شارك وفدٌ من حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، عصر اليوم الجمعة، في المهرجان الذي نظمته حركة فتح- الساحة السورية، على أرض مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوبي دمشق، بمناسبة الذكرى السنوية السابعة عشرة لرحيل الرئيس الراحل ياسر عرفات.
وتقدّم وفد "الجهاد الإسلامي"، عضو مكتبها السياسي عبد العزيز الميناوي، الذي شارك بالمهرجان، إلى جانب حضور تمثيلي من القوى والفعاليات الشعبية الفلسطينية.
سورية لفلسطين
وأكد عضو القيادة المركزية للتنظيم الفلسطيني بحزب البعث العربي الاشتراكي أيمن خليلي، أن ذكرى اغتيال القائد الشهيد ياسر عرفات -التي نفذتها أيادٍ صهيونية ومتصهينين عرب عام 2004- أليمة، مشدداً على أنها مناسبة نجدد فيها الولاء والوفاء لشعبنا وقضيتنا الوطنية.
وبيَّن خليلي في كلمةٍ له، أن عدونا الصهيوني لا يفهم إلا لغة القوة، ولا يمكن أن يمد يده للسلام، بل للغدر والخيانة.
ولفت إلى أنهم وهم يشاركون في هذا المهرجان، يستذكرون العملية الفدائية الأولى للثورة الفلسطينية المعاصرة، التي انطلقت خلاياها من سورية.
كما لفت خليلي إلى أن سورية شهدت عام 1964 تأسيس جيش التحرير الفلسطيني، كنواة للتحرير وفي سياق التلاحم الأسطوري بين الشعبين الشقيقين في سورية وفلسطين.
واستشهد بتصريحٍ خالد للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، "سورية لفلسطين بقدر ما هي فلسطين للفلسطينيين"، وتأكيد الرئيس بشار الأسد، مراراً، أن قضية فلسطين هي أقرب القضايا إلينا، ولا يمكن أن ننفك عنها، وعن دعمنا لها.
ونوه خليلي إلى أن الجيش العربي السوري والقوات الرديفة له، والحليفة معه، تواصل تحقيق الإنجازات الميدانية يومياً، فيما يقف حزب الله من موقع قدرة المقاومة التي تمتلك زمام المبادرة، في إطار محور المقاومة وقدراته الواعدة لفرض مشيئة الأمة ضد أعدائها.
وأضاف "يحدونا الأمل أن يكون الجميع على مستوى تضحيات شعبنا في الوطن المحتل، الذي يواجه بعزم وثبات عدوان الاحتلال المتواصل والمستعر".
وأشار إلى أن توجهاتهم ومنطلقاتهم في التنظيم الفلسطيني لحزب البعث العربي الاشتراكي، تتلخص بالتمسك بالمنطلقات الوطنية للمشروع الوطني الفلسطيني، واعتماد كل أشكال المقاومة في مواجهة الاحتلال، وإلغاء الاعتراف بالعدو، ومطالبة الرئيس عباس بالتحلل من اتفاقيات أوسلو، وتعزيز الوجود الفلسطيني المرابط مع محور المقاومة.
استدارة في الموقف
من جانبه، أكد نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين فهد سليمان، أن الرئيس الراحل ياسر عرفات، دفع حياته ثمناً للاستدارة في الموقف من "أوسلو"؛ حينما استبان له انسداد هذا الطريق، فكان قراره التاريخي بتفجير الانتفاضة الثانية عام 2000 رغم كل المخاطر، التي قادت بالنهاية لاستشهاده.
وقال سليمان في كلمةٍ له باسم فصائل منظمة التحرير، :"في حضرة الشهادة التي نقف أمامها بخشوع كل عام، نستخلص أهمية تجاوز حِقبة الانقسام، وإعادة بناء شاملة لمؤسسات منظمة التحرير، وضرورة انفتاحها على جميع القوى الفلسطينية، بالانتخابات إن أمكن، وإن تعذر ذلك بالتوافق الوطني".
ودعا لضرورة القصوى اعتماد استراتيجية كفاحية، تقوم على المقاومة بكل أشكالها، وصولاً إلى العصيان العام، ومواصلة الجهد الطويل لتدويل القضية الفلسطينية على أوسع نطاق، ومحاصرة "إسرائيل" ومطاردتها وملاحقتها على جرائمها وانتهاكاتها الصارخة للقوانين الدولية، والأعراف القيمية والإنسانية.
كما دعا سليمان لتعزيز صمود شعبنا في الضفة الغربية بما فيها القدس، وقطاع غزة، مشيراً في السياق إلى أنه "بهذا كله نستعيد عناصر القوة التي دأب الكبير ياسر عرفات، والتي استشهد وهو يراكمها، وبهذا نكون المخلصين والأوفياء لذكراه".
