بقلم: محمد ياسين
امتنع القانون الدولي عن تعريف جريمة الارهاب بشكل يتفق عليه الجميع، للعديد من الاسباب أبرزها أمكانية انطباق هذا التعريف على بعض أفعال الدولة صاحبة النفوذ العسكري والسياسي في العالم، والتي تسعى في الوقت الحاضر الى ايجاد نظام جديد يعترف بوجود القطب الواحد لا القطبين، إلا أن هناك العديد من الاتفاقيات الدولية التي تناولت جريمة الارهاب، منها عصبة الامم المتحدة فقد شكلت لجنة من خبراء قانونيين وكلفتهم باعداد مشروع اتفاقية لقمع أعمال الارهاب في 16 تشرين الثاني من عام 1937، ومن ثم تم الاتفاق على اقرار اتفاقية جنيف لقمع ومعاقبة الارهاب، وقد عرفت هذه الاتفاقية جريمة الارهاب في المادة الاولى أنها أعمال إجرامية موجه ضد دولة بقصد خلق حالة من الهلع أو ضد أشخاص معينين أو مجموعة أشخاص أو ضد عموم الناس.
أما الجريمة السياسية تعرف بأنها اعتداء مخطط له وبناء على تصميم مسبق تعود إلى خلافات عسكرية، سياسية، عقائدية، قومية، لخدمة هدف سياسي معين.
جرائم الاغتيال السياسي في القانون الدولي:
تعد الجرائم السياسية لدى كافة الدول بأنها خارجة عن نطاق القانون الدولي والشرعية الدولية مهما حاول منفذ العملية اضفاء الصفة الشرعية والصبغة القانونية عليها باعتبارها تنتهك القانون الدولي الانساني العرفي والقانون الدولي لحقوق الانسان، كما يمثل اعتداء على حق الانسان في الحياة بشكل مخالف للإعلان الدولي لحقوق الانسان لاسيما القانون الدولي الانساني الذي ينظم حالة الحرب.
اما اتفاقيات جنيف الاربع لم تتناول مفهوم الجرائم السياسية بهذا المصطلح إلا أنها قد حظرت الاعتداء على حياة الافراد المدنيين في المادة الثالثة كما أوجبت المادة الاولى من الاتفاقية بواجب احترامها في جميع الدول.
الاغتيال السياسي بالنسبة للدولة الخاضعة للاحتلال:
يطبق القانون الدولي بكل فروعه على الدولة المستقلة والدولة الخاضعة للاحتلال وأبرز مثال على ذلك تعاطي المجتمع الدولي ومؤسساته الدولية مثل الامم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية الدائمة مع القضية الفلسطينية .
وبالنظر إلى الجريمة السياسية نفذت سلطات الاحتلال الاسرائيلي العديد منها لا سيما في الضفة الغربية وقطاع غزة أوقات العدوان وفي حالات الهدنة.
ومع اعتراف المجتمع الدولي بأن فلسطين أراضي محتلة منذ عام 1967م، وذلك من خلال القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحددة ومجلس الامن والقرار الاخير الصادر عن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية التي تؤكد فيه اختصاص المحكمة على الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967م وأن سلطات الاحتلال الاسرائيلي تمارس سلطات فعلية وبالتالي ينطبق عليها اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين .
موقف الاحتلال الاسرائيلي من عمليات اغتيال قادة حركات التحرر الوطني
يتذرع الاحتلال لتبرير الاغتيالات السياسية المتكررة بحق الفلسطينيين أنه دفاع شرعي مستندة على المادة 51 ميثاق الامم المتحدة التي تنص على الحق الطبيعي للدول في الدفاع عن انفسهم اذا اعتدت قوة مسلحة على أحد اعضاء الامم المتحدة.
إلا أن الاستناد على هذه المادة ما هو الا تضليل للحقيقة لان الاحتلال الاسرائيلي هو دائما المعتدي، ومن جانب أخر وبالاستناد إلى القاعدة القانونية التي تنص على انه لا دفاع شرعي ضد دفاع شرعي ولا مقاومة لفعل مباح، ومن هنا لا يمكن أن يتمسك الاحتلال بحق اللجوء للدفاع الشرعي ، لذلك تعد المقاومة الفلسطينية حركات تحرر الوطني وفق شرطين الاول الحق في تقرير المصير، والثاني من حق الشعوب في النضال والكفاح بكافة الوسائل بما في ذلك الكفاح المسلح.
الخاتمة:
إن جرائم اغتيال قادة حركات التحرر الوطني الفلسطينيين هى جرائم سياسية من جرائم الحرب ولا يمكن وصفها بالجرائم الدفاعية التي تسبق منع هجوم والمحافظة على الأمن، بل هى جرائم سياسية متحولة الى جريمة ارهاب، ويأتي في هذا السياق جريمة الاغتيال التي حدثت اليوم الأحد 23/10/2022م ، في مدينة نابلس وادت الى استشهاد الشاب / تامر الكيلاني بوضع عبوة ناسفة قرب دراجته النارية كما أفادت وكالات اخبارية فلسطينية، وقد أعلن الاحتلال الاسرائيلي مسؤوليته عن الحدث عبر المواقع العبرية ، وقد درجت الاحتلال الاسرائيلي على استعمال سياسة الاغتيال، حيث غالبا ما يترتب عليها نشوء حرب جديدة بين الاحتلال والفلسطينيين ينتج عنها ارتكاب مزيدا من الجرائم السياسية التي تتحول لجرائم ارهاب ضد المدنيين.