Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

من غزة إلى الضفة.. وحدة الساحات في مواجهة العدوان

بقلم: سامر العريفه

بينما كان العدو يجهد لترميم صورته الداخلية في ظل ارتفاع وتيرة العمليات الفدائية لاسيما في الضفة والداخل الفلسطيني المحتل، وتحديداً مع بدايات العام 2022، واستمرار حالة الاشتباك اليومي ومن "مسافة صفر"، وخصوصاً في جنين ونابلس، وبروز ظاهرة الكتائب العسكرية للمقاومة في الضفة والتي أضحت تشكل قلقاً وجودياً للعدو، إضافة إلى التهديد القائم والقادم من غزة، وفي ظل كل ذلك، بدأ العدو التحضير قبل أشهر لمخطط كبير يستهدف ضرب البنية التحتية للمقاومة سواء في الضفة أو القطاع، في محاولة لتحقيق ضربة استباقية وخاطفة، تعيد لجنوده ومستوطنيه شيئاً من الأمن والأمان وتنهي أزمة فقدان الثقة القائمة داخلياً، وكل ذلك بالطبع على وقع بازار الانتخابات الإسرائيلية القادمة في نوفمبر/ تشرين الثاني، وأن من يوغل في الدم الفلسطيني أكثر فأكثر تكون حظوظة أكبر في الوصول إلى سدة الحكم داخل كيان الاحتلال، وسط الخلافات القائمة بين الأحزاب الإسرائيلية على شكل وبرنامج الحكومة القادمة، ومن سيرأسها.
 
وفي سياق كل ذلك، ومع تولي يائير لابيد لرئاسة حكومة الاحتلال، خلفاً لفنتالي بينيت، تسارعت وتيرة الاستهداف لرجال المقاومة في غزة، والضفة، ولاسيما في جنين ونابلس وطوباس والخليل، فيما لم تخبو جذوة المواجهات والتصدي من قبل أبناء شعبنا وكتائب المقاومة بتشكيلاتها العسكرية كافة.
 
ولم تكد مفاعيل العدوان الأخير على غزة تنتهي بعد استجداء الاحتلال للتهدئة عبر الوسيط المصري، حتى شنّ العدو عملية خاصة بمشاركة وحدات النخبة و"اليمام" و"الشاباك"، استهدفت القيادي في كتائب شهداء الأقصى المطارد إبراهيم النابلسي، الذي ارتقى شهيداً برفقة إسلام صبوح والفتى حسين طه، في عملية اغتيال جبانة في البلدة القديمة من نابلس، تبعها مواجهات عامة في الضفة أسفرت كذلك عن ارتقاء الفتى مؤمن ياسين جابر من الخليل، وإصابة العشرات.
 
ولمن لا يعرف الشهيد القائد إبراهيم النابلسي ابن الـ26 ربيعاً، ذلك الشاب الهادئ والثائر أبداً، والذي نجا قبل ذلك من 20 محاولة اعتقال واغتيال، آخرها قبل أسبوعين فقط من استشهاده، كان يؤكد دوماً على وحدة الدم الفلسطيني ووحدة السلاح في وجه المحتل، وأن لا خلاص للشعب الفلسطيني إلا بزوال الاحتلال عن أرضه. لقد استمر النابلسي في مطاردة المحتل ووحدات النخبة في أحلامهم ويقظتهم على مدار عامين ونصف، ممتشقاً بندقيته رافضاً الخضوع أو الاستسلام إلى أن ارتقى شهيداً حتى آخر طلقة من جعبته.
 
ولكن وبالرغم من المصاب الجلل في الضفة وغزة، وارتقاء 50 شهيداً بينهم قادة سرايا القدس تيسير الجعبري وخالد منصور، والشهيد القائد إبراهيم النابلسي، تمكنت سرايا القدس وكتائب الأقصى والألوية المقاتلة معها من منع كسر شوكة المقاومة وإفشال مخططات العدو للاستفراد بهذا الفصل أو ذاك، وتم إدارة المعارك تحت ركيزة "وحدة الساحات"، تأكيداً على وحدة الجغرافيا الفلسطينية، وكل ذلك يدلل على الوعي الجمعي للقيادة السياسية والعسكرية لفصائل المقاومة التي تدرك مخططات الاحتلال لشقّ الصف الفلسطيني.
 
وتأكيداً على وحدة الجغرافيا الفلسطينية، تعود بنا الذاكرة هنا إلى عملية اغتيال القيادي في كتائب القسام الشهيد أحمد الجعبري في العام 2012، حيث فشل الاحتلال حينها في الاستفراد بحركة حماس، وكانت صواريخ سرايا القدس تنطلق قبل صوارخ القسام لتصل إلى قلب "تل أبيب"، وبعد ذلك بسنوات حاول الاحتلال الاستفراد بألوية الناصر صلاح الدين، عندما اغتال قادتها، فخرجت الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة في معركة "بشائر الانتصار" وبعدها معركة "كسر الصمت"، و"البنيان المرصوص" وغيرها تأكيداً على وحدة الصف، وكل ذلك تحت قيادة الغرفة المشتركة.
 
لقد كان هدف الكيان من وراء تصعيد جرائمه في الضفة وغزة، تحقيق إنجازات موهومة لاسيما على أبواب الانتخابات القادمة، والتغطية على عجزه وفشله في منع حدوث العمليات النوعية انطلاقاً من الضفة، والادعاء أمام الرأي العام الإسرائيلي وخصوصاً غلاة المستوطنين، بأن الأجهزة الأمنية والعسكرية لهم "اليد الطولى" وبأنهم "قادرون" على الوصول إلى منفذي العمليات والمخططين لها بسرعة.
 
ولكن بالرغم من كل ذلك أعادت الضفة وغزة خلط الأوراق من جديد، وأربكت حسابات العدو وأربابه إقليمياً ودولياً، كما أعادت التأكيد من جديد على مبدأ "المشاغلة" في مقارعة المحتل و"مراكمة القوة"، وأن من واجب شعبنا الإبقاء على جذوة الصراع مشتعلة وحفظ حقوق الأجيال القادمة، كما صوّبت البوصلة باتجاه كل فلسطين، وخلقت بارقة أمل بأن يشكل كل ذلك مدخلاً لتوحيد الصف الفلسطيني، وإعادة صياغة المشروع الوطني وترتيب الأولويات باتجاه إنهاء الاحتلال وكنسه عن كل فلسطين.
 
لقد أثبت الشعب الفلسطيني أنه يتمتع بالصبر وطول النفس، وبالصمود والتحدي والثبات في مواجهة كل جرائم الاحتلال واعتداءات مستوطنيه، ولا يزال في جعبة أبناء شعبنا الكثير مما يسوء العدو ويربك حساباته، فجمر الضفة وغزة تحت الرماد سيحرق المحتل ويذيقه بأس رجالها الأحرار من حيث لا يحتسب أو يتوقع.