همس عرفات بالمقاطعة
بدوره، كشف عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وسفير فلسطين في سورية د. سمير الرفاعي، عن تعطيل دولة عربية خليجية، زيارة الرئيس الراحل ياسر عرفات لدمشق، في لحظاتها الأخيرة إبان حملة المقاطعة العربية الرسمية له، والتي بدأت بعد رفضه التنازل عن الثوابت الوطنية الفلسطينية في محادثات "كامب ديفيد" عام 2000.
وقال الرفاعي في كلمة له: "اتخذ العدو قراره بتصفية الرئيس عرفات بعد "كامب ديفيد"، حين قال للأمريكان: "أدعوكم لحضور جنازتي، فالموت أهون عليَّ من التنازل عن الثوابت". يومها قالوا له: "ستعود بطلاً، لكن لن يتحدث معك أي مسؤول عربي"، وفعلاً مُنعوا من الحديث معه، وعُطلت زيارة له كانت مقررة لدمشق، من قِبل دولة خليجية، حيث تدخلت هذه الدولة -السباقة إلى التطبيع مع الاحتلال- في اللحظات الأخيرة، وقالوا للأشقاء في سورية: "إن عرفات مُحرج من هذه الزيارة"، ما يؤكد أن النظام الرسمي العربي متواطؤ مبكراً على القضية الفلسطينية، وعلى سورية، وهذا النظام نفسه هو الذي أخرج سورية من الجامعة العربية".
وأشار إلى أن أبا عمار كان يهمس لزواره في مكتبه بالمقاطعة بأن "المشروع انتهى"، (أي: "السلام")، وهو ما دفع الأمريكان أن يقولوا: "إن إنهاء حياة عرفات يحتاج لقدرة إلهية"، فعقب شارون عليهم قائلاً: "إن القدرة الإلهية تحتاج ليد بشرية"، وهذا اعتراف واضح منهم باغتياله.
وذكّر الرفاعي بأن الرئيس الراحل اتصل بقيادات فلسطينية في دمشق، قبل الذهاب الى محادثات "كامب ديفيد"، وأوصوه قائلين: "الثوابت يا أبا عمار"، وقد فعلها ولم يتنازل، ولازالت بعض هذه القيادات موجودةً حتى اللحظة في دمشق.
ولفت إلى أن إحياء هذه المناسبة اليوم في مخيم اليرموك، يكتسب أهميةً كبيرة كونه الشاهد على تفاصيل وحكايات النكبة، والذي احتضن حلم أهلنا بالعودة، مبيناً أنه صحيح مدمر، لكن الظلاميين الذين تسببوا بهذا الألم، لم يستطيعوا تدمير حُلم العودة، الذي أصبح موروثاً من جيلٍ إلى جيل.
وبحسب الرفاعي فإن "هذا المخيم كان شاهداً على فصل "الانطلاقة" من تاريخنا الفلسطيني المُعاصر، فبعض بيوت المخيم شاركت في تجهيز وتحضير مجموعات الفدائيين الأولى التي دخلت لفلسطين".
واستعرض سفير فلسطين في سورية، ما يجري داخل الأرض المحتلة، قائلاً :"العدو ماضٍ في مشروعه الاستيطاني، وهدم البيوت، ومصادرة الأراضي، واقتلاع الأشجار، علاوةً على سماحه وحمايته لعصابات المستوطنين باقتحام المسجد الأقصى واستباحته يومياً"، مضيفاً "كل هذه الإجراءات وردت في "صفقة القرن" خصوصاً استهداف منطقة الأغوار الشمالية، حيث يقوم المستوطنون بالاعتداء على السيارات والمارة في الطرق، ومحاولة منع الفلاح الفلسطيني من الوصول لأرضه، كل ذلك يجري تحت سمع وأنظار العالم، وصمت المطبعين العرب..".
واتهم الرفاعي، الإدارة الأمريكية بالسعي لتصفية القضية الفلسطينية، مشدداً على أن دعمها لأمن الاحتلال وتفوقه العسكري، يأتي بهدف تأبيده.
وتابع: "إن الفلسطينيين بكل مكوناتهم مطالبين بمراجعة شاملة، واتخاذ خطوات فعلية، وإعادة النظر في كل الاتفاقيات الموقعة -بما فيها الاعتراف بإسرائيل- والتحلل منها".
وشدد الرفاعي كذلك على أهمية إجراء حوارات داخلية فلسطينية من أجل بناء إستراتيجية وطنية تواجه المخاطر والتحديات التي تتهدد قضيتنا الوطنية، بحيث تقوم على أساس إنهاء الانقسام.
وفي ختام حديثه، توجَّه الرفاعي بالتحية لسورية العربية، رئيساً، جيشاً وشعباً، ولأهل الجولان الصامدين على وجه الخصوص، معرباً في الوقت ذاته عن ثقته بأن هذا البلد سيبقى حصيناً ومدافعاً عن قضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.