عبد الباري عطوان
المُناضل الوطني الشّهيد نزار بنات اغتيل عمدًا، وقوّات الأمن التي اقتحمت منزله السّاعة الثالثة فجرًا، واعتدت عليه أمام زوجته وأطفاله بالضّرب بأسياخٍ حديديّة هي المسؤولة عن تنفيذ عمليّة الاغتِيال هذه، أمّا المسؤول الأكبر فهو الرئيس الفِلسطيني محمود عبّاس شخصيًّا، لأنّ عمليّة إجراميّة إرهابيّة كهذه لا يُمكن أن تتم إلا بعلمه، وإذنه، وتحريضه، ولهذا من حقّ المُشاركين في عمليّة تشييعه اليوم بعد صلاة الجمعة في مسقط رأسه جنوب الخليل أن يُطالبوا برحيل الرئيس عبّاس، وإسقاط السّلطة التي يتزعّمها لأنّها لا تُمثّلهم.
تشريح جُثمان الشهيد أكّد أنّه تعرّض للضّرب وأنّه انتقل إلى رحمة الله تعالى بسبب هذا الضّرب على رأسه، وبهدف اغتِياله، الأمر الذي يُؤكِّد أنّ التّعليمات التي أُعطِيَت إلى جزّاريه هي بالقتل العمد، ولذلك فإنّ أيّ مُطالبة بالتّحقيق، بلجانٍ مُستقلّة أو غير مُستقلّة، هو مضيعة للوقت، ورِهانٌ على عُنصر النّسيان، وإبعاد المسؤوليّة عن المُجرم الحقيقي.
***
قوّات الأمن التي هاجم أكثر من 25 من عناصرها منزل الشّهيد الأعزل الذي لا يملك إلا قلمه وحُنجرته، هذه أخطر من قوّات الاحتِلال الإسرائيلي الذي تعمل عنده وتأتمر بأوامره، وتُنَفِّذ تعليماته، ولهذا يجب أن يتعاطى معها الشّعب الفِلسطيني بالطّريقة نفسها التي يتعامل بها مع قوّات الاحتِلال، وهذا أضعف الإيمان.
عمليّة الاغتِيال الاستفزازيّة المُعيبَة هذه جاءت في الوقت الذي يحتفل فيه الشّعب الفِلسطيني في الوطن والجِوار والمنافي بالانتِصار الكبير الذي حقّقته المُقاومة الباسلة على العُدوان الإسرائيلي الأخير على قِطاع غزّة، لحِرمان هذا الشّعب من فرحته، وهذا ليس مُستَغربًا على قوّات الأمن التي تتباهى بمنع العمليّات الفدائيّة ضدّ الاحتِلال في الضفّة الغربيّة، وتتَجسّس على كُلّ الشّرفاء وتُقَدِّم معلوماتها إلى أجهزة الأمن الإسرائيليّة، لاعتِقالهم أو قتلهم.
هذه السّلطة اختارت الوقوف في خندق الاحتِلال في مُواجهة الشّعب الفِلسطيني، ولم تتورّع عن قمع أيّ صوت حُر ينتقد تواطؤها ودورها الوظيفي القَذِر في خدمة الاحتِلال، ولهذا يجب إسقاطها وفي أسرعِ وَقتٍ مُمكن، بعد أن سقطت شرعيّتها، وباتت تُمَثِّل الاحتِلال ومُخطّطاته وليس الشّعب الفِلسطيني.
الشّهيد نزار بنات كان رَجُلًا بكُل معنى الكلمة، وتحدّى السّلطة وكِلاب حرّاسه الاحتِلال بكُلّ شجاعةٍ، وجُرأةٍ، ولم يَعرِف الخوف مُطلقًا، وسَخّر قلمه وحُنجرته، لنُصرة قيمه ووطنه وعقيدته مِثل آلاف الشّهداء والأسرى من أبناء شعبه.
***
يجب التّصدّي لكِلاب حراسة العدوّ الإسرائيلي، وكُل من يدعمهم لوضع حَدٍّ لإرهابهم للشّعب الفِلسطيني بأسرعِ وقتٍ مُمكن، ففي هذه المرّة هاجم هؤلاء الجُبناء منزل نزار بنات بالقُضبان الحديديّة تحت جُنح الظّلام، وفي المرّة المُقبلة بالمناشير الكهربائيّة.
عارٌ على هذه السّلطة وقوّاتها التي تَذرِف دُموع التّماسيح على مُصادرة العدوّ المُحتَل حُريّات التّعبير، ومُمارسة كُلّ أنواع القمع والقتل والاعتِقال، وتُبادِر في في الوقتِ نفسه بتِكرار المُمارسات والجرائم نفسها، وبطَريقةٍ أكثر دمويّة وشراسة.
الرّحمة للشّهيد نزار بنات العار كُلّ العار لقتلته، وقيادتهم، والقصاص العادل سيَصِل إليهم حتمًا، والشّعب الفِلسطيني لن يَغفِر ولن ينسَى.