طالب ممثل الاتحاد الأوروبي في فلسطين سفن كون فون بورغسدوف الاحتلال الإسرائيلي بوقف قرار هدم مدرسة تجمع عين سامية البدوي شرق رام الله وسط الضفة الغربية، وبالامتناع عن استهداف المنشآت وخاصة التعليمية، معتبرا أن قرار هدم المدرسة غير قانوني.
وقال بورغسدوف خلال زيارته برفقة ممثلي وسفراء دول الاتحاد الأوروبي لدى فلسطين، لمدرسة "عين سامية"، المهددة بالهدم؛ إن على إسرائيل أن تحترم الحق في التعليم بموجب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتابع: "عليهم التأكد من أن الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية يحصلون على تعليم ذو جودة، إسرائيل ملزمة قانونا بعدم استهداف هذه المنشآت ومنها المنشآت التعليمية"
وقال إن عمليات هدم المنشآت واضحة جدا، مؤكدا أن تدمير الممتلكات في المناطق المحاصرة ممنوع إلا في أوضاع القتال، مستدركا "لكن لا توجد هناك أية عمليات قتالية"، مؤكدا أن الأطفال لهم الحق بالتواجد في المدرسة وفي تجمعهم، وأن لا خيار آخر لهم، لأن أقرب مدرسة تبعد من هنا تسعة كيلومترات وتابع: "لا نود أن يتحمل الأطفال أعباء رحلة طويلة، ولهذا السبب نحن موجودون هنا ضد هدم المدرسة".
ورافق ممثل الاتحاد الأوروبي ممثلي كل من فنلندا، وإسبانيا، وبلجيكا، وإيرلندا، وإيطاليا، وكندا، وبريطانيا، وفرنسا، والدنمارك، ومكتب المساعدات الإنسانية للاتحاد الأوربي، في زيارة برفقة وزارة التربية والتعليم وهيئة مقاومة الجدار، تأتي بعد يومين من قرار محكمة إسرائيلية بهدم المدرسة التي شيدت بداية العام الحالي بدعم أوروبي لخدمة تجمعات بدوية مهددة بالتهجير شرق رام الله.
وفي إجابة على سؤال حول سبب عدم فرض عقوبات على الاحتلال كما هو حال التحرك الأوروبي ضد روسيا قال بورغسدوف: "أتفهم مباعث القلق وأتفهم هذا السؤال، أنا أُسْأَل كثيرا لماذا لا تفرض عقوبات على إسرائيل إنه سؤال وجيه، ولكن الحرب الأوكرانية الروسية تؤثر على الأمن والسلم العالمي، وتؤثر على أمن أوروبا بشكل أوسع، وبالتالي فإن الأولوية السياسية أعلى في أعين صناع القرار، لكن هذا لا يعني عدم تطبيق القانون الدولي، الاتحاد الأوروبي مؤسسة تمثل 27 دولة عضو، تتخذ القرارات بشكل جماعي، وقد تحركنا بسرعة بسبب أزمة قريبة من أمننا الأوروبي، لكننا نكرر أن القانون الدولي يجب أن يطبق في جميع الحالات".
وحول الخطوات التي من الممكن أن يقوم بها الاتحاد الأوروبي قال؛ إنه في حال قيام السلطات الإسرائيلية بانتهاك التزاماتها وفق القانون الدولي، وهدم المدرسة، فإن الاتحاد الأوروبي سيقدم التعويض أولا عن المدرسة، وسيقوم بالاعتراض عبر القنوات الدبلوماسية، ويسلط الضوء على هذه السلوكيات.
واعتبر أن هدم المدرسة سيضيف المزيد إلى الصورة السلبية حول الممارسات الإسرائيلية وفق تعبيره، وقال: "لا أظن أن ذلك يصب في صالح إسرائيل ليراها العالم بهذه الصورة وخاصة بعدما جرى في غزة؛ فهذا الأمر يتعلق بحقوق أصلية وحقوق الأطفال".
