لم يبرح قطاع غزة أن يخرج من أزمة إلا ويدخل في أخرى.. أزمات أثقلت كاهل المواطنين المحاصرين من قبل الاحتلال منذ أكثر من أربعة عشر عاماً، أزمة تلوها أزمة باتت تعصف بالقطاع؛ وليس انتهاءً بأزمة تضخم أسعار المواد الغذائية الأساسية، لتبلغ مستويات غير مسبوقة، منذرةً بأوضاع مأساوية وصعبة تلوح في الأفق، خلقت حالة من الاستياء بين الأهالي الذين طالبوا بضرورة إيجاد حلول بديله وسريعة من قبل المسؤولين كي تقف سداً أمام الانهيار الاقتصادي والمعيشي ..
أسعار جنونية ..
"أحمد المدهون" صاحب أحد المحلات التجارية، أكد وجود ارتفاع "جنوني" على أسعار السلع الغذائية كالزيوت النباتية والدقيق والتي ارتفعت عن السعر القديم بنسبة 40٪ مما كانت عليه قبل موجة الغلاء، لافتاً لوجود سلع أخرى ارتفعت بنسب متفاوتة كالأجبان المستوردة والمعلبات والبقوليات وبعض السلع الموسمية.
وأوضح المدهون في حديث لــ "قناة فلسطين اليوم": أن موجة الغلاء الحالية لم تشهدها غزة خلال الأعوام الــ 10 الأخيرة، مبيناً أن هذه الموجة طالت غالبية السلع وأثرت على المستهلك وانعكست سلبًا على الحركة الشرائية".
وأشار المدهون أن "المواطنين أصبحوا يتوجهون نحو شراء السلع الضرورية جداً والأساسية، ويعزفون عن شراء الكثير من المواد الغذائية لارتفاع أسعارها لحد عدم قدرتهم على شرائها"، موضحاً أن أصحاب المحال التجارية يُفرض عليهم ضرائب كبيرة أثرت على ارتفاع الأسعار وتأثر بها المستهلك".
جيوب خاوية ..
بدروه عبر المواطن "محمد عبد الجواد" من حي النصر بغزة عن استيائه لما وصلت له الأحوال داخل القطاع وقال " لم أتوقع أن يصل الحال لعدم مقدرتي شراء زجاجة (السيرج)، للارتفاع الكبير في سعرها والأمر أصبح (لا يطاق)؛ " جيوبنا خاوية ولا يوجد شغل ولم يعد أحد يسأل بحال الشعب".
وبين عبد الجواد في حديث لــ "قناة فلسطين اليوم": أن أسرته أصبحت تعتمد على الطعام الذي لا يستهلك (السيرج) بشكل رئيسي، نظرا لما بات يترتب عليه من تكاليف باهظة"،مشيراً أن الوضع الاقتصادي سيئ للغاية ولم نعد نستطيع توفير أدنى مقومات الحياة بسبب الغلاء الكبير".
وطالب في ختام حديثه، "أصحاب الضمائر الحية ووزارة الاقتصاد وحماية المستهلك للنظر في أحوال الناس وعدم تركهم منهكين ووضع حد لهذا الغلاء".
أزمة عالمية وداخلية..
الخبير الاقتصادي "محمد أبو جياب" أرجع الارتفاع الكبير في أسعار السلع الغذائية إلى الأزمة العالمية التي رافقت الأزمة الروسية الأوكرانية، لاسيما وأن الدولتين هما أكبر مصدر للحبوب والقمح والسلع الأساسية للعالم.
وبين "أبو جياب" في تصريح خاص لــ"قناة فلسطين اليوم": أن "روسيا والتي تعتبر من أكبر مصدري النفط والغاز أوقفت تصديره إلى الدول الأوربية على خلفية التوترات التي نشبت بينها وبين دول الاتحاد الأوروبي، ما انعكس سلبًا على كل دول العالم ومن بينها فلسطين والتي طالتها موجة الغلاء العالمية".
كما أكد أن "جميع الدول أخذت إجراءات احتياطية لصالح المواطنين وخصوصًا الطبقة الهشة؛ وهذا الأمر لم يحصل في الأراضي الفلسطينية الأمر الذي أدى لتفاقم الأزمة ونتج عنها ارتفاعات قياسية في الأسعار".
ودعا الخبير الاقتصادي "الحكومة في غزة والضفة إلى التدخل الفوري لمعالجة هذه الأزمة من خلال رفع مستويات الدخل للأفراد والحماية المباشرة للطبقات الهشة والفقيرة التي لا تقوى على مواجهة هذا الغلاء".
واعتبر "أبو جياب" التنافس بين حكومتي رام الله وغزة في فرض الضرائب وجبايتها من جيب المواطن، بدلاً من التكاتف والتكافل زادت من الأزمة على كاهل المواطن، داعيًا إلى تدخل فوري من الحكومة للتخفيف من الأزمة الاقتصادية التي ألقت بظلالها على المواطن الفلسطيني.