أكد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الشيخ نافذ عزام، مساء اليوم السبت، أن الاحتلال الإسرائيلي يحسبُ ألف حساب لقوة وإرادة المقاومة الفلسطينية، رغم امتلاكه قوةً وترسانةً مرعبة، منبهاً إلى أن هذا يعتبر إنجازاً كبيراً لشعبنا وقواه.
وقال الشيخ عزام لبرنامج "الأمناء"، على فضائية الأقصى، :"الواضح أن "إسرائيل" تحسبُ حساباً كبيراً لمقاومة الشعب الفلسطيني، وهي لا تريد الذهاب لمواجهة في المرحلة الحالية، لكن كل الاحتمالات تبقى مفتوحة، وليس أمامنا خيار آخر غيرَ واجب الدفاع عن شعبنا ومقدساتنا".
وأضاف "المقاومة استطاعت أن تُسجل إنجازاتٍ كبيرة في كل معاركها التي خاضتها في الأعوام الأخيرة، لاسيما "سيف القدس" عام 2021، والعالم كله رأى قوة وثبات وتماسك قوى المقاومة، ورأى أيضاً فشل "إسرائيل" في تحقيق الأهداف التي أعلنتها لشن حروبها العدوانية".
وشدد. الشيخ عزام على أن هذه المسيرة والمواجهة يجب أن تستمر لحماية شعبنا ومقدساته، لافتاً إلى أنه وبالرغم من التضحيات الكبيرة التي نُقدمها، إلا أن عدونا يدفع أثماناً كبيرة، وكلنا رأى خسائره الفادحة والشلل الذي أصاب الكيان، على مدار 11 في معركة "سيف القدس".
كما لفت إلى أن "إسرائيل" تريد الاستفادة من انشغال العالم بالأزمة بين روسيا وأوكرانيا، ووجود تيار عربي رسمي مُطبع، لتوسيع الاستيطان، وتهويد القدس، وتصاعد استهداف الأسرى.
ونوه الشيخ عزام، إلى أن ما يحدث بين روسيا وأوكرانيا، يكشف زيف الغرب وشعاراته، وأنه لم يكن عادلاً طوال عقود طويلة من الصراع بيننا وبين الاحتلال الإسرائيلي، وأنه كان يتفرج ويصمت إزاء استهداف الأطفال، والنساء، والمساجد، والمدارس الفلسطينية.
ورأى أن الإنجاز على المستوى السياسي مرتبطٌ بعدة عوامل لعل أهمها انصلاح واقع الأمة؛ فالأمة يجب أن تنهض وتتحرك بكل مكوناتها، مشيراً إلى أن شعبنا يحاول أن يُبقى جذوة الصراع متقدةً، والراية مرفوعة.
وشدد الشيخ عزام على أن تحقيق الانتصار الكبير، لن يكون إلا بتحرك الأمة بالكامل.
وعن مبررات إنشاء الهيئة الوطنية لدعم وإسناد أهلنا في الداخل المحتل عام 1948، بيَّن الشيخ عزام أنها تأتي لتأكيد وحدة الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، موضحاً أن الاحتلال حاول طوال عقود الصراع إجراء عملية "غسل أدمغة" للقضاء على أي مشاعر أو انتماء لدى فلسطينيي الداخل المحتل، لكن بفضل الله أولاً ثم بسواعد المقاومة الفلسطينية -التي حركت مشاعر الجماهير، وألهبت حماسهم- فشلت "إسرائيل" في تدجين وإذابة أهلنا في الداخل.
وأضاف "واجبنا اليوم أن نتضامن مع أهلنا في الداخل، ونفضح كذب الدعاية الإسرائيلية، فهناك عنصرية وتمييز كبير يعانون منه بفعل سياسات المحتل".