وتعد المدرسة التي قرر الاحتلال هدمها مجرد منشأة من الصفيح من الخارج والخشب من الداخل، وتحوي أربعة غرف صفية إضافة لدورات مياه متنقلة منفصلة، وتقدم التعليم لسبعة طلاب من سكان تجمع عين سامية البدوي، فيما من المقرر أن تخدم تجمعات أخرى مجاورة، وكانت أقيمت في شهر يناير كانون ثاني الماضي ليلا من قبل الأهالي ونشطاء هيئة مقاومة الجدار والاستيطان خشية من منع سلطات الاحتلال لهم تشييدها، وأخطرت سلطات الاحتلال المدرسة منذ اللحظة الأولى فيما مرت بسلسلة من الإجراءات في محاكم الاحتلال حتى قررت المحكمة المركزية في القدس أخيرا هدمها.
ورغم ترحيب الأهالي يزيارة ممثلي الاتحاد الأوروبي إلا أنهم على ما يبدو لا يعولون كثيرا على استجابة الاحتلال لمطالب المجتمع الدولي، فقد قال ممثل التجمع البدوي محمد حسين كعابنة "كل الحكومات غير قادرة في رد قرارات الاحتلال، هل يستطيع الاتحاد الأوروبي عمل شيء؟ نحن نأمل ذلك، وإن شاء الله تعود علينا هذه الزيارة بالخير".
واعتبر كعابنة قرار هدم المدرسة في حال تنفيذه بمثابة قرار إزالة للتجمع بأسره، حيث أن التجمع ومنذ سنوات مهدد بالتهجير، مؤكدا أن وجود المدرسة يثبت التجمع، وأكد أن مصير الطلبة سيكون مجهولا في ظل بعد أقرب مدرسة عن التجمع في قرية كفر مالك ما لا يقل عن 7 كيلومترات، يتخللها شارع استيطاني.
وقال كعابنة إن التجمع يعاني من إغلاق المناطق الرعوية بسبب الاستيطان، وكذلك من اعتداءات متكررة، تضطر الأهالي للسهر لحماية بيوتهم وتوزيع هذه المهمة على أنفسهم بالتعاقب.
الناطق باسم وزارة التربية والتعليم صادق الخضور خلال كلمة له أمام ممثلي الدول الأوروبية؛ طالب الاتحاد الأوروبي باتخاذ موقف واضح، معتبرا وجود الدبلوماسيين في المدرسة رسالة يجب أن تصل لكل العالم أن من حق أطفال المناطق المهددة تلقي التعليم، ورحب بالمواقف والتعاطف لكنه قال إن تلك المواقف يجب أن تكون في إطار دعم واضح لخطة الحماية والمناصرة التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم لهذه المناطق.
وقال الخضور إن قرار هدم المدرسة واحد من سلسلة طويلة كان آخرها في مسافر يطا جنوب الخليل وفي بادية بيت لحم وبادية ضواحي القدس وطوباس ورام الله مؤخرا، مؤكدا وجود العشرات من المدارس المستهدفة، لكن الاحتلال استهدف بقرارات هدم وإخلاء في الفترة الأخيرة ثمانية مدارس ستة منها في مسافر يطا.
ويحيط بالمدرسة تجمع بدوي يؤوي أكثر من ثلاثين عائلة فلسطينية بدوية تعود أصولها إلى النقب المحتل، وقد هجروا من الأراضي المحتلة عام 1948، بعد عدة سنوات من النكبة، ويحيط بالتجمع ما لا يقل عن سبع بؤر استيطانية زراعية ورعوية، ومستوطنة كوخاف هشاحر، وسط اعتداءات متكررة من المستوطنين أدت مؤخرا لرحيل سكان تجمع راس التين المجاور، ويستهدف المستوطنون هذه المناطق شرق رام الله لموقعها الاستراتيجي المطل على الأغوار الفلسطينية.