أجمع محللون سياسيون ومختصون عسكريون على أن مناورة "عزم الصادقين" التي أعلنت عنها سرايا القدس تأتي في إطار رفع الجهوزية واستعداد المقاومة لأي تصعيد محتمل جراء استمرار العدوان "الإسرائيلي" ضد الشعب الفلسطيني، مؤكدين على أن المقاومة باتت تمتلك من الخبرة والتكتيك والإمكانيات ما يمكنها من مفاجئة العدو.
وَتحمل المناورة رسائل بالنار أطلقتها سرايا القدس؛ بأنها لن ترتضي استمرار الإذلال للشعب الفلسطيني، وأنها مستعدّة لخوض المواجهة في حال استمرّ العدوان.
المختص بالشأن السياسي والعسكري أحمد عبد الرحمن، قال: إن مناورة "عزم الصادقين" جاءت في مرحلة شديدة التعقيد والحساسية، فضلاً على أنها تحمل رسائل مهمة موجهة لعدة أطراف في مقدمتهم الكيان الصهيوني، إلى جانب الوسطاء".
وأكد عبد الرحمن خلال حديث خاص لـ "قناة فلسطين اليوم"، أن المناورة العسكرية وما تحمله من رسائل تُشير إلى أن صمت المقاومة وسرايا القدس لن يطول، لاسيما مع استمرار العدوان بحق الفلسطينيين في الضفة والقدس وغزة".
وأشار الكاتب السياسي إلى أن "التصعيد الحاصل في الإقليم يستهدف كل أطراف محور المقاومة"، لافتاً إلى أن المناورة تؤكد أن "غزة ستبقى ضمن مشروع ومحور المقاومة، ولن تترك ساحة القتال والمواجهة، كما ولن تترك جنين والقدس لوحدها".
ويرى المختص بالشأن العسكري أن مناورة "عزم الصادقين" العسكرية التي تجريها سرايا القدس تختلف هذه المرة عن أي مناورة سابقة وهي تأتي في سياق رفع وزيادة مستوى الجهوزية القتالية، كما أنها تأتي عقب تصريحات القائد زياد النخالة التي قال فيها إن "حركته لن تصمت على الإذلال والعدوان الذي يتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني".
ويرى عبد الرحمن أن "الحالة الفلسطينية في غزة فريدة من نوعها، على الرغم مما تواجهه من حصار وتضييق وشح في الإمكانيات، إلا أن المقاومة تعمل على تحسين قدراتها القتالية من خلال الإعداد والتجهيز في ضوء تلك المناورات العسكرية التي تجريها".
وحول الشعار الذي حملته المناورة أوضح "عبد الرحمن"، أنّ سرايا القدس أرادت التأكيد أن لديها من الإمكانيات التي تستطيع عبرها أن تضرب بصواريخها أي بقعة جغرافية أو منطقة حساسة داخل عمق الكيان الإسرائيلي، متوقعاً أن تتوسع رقعة المناطق التي تستهدفها المقاومة في أي معركة قادمة".
وبشأن الأوضاع في الضفة الغربية أكد المختص العسكري أن "مدينة جنين باتت المنطقة الأكثر سخونة في الضفة وأصبحت عامل استنزاف للقوات "الإسرائيلية" على الحواجز والمعسكرات المحيطة بها، وذلك بسبب العمليات النوعية التي تقوم بها المقاومة وخاصة كتيبة جنين".
كما أشاد بالأداء البطولي التي تسطره جنين ومخيمها ورجالها ومقاتلوها والتصدي الإعجازي للعدو رغم قلة الإمكانيات، وضيق المساحة الجغرافية فيها".
ورجح الكاتب أن تُقدم قوات الاحتلال على تنفيذ عملية كبيرة ضد مدينة جنين في ضوء ارتفاع وتيرة العمليات الفدائية، قائلاً: هناك قرار "إسرائيلي" –ربما قبل نهاية هذا العام-، باتجاه تنفيذ عملية عسكرية كبيرة في جنين".
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي خليل القصاص مع سابقه على أن "الهدف من مناورات سرايا القدس في غزة ليس استعراضيًا بل تأكيدًا على الجهوزية الكاملة للمواجهة ومنع الاحتلال من محاولة الاستفراد بأيٍ من المناطق".
وبين القصاص في تصريحات خاصة لـ "قناة فلسطين اليوم": أن سرايا القدس تمتلك اليوم قوة عسكرية ستشكل مفاجأة للاحتلال سواء في البر أو البحر أو حتى الجو"، معتبراً استمرار الاحتلال في عدوانه على الضفة وجنين بشكل خاص سيدفع المقاومة للرد، وذلك في إطار تثبيت معادلة توحيد الساحات والتي رسمتها المقاومة عقب معركة سيف القدس مايو 2021".
كما أوضح القصاص أن "تصعيد الاحتلال والجرائم التي ينفذها في الضفة تحديداً بمدينة جنين هي محاولة "إسرائيلية" للاستفراد بكتيبة جنين وتصفية أكبر عدد من عناصرها".
وتوقع الكاتب في ختام حديثه أن "كل الأحداث الحاصلة وفي مقدمتها العدوان على جنين والقدس وعدم الاستجابة لمطالب الأسرى المضربين، سيدفع سرايا القدس إلى الذهاب نحو المواجهة والرد على هذه الانتهاكات،مستدركاً؛ هذه عناوين أكد عليها القائد زياد النخالة".
وقال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة في وقتٍ سابق إن ما يجري في القدس والأقصى من انتهاكات وعمليات قتل يومية لأبناء الشعب الفلسطيني بالضفة وهدم البيوت واستهداف المعتقلين في السجون يستدعي وقفة جدية من القوى الوطنية والإسلامية ومن الشعب الفلسطيني.
وأضاف النخالة في تصريح مقتضب: "نحن في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، نقف بكل جدية عند هذه العناوين الكبيرة، ولن نقبل بهذا الإذلال المستمر".
وانطلقت في قطاع غزة صباح اليوم الإثنين مناورة "عزم الصادقين" التي أعلنت عنها سرايا القدس في إطار رفع الجهوزية والاستعداد للمواجهة مع الاحتلال ومحاكاة لعمليات ميدانية بمشاركة كافة التشكيلات العسكرية التابعة لها ومن أبرزها وحدات الصاروخية والمدفعية حيث ستستمر لعدة أيام.
وفي يومها الأول أطلقت الوحدة الصاروخية التابعة لسريا القدس عدد من الصواريخ التجريبة والقذائف من القطاع نحو البحر ضمن أهداف مفترضة، وسط ترقب من الاحتلال الإسرائيلي الذي أطلق العنان لطائرات الرصد في سماء غزة وقبالة البحر.