وصف رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية الحراك السياسي في المنطقة المتعلق بالقضية الفلسطينية بالحمل الكاذب، مشيرا خلال لقاء مع عدد من الصحفيين الفلسطينيين أنّ لا أحد يطرح شيئا على الطاولة، وأن الإدارة الأمريكية ليس لديها شيء لتقدمه، وقال إن وزير جيش الاحتلال بني غانتس جاء إلى رام الله للحديث بما هو دون السقف السياسي، وأشاد بتحرر ستة أسرى من سجون الاحتلال أمس معتبرا أن من حق كل أسير البحث عن حريته.
كما أشار اشتية إلى توقف مشاورات التعديل الوزاري لحكومته عند الرئيس محمود عباس، مؤكدا قرب إحداث تغييرات على مستوى الأجهزة الأمنية والمحافظين والسفراء، وأن ما حصل في قضية المعارض والمرشح السابق نزار بنات ليس نهجا، فيما لم يبد تفاؤلا بملف المصالحة رغم قوله: "قلبنا وعقلنا مفتوح على كل حوار مع حماس" وكشف عن تكليف نائب رئيس الوزراء بالبدء بحوارات لم يفصح عن طبيعتها.
وقال اشتية خلال حواره مع الصحفيين داخل مقر مجلس الوزراء في رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة إن كل الحراك الحالي هو حمل كاذب، كما دعا إلى عدم التعويل على الزيارة التي قام بها مدير جهاز الاستخبارات الأمريكية وليام بيرنز إلى رام الله، كونها ضمن جولة له في كل المنطقة كرجل حديث عهد في المنصب، ولم تحمل أي جديد.
وأضاف اشتية أنه لم يتم طرح شيء على الطاولة، وليس هناك من لديه ما يملأ الفراغ لا الأمريكان أو العرب أو الإسرائيليين، وقال إن المبادرة العربية يجب أن تقرأ عليها الفاتحة بعد تطبيع بعض الدول العربية علاقاتها مع الاحتلال، مؤكدا أن الرئيس الفلسطيني والعرب (في إشارة إلى الاجتماعات الأخيرة مع رؤساء عرب) يحاولون ملأ الفراغ الموجود؛ بالتركيز على الشرعية الفلسطينية وحل الدولتين.
وقال اشتية إن الإدارة الأمريكية ليس لديها ما تقدمه، وأنها نفذت وعودا انتخابية، مثل دفع الأموال إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونوروا، وإعادة كامل العلاقات الأمريكية كما كان الوضع عليه في زمن إدارة أوباما في كل القضايا في العالم، متوقعا أن يتم فتح القنصلية الأمريكية في القدس خلال أشهر، وقال: "نحن نريد عنوانا أمريكيا مستقلا للتعاطي مع الفلسطينيين في القدس".
أما عن الوعود السابقة بإعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن؛ فقال إن الفلسطينيين عمليا لن يتمكنوا من ذلك دون تغيير قانوني أمريكي ،حتى لو سمحت الإدارة الأمريكية بذلك، حيث أن الكونغريس الأمريكي أصدر سابقا قانونا يمكن من خلاله تفعيل حكم قضائي ضد السلطة الفلسطينية بقيمة 650 مليون دولار رغم حصولها على استئناف بإلغاء الحكم، مشيرا إلى أن تفعيله يكون في حال فتح المكتب، أو إدلاء مسؤول فلسطيني تصريحات في الولايات المتحدة دون صدور تصريح عمل لمكتب المنظمة.
وحول العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية قال إن السلطة الفلسطينية تسعى للوصول إلى علاقة ثنائية سليمة بعيدا عما يجري حاليا من ربطها بعلاقة السلطة مع الاحتلال الإسرائيلي.
وحول اللقاء نهاية الشهر الماضي بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير جيش الاحتلال بيني غانتس قال إنها الزيارة الأولى لمسؤول إسرائيلي منذ 11 عاما، مشيرا إلى أن غانتس حاول ذلك عدة مرات، ونفذ الزيارة بعد أن أوصاه رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت بأن لا يتحدث في السياسة، وأن بإمكانه الحديث عن كل ما هو دون السقف السياسي.
وأكد أن الرئيس عباس تحدث في الجانب السياسي، لكن غانتس رد بما لديه؛ وقدم 11 مخططا هيكليا في مناطق ج، و5 آلاف لم شمل، و500 مليون شيكل، مشيرا إلى أن ذلك يأتي بما يعرف بتقليص الصراع دون حله، وعلق بالقول: "نحن لن نقول لمن يقدم تسهيلات للشعب الفلسطيني لا، ولكن نؤكد أن المشكلة في الاحتلال والقدس وتفتيت الجغرافيا".
