شكلت الحاجة فاطمة الهريني رمزا من رموز النضال والتجذر بالأرض والدفاع عنها والتمسك بها، فهي من حملت العلم الفلسطيني وتمسكت بغصن الزيتون ووقفت في وجه الاحتلال في مسافر يطا جنوب محافظة الخليل، والمهددة بالإخلاء والتهجير القسري.
التسعينية فاطمة سلامة الهريني "أم صابر"، التي توفيت اليوم الاثنين، ناضلت وحملت علم فلسطين، وأصرت ان يبقى عاليا خفاقا منذ طفولتها، تجذرت بأرضها وتمسكت بأشجار الزيتون التي عمرتها وحاول الاحتلال اقتلاعها لكنه باء بالفشل، جراء تصديها وعائلتها لجرافاته وآلياته الثقيلة، ولم تسلم حتى اثناء مواراتها الثرى، داهم الاحتلال قبرها في قرية التوانه بمسافر يطا.
وقال حفيد الحاجة فاطمة، هشام صابر الهريني (45 عاما) لـ"وفا" اثناء مواراتها الثرى: "جدتي بلغت من العمر 95 سنة، واصلت نضالها رغم الضنك والبؤس الذي عاشته حتى جسدت برمزيتها عنوانا للمقاومة الشعبية في قريتها الواقعة بمسافر يطا جنوب الخليل، وأصبحت ايقونة تعزف وتردد في كل مواجهة مع الاحتلال ومستوطنيه قائلة "طول ما في عروقي دم والله لأقاتلهم، وما اخليهم يأخذوا ارضي إلي سقيتها بدمع عيني".
وتابع حفيدها أن "الاحتلال وثق بطائراته التي تحملت كاميرات تصوير حفر قبرها وموقعه، وحاول منعنا وارهابنا، لكننا اصررنا على مواراتها الثرى في قريتنا، فهي التي علمتنا التمسك بأرضنا مهما حاول الاحتلال ارغامنا على الرحيل".
وبين منسق لجان الحماية والصمود بمسافر يطا وجبال جنوب الخليل فؤاد العمور لـ"وفا" ان الحاجة فاطمة شكلت حالة فريدة من نوعها بالنضال سواء على مستوى فلسطين او في قرية "التوانه" التي تعرف ببوابة مسافر يطا، فهي تعرضت للضرب والتنكيل عشرات المرات من قبل الاحتلال ومستوطنيه، الذين اصابوها بكدمات وجروح في كافة انحاء جسدها.
وقال: "كانت عنوانا للنضال وستبقى حية فينا ما حيينا ونحن على دربها سائرون متمسكون بأرضنا لن نرحل وسيرحل الاحتلال ومستوطنوه، وحقنا بالبقاء على ارضنا التي ورثناها عن ابائنا واجدادنا اقوى من أسلحتهم ودباباتهم".
من جانبه، قال رئيس مجلس قروي "التوانه" محمد ربعي لـ"وفا" إن القرية هي الشريان الرئيسي والعمود الفقري للعديد من القرى والخرب التابعة لمسافر يطا، ويعيش أهل هذه القرية، كما كانت الحاجة فاطمة، والبالغ عددهم قرابة 450 فلسطيني على تربية المواشي والزراعة، وإنتاج الاغذية من هذه الموارد، وخاصة منتجات الألبان بسبب وفرة الحليب، فالثروة الحيوانية في منطقة المسافر تقدر بـ 16 ألف رأس من الماشية.
وتابع: قرية التوانه التي تقع جنوب الخليل ويضم مجلسها القروي خمس قرى وتجمعات فلسطينية وهي "التوانه والركيز والمفقرة وصارورة وخلة الضبع" ويسكنها 1200 نسمة، تفوق مساحة أراضيهم 27 ألف دونم، تتعرض كما منطقة المسافر برمتها للعديد من الانتهاكات والاعتداءات الاسرائيلية سواء من مصادرة واعتقال وتخريب للأملاك ولا سيما الاستيطان، حيث اقام الاحتلال على أراضي مسافر يطا اكثر من 12 مستوطنة.
واضاف ربعي لــ"وفا"، أن قوات الاحتلال حاولت اجتثاث وارغام ام صابر وعائلتها كما عائلات المسافر جميعها على الرحيل، بكافة الوسائل لتوسيع رقعة الاستيطان بمسافر يطا، فنحن في قرية التوانه نواجه بشكل شبه يومي هجمات مستوطني ما تسمى مستوطنات "حفات ماعون وماعون وافيجال" المدججين بالسلاح، لكننا باقون في أراضينا.
وأوضح ربعي أن الاحتلال اقتلع آلاف أشجار واشتال الزيتون وغيرها من الأشجار، وجرف في الآونة الاخيرة عدة طرق رئيسية وفرعية بمسافر يطا، وقطع خطوط المياه، وهذه الخطوط تغذي 22 تجمعا سكانيا في مسافر يطا للتضييق على المواطنين واستهداف صمودهم في تلك المناطق، وإجبارهم على الرحيل بصمت عنها لصالح الاستيطان.
ونوه ربعي ان ما يزيد عن 4500 مواطن يقطنون في مسافر يطا، تمنعهم قوات الاحتلال من تشييد المدارس والمنازل والعيادات الصحية وشق الطرق وتمنع توصيل الخدمات الأساسية لهم في تلك المناطق.
وطالب "بضرورة العمل على وقف الاستيطان الذي يعمل على مصادرة اراضي المواطنين في مسافر يطا، والذي يهدف لتهجير السكان وافراغ المنطقة من أصحابها".