كما شدد الشيخ عزام على أننا نعيش واقعاً معقداً وصعباً، مستدركاً "لكن من رحمة الله بنا أن تتوقف كافة المحاولات لتصفية القضية الفلسطينية، نتيجة انشغال العالم بقضايا أخرى، فيما العرب قصروا في واجبهم -للأسف- تجاه المقدسات، وتجاه شعبنا المرابط، الذي يتصدر المواجهة عن الأمة كل الأمة"، مُذكراً بالسياق بالإجراءات التي اتخذتها إدارة دونالد ترامب لتصفية القضية الفلسطينية، والتي باءت كلها بالفشل.
وفيما يتعلق بموضوع منظمة التحرير الفلسطينية، قال عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي :"لطالما نظرنا بتقدير لمنظمة التحرير، لكن هناك ما يُشبه الإجماع الآن أن المنظمة تعيشُ حالة من الشلل، وأجمعنا على إعادة بنائها وهيكلة مؤسساتها"، مستذكراً اجتماعاً عُقد للقوى والفصائل في غزة مع أبي مازن عندما كان رئيساً للوزراء قبيل رحيل أبي عمار، وكان هناك إجماع وطني على إصلاح وإعادة هيكلة منظمة التحرير، لكن للأسف تعثرت الجهود، حتى بعد اتفاق القاهرة عام 2005.
وتابع "ملف منظمة التحرير من أهم الملفات الموضوعة على الطاولة بيننا كفلسطينيين، وقبل عام تقريباً في حوارات القاهرة كنا قريبين جداً من إحداث انفراج في الواقع الفلسطيني، لكن قرار إلغاء الانتخابات عطل كل شيء. صحيحٌ أننا ندفع ثمناً، لكن يجب ألا يُعيقنا ذلك عن الاستمرار في تجميع الموقف و توحيد الصف الوطني".
واستطرد الشيخ عزام "نحن نحرص على عدم زيادة التفتت في الجبهة الداخلية، ويجب أن يزيد حرصنا على إبقاء بوابة الأمل لشعبنا، وأن تتكثف المساعي، ويتعزز التعاون والتنسيق بين كل القوى التي تعترض على حالة التفرد بالقرار الفلسطيني، لإحياء المشروع الوطني، فالأمر يحتاج منا جميعاً إلى حكمة كبيرة ووعي بكل الأدوات والوسائل والسياسات التي نواجه بها عدونا".
وعاب على العرب انشغالهم وتقصيرهم تجاه القضية الفلسطينية في هذه المرحلة، لاسيما وأن مقاومة شعبنا تقف بهذا الشموخ، وبهذه البسالة، داعياً لدعمها كي تراكم إنجازاتها، ونصل إلى نتائج أقوى وأفضل.
واستعرض الشيخ عزام الواقع الأليم الذي مرّ به شعبنا وأمتنا في سبعينات القرن الماضي، موضحاً أن هناك محاولات كبيرة جرت لتكسير إرادة الشعب الفلسطيني، ودفعه نحو الرضوخ والاستسلام.
وتابع "الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي (رحمه الله) كان وقتها مرتبطاً بالعمل بالهم الفلسطيني، وبالعمل الإسلامي، وكان يؤرقه أسئلة عديدة منها: إلى أين نحو ماضون؟!. ما هو دورنا في هذه المرحلة في مواجهة "إسرائيل" التي أقيمت تتويجاً للهجمة الغربية على الإسلام؟!، كان هناك حوار طويل أفضى لتشكيل حركة الجهاد الإسلامي، كقوة تجديد داخل الحركة الإسلامية عموماً، وبالساحة الفلسطينية على وجه الخصوص، وطرح هذا الإطار الجديد مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة للأمة العربية والإسلامية".
ومضى يقول "أراد د. الشقاقي وإخوانه عند تأسيس حركة الجهاد الإسلامي أواخر سبعينات القرن الماضي، أن تكون تعبيراً عن موقف الإسلام، ورفض شعبنا للخضوع والاستسلام بغض النظر عن الظروف المحيطة".
ونبه إلى أن الحركة مرت بعدة مراحل، فالمرحلة الأولى شهدت التأسيس والانطلاق في أواخر السبعينيات، ووصلت حتى الانتفاضة الأولى، والتي كانت تعبيراً عن رفض الفلسطيني