وحول تعثر التعديل الوزاري الذي أثار الجدل مؤخرا في الساحة الفلسطينية؛ قال اشتية إن نقاشا دار في القيادة حول الحاجة إلى تعديل، وكان النقاش بين ثلاثة خيارات وهي التعديل الوزاري الشامل، أو ملؤ الفراغات كحقيبتي وزارتي الداخلية والأوقاف اللتين يتولاهما هو، أو تعديل محدود يطال أربعة أو خمسة وزراء، وقال إن الحوار توقف عند الرئيس عباس، وأوضح: "من حقي أن أستمع إلى إخواني في اللجنة المركزية ولكن الحكومة هي حكومة الرئيس".
وقال إن وظيفة السلطة الفلسطينية يجب أن تتغير إلى سلطة مقاومة، موضحا: "لا أن نتمترس خلف السلطة وألا تأخذ المنظمة دورها، بل أن تتحول السلطة إلى دولة وأن تبقى منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني".
وأعرب اشتية عن أسفه للتطورات الأخيرة بملف الحريات معتبرا أن الاعتقالات والتي طال بعضا زملاء له في الجامعة، وبعضا ممن يجلسون على طاولة القيادة غير مقبولة، وقال: "أعلم أن الشرطة كانت تعمل ضمن القانون لكن قد يكون القانون مرن" معتبرا أن ما حصل لا يشكل نهجا، كاشفا عن العمل على آلية لمنع التعذيب وعن تكليف نائب رئيس الوزراء ببدء حوارات لم يكشف طبيعتها، وعن تكليف الوزراء ببدء حوارات في القطاعات التي تعتبر تحت مسؤوليتهم عنها.
وفي قضية المعارض نزار بنات أكد أنه لم يكون مقصودا أن يتم مس حياته، وفي المقابل قال إنه لا أحد يتنكر أنه توفي بين أيدي الأمن، لكنه قال إن الأمر لا يشكل نهجا لدى الأجهزة الأمنية متسائلا عن وجود حالات مشابهة خلال ثلاثين عاما، وتابع أنه شكل لجنة تحقيق، وأن النيابة العسكرية حققت في الأمر، وأنه تم توجيه لائحة اتهام إلى 14 عنصرا من الأمن.
وفي هذا السياق أكد اشتية وجود تغييرات مرتقبة على مستوى الأجهزة الأمنية والمحافظين والسفراء، قائلا إن هناك 36 سفيرا تفوق أعمارهم ال65 عاما، و16 سفيرا أكثر من 75 عاما، وقال: "نحن مقدمون على مجموعة تغيرات تعيد الوهج للمشهد".
وبدا اشتية غير متفائل في ملف المصالحة رغم قوله: "قلبنا وعقلنا مفتوحة أمام كل حوار مع حماس" وقال إن حماس في آخر جولة كانت لا تريد الحديث عن حكومة، بل فقط عن ملف منظمة التحرير.
وحول الوضع المالي للحكومة قال إنها دخلت بمجموعة من الأزمات في مقدمتها جائحة كورونا، وعراقيل إسرائيلية بوقف استلام أموال المقاصة لقرابة ستة أشهر، مشيرا إلى أن الاحتلال يخصم شهريا ما يقارب 200 مليون شيكل (62 مليون دولار) منها 100 مليون شيكل رواتب الأسرى، و13 مليون شيكل بدلا لتكرير المياه العادمة التي تنحدر من الضفة بفعل التضاريس التي تنخفض، وفاتورة مياه وكهرباء الضفة الغربية وقطاع غزة والتحويلات الطبية.
وأكد اشتية أن مصادر تمويل الحكومة تقتصر على الضرائب الداخلية والمقاصة من المناطق أ وب في الضفة الغربية، حيث أن أموال المانحين متوقفة سواء من الأمريكان أو الأوروبيين أو العرب كل لأسبابه كما قال.
وقال إن فاتورة الرواتب لوحدها تبلغ 920 مليون شيكل (287 مليون دولار) بينما يتوفر من إيرادات شهريا 700 مليون شيكل فقط ما يضطر الحكومة للاقتراض، مشيرا إلى أن الحكومة تقوم بصرف ما يقارب 140 مليون دولار شهريا في قطاع غزة بين الصحة والرواتب والكهرباء والتحويلات الطبية، بينما لا تبلغ الإيرادات من غزة أكثر من 3 ملايين دولار فقط.
وأعلن اشتية عن قرار بإجراء انتخابات للمجالس المحلية على مرحلتين تبدأ في شهر كانون أول ديسمبر المقبل، ب388 هيئة محلية، على أن تجرى انتخابات باقي الهيئات في العام المقبل.
وأبدى اشتية إشادة بتحرر ستة أسرى فلسطينيين أمس من سجن جلبوع الإسرائيلي، وقال إنه صرح أمام كاميرات وسائل الإعلام في فعالية صباح اليوم بأن لكل أسير فلسطيني يريد الحرية الحق في البحث عن كل طرق لينالها، مطالبا الاحتلال بالإفراج عن كافة الأسرى ومنهم الأسرى المرضى والمؤبدات والنساء، وحمل خلال لقائه مع الصحفيين الاحتلال المسؤولية عن حياتهم.