمّ فيها تغييب القضية الفلسطينيّة نهائيًا عن المشهد، في الوقت الذي قام فيه المعسكر المناهض بزعامة لبيد بارتكاب كلّ الأخطاء الممكنة وغير الممكنة للسقوط في الهاوية من ناحية عدد المقاعد بالكنيست، وللتدليل على مدى التطرّف والعنصريّة في الكيان تكفي الإشارة إلى أنّ حزب (ميريتس)، المحسوب على ما يُطلَق عليه (اليسار الصهيونيّ)، والذي كان ممثلاً في الكنيست منذ العام 1948، فشِل في اجتياز نسبة الحسم، وهكذا خسِر معسكر لبيد أكثر من 140 ألف صوتٍ، وهذا الكمّ من الأصوات، كان سيُدخِل إلى الكنيست أربعة أعضاء، كما أنّ الحزب (التجمع الوطنيّ الديمقراطيّ)، وهو حزبٌ عربيٌّ، فشِل هو الآخر باجتياز نسبة الحسم بفارق عدّة آلافٍ من الأصوات، أيْ أنّ معسكر (فقط ليس نتنياهو)، لو تصرّف كما فعل الطرف الآخر لكان حسم النتيجة لصالحه، أوْ على الأقّل رسّخ المعضلة الإسرائيليّة التي ميّزّت الجولات الأربع الماضية وهي التعادل بين الخصميْن. عدديًا حصلت كتلة نتنياهو على 64 مقعدًا في الكنيست، فيما وصلت الكتلة المنافسة إلى 56 مقعدًا، أيْ أنّه لو نجح حزب (التجمع) وحركة (ميرتس) بإدخالهما 8 نوّابٍ لكانت الصورة انقلبت ومنعت من نتنياهو تشكيل الحكومة القادمة. وجب التنويه أنّ كلّ معسكرً حصل على حوالي ثلاثة ملايين صوتٍ من الناخبين.

ـ رابعًا: الحكومة الإسرائيليّة القادِمة ستكون متطرّفةً وعنصريّةً وهذا ليس جديدًا، فجميع حكومات الكيان منذ النكبة وحتى اليوم كانت عنصريّةً بدرجاتٍ متفاوتةٍ، فحزب (العمل) الإسرائيليّ، الذي عبر بالانتخابات الأخيرة نسبة الحسم بصعوبةٍ بالغةٍ، وحصل على أربعة مقاعدٍ فقط، هو مؤسس كيان الاحتلال، وحكمه حتى العام 1977، أيْ أنّه كان السبب الرئيسيّ في الحروب التي شنّتها إسرائيل ضدّ العرب، منذ العام 1948، مرورًا بالعدوان الثلاثيّ ضدّ مصر عام 1956، وعبورًا بعدوان حزيران (يونيو) 1967، والمعروف عربيًا بالنكسة، وحتى حرب أكتوبر من العام 1973، كما أنّ هذا الحزب والشركاء من (اليسار) الصهيونيّ، هو الذي أطلق العنان لقطعان المُستوطنين بسرقة الأراضي الفلسطينيّة التي تمّ احتلالها بعدوان 1967، وهذا المشروع الاستيطانيّ-الاستعماريّ تحولّ اليوم إلى أكبر عائقٍ أمام إمكانية إقامة دويلةٍ فلسطينيّةٍ في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة، أيْ على مساحة نحو 22 بالمائة من أراضي فلسطين التاريخيّة، وهو الحلّ الذي تقترحه (مبادرة السلام العربيّة) من العام 2002 والذي تتمسّك به قيادة السلطة الفلسطينيّة في رام الله حتى اللحظة.

ـ خامسًا: رئيس جهاز الأمن العّام (الشاباك الإسرائيليّ)، رونين بار، حذّر مؤخرًا في تصريحٍ وُصِف بأنّه بمثابة خروجٍ عن البروتوكول، من أنّ الخلافات والانقسامات داخل المجتمع الإسرائيليّ-اليهوديّ تُعتبر من أخطر التحديّات التي تُواجِه كيان الاحتلال، لافتًا إلى أنّ من شأنها تشجيع (الإرهاب) الفلسطينيّ، أيْ المُقاومة، والرجل الذي يقود أحد أهّم أذرع المؤسسة الأمنيّة في الكيان يعرِف جيّدًا أنّ المجتمع الصهيونيّ بات منقسمًا على نفسه، ونتائج الانتخابات الأخيرة أكّدت أقواله، إذْ أنّ الشعور العّام لدى الإسرائيليين الرافضين لمعسكر نتنياهو، وهم عمليًا يُشكّلون النصف، أنّ “الدولة سُرِقَت منهم”، وأنّ اليهود المتدينين، من الشرقيين والغربيين، هم الذين سيحكمون إسرائيل، رغم أنّهم لا يعملون ولا يخدمون في جيش الاحتلال، كما أنّ الشعور بالإحباط لدى المُعارضين للحكومة القادِمة نابعٌ أيضًا من إجراء تغييراتٍ على الوضع القائم والحسّاس بالعلاقة بين الدولة والّدين، وقيام الحكومة الجديدة بالخضوع لابتزازات الأحزاب الّدينيّة، وفرض قوانين تتعارض جوهريًا مع “اللبراليّة” التي ميّزت إلى حدٍّ ما الحياة اليوميّة في الكيان، وفي حال إقرار القوانين الدينيّة فإنّه لا يُستبعَد بالمرّة وقوع الفوضى، ولا نقول (الحرب الأهليةً)، بين العلمانيين والمتدينين، المدعومين من اليمينيّ نتنياهو، والذي يحتاج لهم كي يتملّص من محاكمته بتهم تلقّي الرشاوى، وخيانة الأمانة والاحتيال.

ـ سادسًا وأخيرًا: مَنْ يُعوِّل على ما يُسّمى بالمجتمع الدوليّ للجم التطرّف الإسرائيليّ فهو إمّا يعيش الوهم أوْ أضغاث الأحلام أوْ الاثنيْن معًا، الاتحاد الأوروبيّ المُنافِق سيزيد ربّما من بيانات الشجب والاستنكار والتعبير عن الامتعاض والتي لا تُسمِن ولا تُغني عن جوع، فيما ستُواصِل قائدة الإرهاب العالميّ ورأس الأفعى، الولايات المُتحدّة الأمريكيّة تقديم المساعدات للكيان على جميع الأصعدة، أمّا الدول العربيّة المُطبّعة فهي أوهن من أنْ تؤثّر على صناعة القرار في تل أبيب، بلْ أنّ الأخطر من ذلك، يكمن في قيام دولٍ عربيّةٍ وإسلاميّةٍ أخرى بعقد اتفاقيات الاستسلام مع الكيان المارِق، فيما سيبقى الشعب العربيّ الفلسطينيّ للمرّة المليون كاليتيم على موائد اللئيم، وكذبيحٍ يُقدّم على مذابح التطبيع.