اضطرابات النوم أو قلة النوم من أمراض العصر، ولذلك نتائج خطيرة قد تصل إلى الموت المبكر، نقدمها في هذا التقرير، مع نصائح للحصول على نوم جيد والتعامل مع اضطرابات النوم في زمن الكورونا، وإرشادات لقيلولة صحية.
ومخطئ من يعتقد أن قلة النوم يمكن تعويضها لاحقا. فالأضرار الناجمة عن ذلك هي مباشرة ومستمرة مهما حاول الإنسان تداركها فيما بعد. وتكفي ليلة واحدة لا نحصل فيها على قسط واف من النوم لإحداث اضطرابات عصبية ونفسية، خاصة إذا كنّا نعمل في اليوم الموالي، وفقا لتصريحات الدكتور هانس-غونتر فييس، رئيس المعهد الألماني لطب النوم (DGSM)، أدلى بها لوسائل الإعلام الألمانية، ونقلتها دويتشه فيلله في تقرير.
لكن متى يمكننا القول إننا حصلنا عن القسط الكافي من النوم؟ وهل يمكن حساب ذلك بالساعات؟
يرد الخبير الألماني والذي ألف كتابا حول الموضوع بعنوان "النوم يحقق المعجزات"، بالقول إنه لا يمكن تحديد ذلك بالساعات، وإنما العامل المحدد هو الجينات، ما يعني أن كل واحد منّا عليه مراقبة جسده لاستخلاص عدد الساعات التي يحتاجها للنوم. ومع ذلك هناك معدل تقريبي يقدر بسبع ساعات من النوم للرجال، فيما تحتاج النساء إلى عشرين دقيقة إضافية.
متى تصبح قلة النوم خطرة؟
هذا السؤال لا يمكن الإجابة عليه بحسم. مع ذلك ينصح الخبراء مَن واجه مشاكل في النوم ثلاث مرات في الأسبوع ولمدة شهر، بالذهاب فورا إلى الطبيب.
بالطبع قلة النوم تدخل ضمن مشاكل العصر الحديثة، وهي أكثر شيوعا في الدول المتقدمة، حيث ضغوطات العمل أكثر حدة، مقارنة بالمجتمعات الأخرى. لكن انتشار الهواتف الذكية أثر بدوره على جودة النوم، وذلك على مستوى عالمي، حتى بات الهاتف الذكي عاملا "تخريبيا" للنوم الصحي، وذلك بسبب "معدل الضوء الأزرق للشاشات الذي يؤثر سلبا على إفراز هرمون ميلاتونين" المسؤول عن النوم، وفق الأطباء.
ويمكن تلخيص الأضرار الناجمة عن قلة النوم في التالي:
ضعف الجهاز المناعي
قلة النوم بمعدل ساعتين طيلة أسبوعين كافية لإحداث خلل في الجهاز المناعي. من الأعراض الشائعة التعرض لنزلة البرد باستمرار. ويقول الدكتور فييس إنه وفق دراسات أجريت في معهده "كل شخص من اثنين يتعرض لنزلة برد بسبب قلة النوم".
تقليل القدرات الذهنية
قلة النوم تؤثر بشكل مباشر على القدرات الذهنية للمرء وتحدّ منها. هذا ما تظهره جليا الإحصائيات الرسمية والتي تشير إلى أن أعداد ضحايا حوادث السير بسبب ضعف التركيز أعلى بكثير من تلك التي يكون سببها تناول المشروبات الكحولية عند قيادة السيارة.
زيادة الوزن
قلة النوم تحدث اضطرابات في الهرمونات، ما يتسبب في زيادة الوزن. كما أن قلة النوم تنمي الرغبة في تناول الطعام، والسبب الزيادة في إفراز هرمون "غريلين" المسؤول عن الإحساس بالجوع.
مشاكل نفسية
من الأعراض المعتادة لقلة النوم الاضطرابات النفسية والاكتئاب ولدى البعض حالات الخوف المرضي. ويصنف الأطباء اضطرابات النوم في صدارة أعراض أمراض الاكتئاب.
الموت المبكر
قلة النوم ترفع من خطر الموت المبكر، لأن الجسم لا يصل إلى مستوى الراحة المنشود. كما أن الأمراض المذكورة آنفا من شأنها وفي حال أصيب المرء بإحداها الزيادة من خطر الموت المبكر. وهذا أيضا ينطبق على الأشخاص الذين يبالغون في النوم.
تشغيل الفيديو
اضطرابات النوم في زمن كورونا.. أسباب وحلول
شهدت الآونة الأخيرة ارتفاع معدلات الإصابة بالأرق وصعوبات النوم بسبب التوتر النفسي الناجم عن تفشي فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19”. ويعرض تقرير لوكالة الأنباء الألمانية بعض التدابير البسيطة يمكن للمرء مواجهة هذه الصعوبات لينعم بنوم هانىء ومريح.
وقال الدكتور هانز جونتر فييس، أخصائي طب النوم الألماني، إن جائحة كورونا تسببت في ارتفاع معدلات الإصابة باضطرابات النوم، وذلك بسبب المخاوف بشأن الصحة والأوضاع المادية وغياب التواصل الاجتماعي؛ حيث تؤدي هذه العوامل إلى الإصابة بالتوتر النفسي، الذي يعد العدو اللدود للنوم الهانىء والمريح.
العمل المنزلي
من جانبها أشارت الدكتورة دورا تريشيه، أخصائي طب النوم الألماني، إلى أن العمل من المنزل ساهم أيضا في ارتفاع معدلات الإصابة باضطرابات النوم، موضحة أنه عندما يظل المرء داخل المنزل لوقت طويل، فإن الجسم لا يدرك التحول الضوئي بين النهار والليل على نحو جيد، ومن ثم لا يشعر المرء بالتعب ليلا، ما يمهد بدوره الطريق للإصابة بالأرق.
ولمواجهة اضطرابات النوم والحصول على نوم هانئى وخاصة في زمن كورونا ينصح بالتالي:
الابتعاد عن العوامل المسببة للتوتر النفسي والأرق؛ حيث ينبغي عدم وضع المكتب المنزلي في غرفة النوم.
ينبغي اتباع إيقاع نوم/استيقاظ محدد وثابت.
من المفيد أيضا اتباع بعض الطقوس قبل النوم مثل شرب كوب حليب دافيء أو كوب شاي بالعسل، في حين ينبغي عدم شرب القهوة في المساء لتأثيرها السلبي على جودة النوم. وبشكل عام ينبغي الإقلال من السوائل مساء لتجنب الاستيقاظ ليلا من أجل التبول.
من المهم أن تشكل غرفة النوم بيئة مثالية للنوم؛ حيث ينبغي أن تكون الغرفة مظلمة ويسودها الهدوء وذات درجة حرارة مناسبة للشخص، تتراوح عامة بين 15 و18 درجة مئوية.
يراعى عدم التعرض للضوء الأزرق المنبعث من الأجهزة الإلكترونية كالهاتف الذكي والتلفاز قبل الذهاب إلى الفراش بنحو ساعتين على الأقل؛ نظرا لأن الضوء الأزرق يتسبب في تثبيط هرمون “الميلاتونين” اللازم للنوم.
يلعب السرير المناسب دورا مهما في التمتع بنوم هانيء ومريح؛ حيث ينبغي أن يكون السرير ذا ارتفاع مناسب بحيث لا يكون عاليا جدا أو منخفضا للغاية، في حين ينبغي أن تكون المرتبة صلبة بقدر كاف بحيث لا “يغرق” فيها المرء أثناء النوم، مع مراعاة تغيير المرتبة كل 8 إلى 10 سنوات على أقصى تقدير.
نصائح للقيلولة
من جهتها أشارت مجلة “فرويندين” الألمانية إلى أن القيلولة تساعد المرء على إعادة شحن طاقته خلال النهار، فضلا عن أنها
تقلل من مستويات التوتر والضغط العصبي. وأشارت المجلة الألمانية إلى بعض الأخطاء التي ينبغي تجنبها للاستمتاع بقيلولة مثالية.
وأوضحت المجلة الألمانية أنه لا يجوز أخذ قيلولة بعد الساعة الثانية ظهرا، لأن ذلك قد يزيد من صعوبة النوم ليلا، بالإضافة إلى أنه يجب أن تكون هناك فترة محددة للقيلولة، مع التخطيط لوجود 30 دقيقة أخرى إلى أن يتم استعادة التركيز بالكامل بعد الاستيقاظ، نظرا لأن المرء غالبا ما يكون نعسانا وبطيئا بعد القيلولة.
وقد يكون من المغري النوم لمدة أطول من 25 دقيقة في القيلولة، إلا أن النوم لفترة أطول لا يساعد على تحقيق الاسترخاء واستعادة النشاط والحيوية، نظرا لأنه يتم الانتقال إلى مرحلة النوم العميق بعد مرور نصف ساعة، ولذلك قد يشعر المرء بالكسل إذا زادت مدة القيلولة على 25 دقيقة.
وقد يتمكن بعض الأشخاص من النوم خلال فترة الظهيرة في أي مكان، ولكن يحتاج معظم الأشخاص إلى أجواء مناسبة قبل أن يتمكنوا من النوم، ولذلك من الأفضل اختيار غرفة مظلمة وهادئة ومريحة، كما يمكن الاستعانة بسدادات الأذن أو أقنعة النوم، في حالة وجود ضوضاء أو أجواء ساطعة في البيئة المحيطة.
ختاما هناك بعض الحالات التي ينبغي على المرء فيها التخلي عن القيلولة، مثلا عند الاستيقاظ متأخرا من النوم في الصباح أو عند الرغبة في الخلود للنوم مبكرا، نظرا لأن القيلولة قد تجعل النوم صعبا أثناء الليل، ويتعين على الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في النوم بصفة عامة التخلي عن القيلولة، وعند الشعور بإرهاق شديد غير عادي خلال النهار يمتد فترة طويلة من الزمن فإنه من المستحسن استشارة الطبيب المختص.