كتبه: خالد صادق
أكثر من مائة وخمسين ألف فلسطيني أدوا صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك، رغم كل هذا المنع والقمع والقتل الذي يمارسه الجيش الصهيوني وقطعان المستوطنين ضد الفلسطينيين المتوجهين للأقصى. فما هو الدافع الذي يجعل الفلسطيني يخاطر بحياته ويذهب للأقصى رغم كل هذه الأخطار التي يتعرض لها؟
رئيس الدائرة السياسية في حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين الدكتور "محمد الهندي" لخص ما يحدث في الأقصى وتصدي المستوطنين له، "الشعب الفلسطيني نهض من أجل الدفاع عن مقدسات الأمة في فلسطين، وعن أبنائه، ومستقبله، وأرضه، وهو مستعد للتضحية اليوم، وغدًا، وفي كل وقت طبع المطبعون أولم يطبعوا"، باختصار شديد هذا هو الشعب الذي يتحدى كل الأخطار لأجل الدفاع عن الأمة، ونيل شرف مواجهة كل قوى الشر في العالم ممثلة "بإسرائيل" الغدة السرطانية المزروعة في قلب الأمة لتنخر في عظامها وتفتتها وتضعفها وتدفعها للاستسلام.
وعي الفلسطيني بواجبه الديني والوطني والأخلاقي هو الذي أوصله إلى القناعة للتضحية بالنفس والمال والولد وكل شيء لأجل وطنه وأمته، فهو يقتحم الحواجز ويتسلل الجدران ويخترق الأسلاك الشائكة للوصول للمسجد الأقصى والصلاة فيه. بالأمس كان أحد الفلسطينيين على حاجز عسكري يتحدث لوسائل الإعلام قائلًا، "راح أصلي اليوم في الأقصى يعني راح أصلي في الأقصى، مش سامحين إلي أدخل عبر الحاجز، راح أدخل من طرق التفافية وراح أتسلل إلى القدس مهما كلفني ذلك". هذا الإصرار فيه تحدي واضح للاحتلال وينم عن عقلية الفلسطيني الذي يؤمن تمامًا أنه صاحب حق، وأنه سيقاتل من أجل حقه، وأنّ الأقصى ملك للمسلمين.
الفرق بين الوصاية الشكلية على المسجد الأقصى المبارك والتي يقاتل عليها الزعماء العرب، والوصاية الحقيقية التي يبذل لأجلها الشعب الفلسطيني كل هذه التضحيات، أظهرت الفروق واضحة بين وصاية الرسميين العرب ووصاية الشعب الفلسطيني على الأقصى والذي قدم خلالها الفلسطينيون أرواحهم ودماءهم وأبناءهم دفاعًا عنه، فما قدم الزعماء العرب.
لقد ناقشت اللجنة الوزارية العربية المكلفة بالتحرك الدولي لمواجهة السياسات والإجراءات الإسرائيلية غير القانونية في مدينة القدس المحتلة خلال اجتماعها الطارئ بدعوة من الأردن الخميس الماضي، سبل مواجهة التصعيد الإسرائيلي الخطير في المسجد الأقصى المبارك وبلورة تحرك مشترك لوقف الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية في المقدسات، ووقف العنف، واستعادة التهدئة الشاملة.
وأكدت اللجنة في بيانها الختامي الذي صدر عقب اجتماعها الطارئ في عمان، دور الوصاية الهاشمية التاريخية التي يتولاها جلالة الملك عبد الله الثاني في حماية الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس، والوضع التاريخي والقانوني القائم فيها، وضرورة إزالة جميع القيود والمعيقات التي تقيد عمل دائرة الأوقاف في إدارة شؤون المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف والحفاظ على مرافقه.
وأدانت اللجنة، الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية بحق المصلين في المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، والتي تصاعدت على نحو خطير خلال الأيام الماضية من شهر رمضان المبارك، وأدت إلى وقوع مئات الإصابات والاعتقالات في صفوف المصلين، وإلحاق أضرار بالغة بمرافق الحرم القدسي الشريف، هذا هو ملخص قراراتها وكل ما قدمته.
لذلك نحن نؤكد مرارًا وتكرارًا أن الوصاية الحقيقية على المسجد الأقصى المبارك هي للشعب الفلسطيني الذي يدافع عنه، وللمقاومة الفلسطينية الباسلة التي تحمي المسجد الأقصى من مخططات ومؤامرات الاحتلال وأطماعه في التقسيم الزماني والمكاني للأقصى.
هل قرارات اللجنة الوزارية العربية التي عقدت اجتماعاتها في عمان، هي التي أوقفت مسيرة الإعلام ومنعتها من الوصول إلى باب العمود. هل هي التي أوقفت ذبح القرابين في المسجد الأقصى المبارك، وأفشلت محاولات الاحتلال الصهبوني منع الاعتكاف والرباط في المسجد الأقصى المبارك، أم أنَّ المقاومة الفلسطينية والرسائل التي أرسلتها للاحتلال الصهيوني عبر الوسطاء، والصواريخ التحذيرية التي انطلقت من قطاع غزة تجاه منطقة الغلاف الحدودي هي التي منعت ذلك وأفشلت كل مخططات الاحتلال للبدء بتقسيم المسجد الأقصى زمانيًا ومكانيًا.
اللجنة الوزارية العربية عندما تمطعت وشددت من لهجتها حسب اعتقادها قالت، "إن هذه الاعتداءات والانتهاكات تمثل استفزازًا صارخًا لمشاعر المسلمين في كل مكان، وتقويضًا لحرية العبادة في المسجد الأقصى المبارك، وحرية وصول المصلين إليه، وأنها تنذر بإشعال دوامة من العنف تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وعبرت عن رفضها لجميع الممارسات الإسرائيلية اللاشرعية المستهدفة تغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم في المسجد الأقصى المبارك، إنهم كما وصفهم رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- "غثاء كغثاء السيل".
القدس تحتاج إلى مواقف حقيقية للدفاع عنها ؛لأنها تمثل ضمير لهذ الأمة، وهى عنوان لانتصار الحق على الباطل، ولكنكم قوم تجهلون، أفيقوا أيها العرب، أفيقوا أيها المسلمون.