Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

فرق 2 مليار سنة.. تاريخ جديد لمجرة درب التبانة تكتبه بيانات تلسكوبي غايا ولاموست

611d0c0542360457783327ae.jpg
قناة فلسطين اليوم - وكالات

ربما يكون سوء تقدير عمر شخص ما أمرًا محرجًا، خاصةً عندما يبلغ مقدار الخطأ بضعة مليارات من السنين!

قد يكون هذا هو الحال مع مجرتنا درب التبانة، كما يقترح بحث نُشر في 23 مارس/آذار الماضي في دورية "نيتشر" (Nature)، ففي الدراسة الجديدة، استنتج العلماء أعمار ما يقرب من 250 ألف نجم في مجرة درب التبانة باستخدام بيانات السطوع والموقع والتركيب الكيميائي التي تم جمعها بواسطة تلسكوبين قويين: مرصد "غايا" (Gaia) المداري التابع لـ"وكالة الفضاء الأوروبية" (ESA)، وتلسكوب الألياف الطيفية متعدد الأهداف واسع المجال "لاموست" (LAMOST) في الصين.

خطأ بمقدار 2 مليار سنة

يذكر تقرير على موقع "لايف ساينس" (Live Science) -نُشر يوم 28 مارس/آذار الماضي- أن فريق البحث اكتشف أن آلاف النجوم في جزء من مجرة درب التبانة يعرف باسم "القرص السميك" بدأت في التكون منذ حوالي 13 مليار سنة، أي أبكر بنحو 2 مليار سنة مما كان متوقعًا، وبعد 0.8 مليار سنة فقط من "الانفجار الكبير".

يقول المؤلف الرئيسي للدراسة ماوشنغ شانغ -عالم الفيزياء الفلكية في معهد "ماكس بلانك" (Max-Planck) لعلم الفلك في هايدلبرغ بألمانيا- في بيان صحفي نشرته وكالة الفضاء الأوروبية "تقدم نتائجنا تفاصيل رائعة حول هذا الجزء من مجرة درب التبانة، مثل يوم تكونها، ومعدل تكوين النجوم وتاريخ محتواها من المعادن"، ويسترسل قائلا: "يؤدي تجميع هذه الاكتشافات معا -باستخدام بيانات التليسكوب غايا- إلى إحداث ثورة في تصورنا عن وقت وكيفية تشكل مجرتنا".

ومجرة درب التبانة عبارة عن مجرة حلزونية يبلغ قطرها نحو 105 آلاف سنة ضوئية، ولكن ليست كل أجزاء هذا الشكل الحلزوني متماثلة في السُمك أو التركيب أو الكثافة النجمية؛ فبالقرب من مركز مجرتنا يوجد انتفاخ هائل من النجوم (وربما ثقب أسود فائق الكتلة يجعل جاذبية المجرة متماسكة)، ويمتد قرص المجرة على جانبي هذا الانتفاخ، وهو مكون من قسمين رئيسيين.

 

أحد جوانب "القرص الرقيق" يحتوي على معظم النجوم التي يمكننا رؤيتها من الأرض، ممزوجة بسحب من الغازات المكونة للنجوم، بينما يبلغ ارتفاع "القرص السميك" ضعف ارتفاع القرص الرقيق، لكن نصف قطره أصغر بكثير ويحتوي فقط على جزء صغير من النجوم التي يمكننا رؤيتها في السماء -وفقًا لوكالة الفضاء الأوروبية- ويُعتقد أيضا أن هذا الجزء من مجرة درب التبانة أقدم بكثير، وخال من الغاز، وقد انتهى تشكل النجوم فيه.

 

النجم شبه العملاق

في دراستهم الجديدة، نظر الباحثون في النجوم في جميع أنحاء مجرة درب التبانة، مع التركيز على نوع معين من النجوم يسمى "النجوم شبه العملاقة"، وهي النجوم التي توقفت عن توليد الطاقة في نواتها، وتتحول ببطء إلى عملاق أحمر (نجوم هائلة في طريقها إلى الانهيار لتصبح أقزاما بيضاء)، ومرحلة "شبه العملاق" فترة قصيرة نسبيا من التطور النجمي، مما يعني أنه يمكن لعلماء الفلك تقدير أعمار هذه النجوم بدقة أكبر، وفقًا للباحثين.

ونظرا لأن النجوم الأقدم تميل إلى التوهج في نطاق معين من السطوع وتحتوي على محتوى معدني أقل (أي العناصر الأثقل من الهيدروجين والهيليوم) مقارنة بالنجوم الحديثة، فقد تمكن الفريق من تحديد تاريخ عينة النجوم الخاصة بهم عن طريق معالجة البيانات من كلا التلسكوبين من خلال محاكاة الكمبيوتر، وقد وجد الباحثون أن النجوم في القرص السميك للمجرة كانت في الواقع أقدم بكثير من النجوم التي شوهدت في أماكن أخرى، والمثير للدهشة أن تلك النجوم كانت أقدم بمليارات السنين مما اقترحته الدراسات السابقة.

ووفقًا للباحثين، يمكن لهذا الاكتشاف إعادة كتابة تاريخ مجرتنا، إذ تشير الفروق العمرية بين النجوم في الأقراص الرقيقة والسميكة إلى أن مجرتنا تشكلت في مرحلتين منفصلتين؛ أولا، بعد 0.8 مليار سنة من الانفجار العظيم، بدأ تشكل النجوم في القرص السميك، ثم تسارع تشكل النجوم هذا بشكل كبير بعد نحو ملياري سنة عندما اصطدمت مجرة قزمة تسمى "غايا شبيهة السجق" (Gaia Sausage) بمجرتنا الفَتِيّة، الأمر الذي بدأ المرحلة الثانية من تطور المجرة، عندما امتلأ القرص السميك بسرعة بالنجوم، بينما بدأت الموجة الأولى من تكون النجوم في القرص الرقيق.

ويأمل مؤلفو الدراسة في ملء تفاصيل هذه القصة بشكل أكبر، بعد إصدار مجموعة البيانات الثالثة لقمر غايا يونيو/حزيران القادم. يقول تيمو بروستي، عالم مشروع غايا لوكالة الفضاء الأوروبية الذي لم يشارك في هذه الدراسة، في البيان "مع كل تحليل جديد وإصدار للبيانات، تسمح لنا غايا بإكمال كتابة تاريخ مجرتنا بتفاصيل أكثر لم يسبق لها مثيل".