Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

حكومة بينت تبحث عن خطوات انقاذها

بقلم/ خالد صادق

في الوقت الذي بدا فيه رئيس الحكومة الصهيونية نفتالي بينت منتشيا لإنفاذ ما تسمى بمسيرة الاعلام في القدس المحتلة, واستغلال هذا الحدث انتخابيا لخدمة نفسه في الانتخابات القادمة امام غريمه اللدود بنيامين نتنياهو, يدرك نفتالي بينت ان هذه الخطوة بإنفاذ مسيرة الاعلام ليست كافية لإنقاذ حكومته, او التغلب على نتنياهو في الانتخابات القادمة, وانه يلزمه خطوات فعلية ذات تأثير اكبر, يمكن ان ترضي اليمين الصهيوني المتطرف, الذي بات يتحكم في الانتخابات بشكل كبير, ويحدد وجهتها, فبعد ان ضرب الفلسطينيين نظرية الامن الصهيوني في مقتل ووصلوا الى الخضيرة والنقب وقلب تل ابيب , سعى بينت لحفظ ماء وجهه, لذلك لجأ لعدة خيارات يعتقد انها كفيلة بضمان نجاحه في الانتخابات القادمة امام غريمه وخصمه اللدود بنيامين نتنياهو, والذي أظهرت استطلاعات الرأي تفوقه على نفتالي بينت, وقدرته على تشكيل الحكومة القادمة, فقد سعى بينت لتحقيق قفزة يحتاجها بشدة في مسيرته السياسية لإنقاذ نفسه وحكومته, وهو يمضى في عدة مسارات نذكر منها:

أولا: سن المزيد من القوانين العنصرية التي تعطي المستوطنين مساحة أكبر لتعزيز الاستيطان في الضفة، واخلاء مناطق سكانية كالخان الأحمر وشمال الاغوار والنقب المحتل، وإطلاق يد المستوطنين في القدس والمسجد الأقصى للتهجير القسري للسكان، وتطبيق الصلوات التلمودية والبدء بمخطط التقسيم الزماني والمكاني, لكن بينت فوجئ بأفشال الكنيست الصهيوني لتمديد العمل بقانون الطوارئ, لأول مرة منذ 55 عاما, وبذلك تنتهي صلاحيات شرطة الاحتلال وملاحقة أو التحقيق مع مستوطنين ارتكبوا مخالفات داخل أراضي الـ 48 وهربوا إلى الضفة المحتلة, على اعتبار ان الضفة ارض محتلة لا تملك «إسرائيل» الوصاية عليها.

ثانيا: يسعى بينت للإفراج عن جنوده المفقودين في قطاع غزة والمحتجزين لدى كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس, وهو يسلك مسارين في ذلك اما ابرام صفقة تبادل لا تغضب اليمين الصهيوني, وهذا يحتاج لتراجع القسام عن بعض شروطها بالإفراج عن الاسرى الفلسطينيين, او الوصول للجنود وتحديد أماكنهم ومحاولة استعادتهم بالقوة حتى وان كانوا جثثاً هامدة, وهذا الامر يبدو مستحيلا لان من سبقه حاول فعل ذلك وخاضاً عدواناً مدمر على قطاع غزة, وادخل وحدات خاصة وزرع أجهزة تجسس دون طائل, وعاد صفر اليدين, ويبدو ان نفتالي بينت يستخدم الوسطاء الأمميين والعرب, للضغط على حماس لتخفيف شروطها للقبول بصفقة تبادل, والموافقة على ما تطرحه «إسرائيل» للوصول لإبرام الصفقة, وتقديم تحسينات معيشية للسكان الفلسطينيين وتحديدا في قطاع غزة, ويبدو ان بينت سيبقى يضغط عبر الوسطاء الى ان ينصاع في النهاية لشروط المقاومة.

ثالثا: يبقى الخيار العسكري بشن عدوان جديد على قطاع غزة مطروحا، لان بينت يدرك ان إراقة الدم الفلسطيني هو أقرب الطرق لصناديق الاقتراع، والمستوطنون لديهم حالة نهم للقتل وسفك الدماء وازهاق الأرواح، لكن بينت يدرك ان هذه الخطوة فيها مقامرة كبيرة، ولا يمكن ضمان نجاحها، وانه ليس هناك نصر في غزة، والمقاومة تملك من الإمكانيات ما يمكنها من تحقيق خسائر مادية وبشرية لدى الإسرائيليين ويخشى من تعدد الجبهات, سواء داخليا او خارجيا, وبينت حكومته اضعف من ان تقود حرباً على عدة جبهات, وهو يخشى على مستقبله السياسي حتى لا يكون مصيره كمصير من سبقوه عندما خاضوا مغامرات مجنونة.

يجب ان نعترف ان حكومة نفتالي بينت كانت وحتى وقت قريب مردوعة وخطواتها محسوبة بدقة, وغير قادرة على الإيفاء بوعودها للمستوطنين, خصوصا في القدس والمسجد الأقصى المبارك, لكن انفاذ مسيرة الاعلام اعطى الحكومة مساحة للمناورة, وزادت اطماعها العدوانية في القدس, وزادت رغبتها في حسم الأمور تماما في حي الشيخ جراح, وحي سلوان, كما زادت رغبة نفتالي بينت في ملاحقة المقاومين الفلسطينيين خصوصا في جنين ونابلس, وإمكانية شن عملية عسكرية في جنين التي استطاعت نقل تجربة مقاومتها وسكانها الى مدن أخرى في الضفة الغربية المحتلة, بحيث باتت تحذو حذوها نابلس وطولكرم ومدن أخرى, و «إسرائيل» تخشى من تمدد ثورة جنين وأهلها ومقاومتها الى المزيد من المناطق حتى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م , ما يؤدي في النهاية الى اندلاع انتفاضة عارمة في وجه الاحتلال, والقيام بعمليات فدائية في قلب الكيان الصهيوني, وزعزعة الامن كفيلة بزيادة الهجرة العكسية لليهود, وافشال مخططات الحكومة بجلب المزيد من المهاجرين الجدد الى الأراضي المحتلة, ونسف المعطيات التي تسوق لها «إسرائيل» بان من يأتي لها من المهاجرين اليهود ينعم بالأمن والاستقرار, وتتحسن أوضاعه المعيشية, ويمكن ان يمارس مشاريعه الاقتصادية التي تضمن له الربح الوفير, نفتالي بينت ملاحق بخطوات لكسب ثقة الإسرائيليين قبل اسقاط حكومته التي بات سقوطها حتميا, لذلك هو قد يقدم على المزيد من الجرائم والمجازر, ما لم يأخذ شعبنا الفلسطيني زمام المبادرة بيده, ويفجر انتفاضته العارمة في وجه الاحتلال, وهو قادر على فعل ذلك في أي وقت يشاء.