Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

المشهد الفلسطيني كما يجب أن نراه

بقلم خالد صادق

اقتحام زماني ومكاني للمسجد الأقصى المبارك، كل يوم بعد صلاة الفجر ومن جهة باب المغاربة، بحماية مشددة من شرطة الاحتلال الصهيوني، يتقدمهم عضو الكنيست المتطرف ايتمار بن غفير، وتنفيذ جولات استفزازية وطقوس تلمودية في باحاته، وأدى عدد منهم ما يسمى بـ «السجود الملحمي»، وذلك في اليوم الثالث مما يسمى «بعيد العرش» اليهودي، الذي تتزايد فيه الدعوات لتكثيف الاقتحامات، وحرق مستوطن صهيوني للقرآن الكريم وإلقائه في حاويات القمامة، في جريمة استفزازية يحاول العدو من خلالها اشعال الفتن ومحاولة استفزاز مشاعر المسلمين وهى تأتي في إطار مخطط مدروس لإشعال الفتن بابعاد دينية ربما تؤدي في النهابة الى حلول وسط تستفيد منها «إسرائيل», وكان أكثر من 1032 مستوطنا اقتحموا أمس الأول المسجد الأقصى المبارك، على شكل مجموعات متتالية، وأدوا طقوسًا تلمودية عند حائط البراق، وعند بابي القطانين والأسباط، حاملين «القرابين النباتية» وكل هذا الفعل الاستفزازي يأتي في اطار محاولة الاحتلال فرض امر واقع جديد على الفلسطينيين داخل باحات المسجد الأقصى, والبدء الفعلي بالتقسيم الزماني والمكاني داخله, والسيطرة على أجزاء من المسجد الأقصى المبارك لصالح اليهود, على غرار ما حدث في الحرم الابراهيمي الشريف بمحافظة الخليل, محللون اوضحوا ان خطوات الاحتلال في الأقصى تمثل خطورة كبيرة في أمور ثلاثة أولها أنها تتزامن مع الأعياد اليهودية وهى تعكس الهدف من عملية الاقتحام وهو إعطاء صبغة دينية ليس للمتطرفين الصهاينة فحسب، إنما للأشخاص الأقل تطرفًا, وهذا النوع من الأهداف خطير جدًا؛ كونه يدفع المستوطن الصهيوني للإدمان على اقتحام الأقصى واعتباره أمرا طبيعيا، وأنه يأتي ضمن حقوقهم بممارسة شعائرهم الدينية المتطرفة وهو ما يسعى اليه الاحتلال, وفق سياسة الامر الواقع التي يعمل عليها, مراهنا على صمت السلطة والدول العربية والاسلامية.

بعض المحللين ربطوا بين الانتخابات الإسرائيلية المزمع اجراؤها بعد نحو عشرين يوما وما يحدث في الأقصى, حيث ان الأقصى اصبح بمثابة قربان للناخبين الصهاينة يقدمونه لقطعان المستوطنين والتيار اليمني الجامح والمتعاظم عدديا بين الإسرائيليين, لذلك كل فعل يقرب اليهود من الأقصى يمثل درجة في نجاح مرشح الكنيست في الانتخابات القادمة, حتى ان الصهيوني المتطرف بن غفير عقد مؤتمرا سياسيا في باحات المسجد الأقصى وقام بنفخ البوق وهذا نذير شؤم لهدم الأقصى وبناء الهيكل المزعوم على انقاضه, وفيما يتعلق بالخطر الثالث فيتمثل في السماح للمستوطنين المتطرفين بممارسة الشعائر الدينية بشكل واضح وجلي في باحات الأقصى وهذا أمر خطير, لأن التدرج في ممارسة الشعائر في أماكن معينة في باحات الأقصى، يعطيهم أملًا كبيرًا للوصول إلى التقسيم المكاني, إسرائيل لديها مخططات تسعى لتحقيقها في المسجد الأقصى والقدس المحتلة, وهى تمارس كل اشكال القهر بحق أهلنا المقدسيين لأجلائهم وتهجيرهم عن مدينتهم المقدسة, وهى تقوم بعزل القدس عن محيطها الخارجي , وقد عَمَ صباح امس الإضراب الشامل مدن وقرى الضفة الغربية المحتلة، نصرةً لمخيمي شعفاط وعناتا بالقدس المحتلة بعد استمرار حصاره لليوم الرابع على التوالي. فيما أعلن أهالي مخيم شعفاط وبلدة عناتا شمال شرق القدس المحتلة، العصيان المدني المفتوح في المخيم والبلدة ضد الاحتلال. وأكَّد أهالي شعفاط وعناتا أن هذا العصيان والإضراب سيكون مستمرًا حتى فك الحصار عن بلدة عناتا ومخيم شعفاط رمزي الصمود، حيث يواصل الاحتلال اغلاق حاجز مخيم شعفاط منذ أربعة أيّام، وذلك بزعم مواصلة البحث عن منفذ عملية حاجز شعفاط البطولية والتي أدّت إلى مقتل مجندةٍ صهيونيّة السبت الماضي واصابة اخرين بجراح وانسحاب المنفذ.

دلالات المشهد في القدس والضفة الغربية المحتلة لم تعبر عنه السلطة الفلسطينية, ولا المواقف العربية والإسلامية, فما يحدث لا يمكن الاستهانة به او تهوينه, لأنه يرقى الى جرائم حرب يعاقب عليها القانون, والاحتلال الذي لا يردعه المجتمع الدولي وتحمية الإدارة الامريكية وتعجز عن مواجهته الدول العربية والإسلامية, لن يكبح جماحه الا المقاومة بكافة اشكالها, تلك المقاومة التي تتجاوز حدود القيود السياسية الدولية أحيانا والتي تغرقنا بأوهام التسوية المزعومة, والتي أوصلت السلطة الى هذه الحالة من الضعف والخنوع والاستسلام, حتى بات العالم ينظر اليها على انها مكلفة فقط بحماية امن «إسرائيل» والتعاون معها سياسيا وامنيا واقتصاديا, من اجل السماح لها بالعيش وإدارة أمور السكان, هكذا يجب ان نقرأ المشهد الإسرائيلي في ظل الواقع الذي نعيشه اليوم, وعلينا ان نختار طريقنا, فإما ان نقبل بان نعيش «بساطير» تحت اقدام الاحتلال كما قال رئيس السلطة محمود عباس, واما ان نعيش بكرامة وعزة كما اوصانا الشهداء والأسرى وكل الاحرار من حولنا, فلا كرامة لاحد ان تخلى عن سلاحه ومقاومته لأجل البحث عن رغد العيش ورفاهية الحياة.. لكن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم علم أصحابه كرامة العيش في الدنيا فقال زاهدا من متاع الدنيا وزينتها: «اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة».