تسعى حكومة الاحتلال الإسرائيلي جاهدة إلى ربط مدينة القدس المحتلة بشبكة من الأنفاق والطرق الكبرى، التي ستخترق الأحياء والتجمعات الفلسطينية، وستعمل على محاصرتها بالكامل، في مقابل تسهيل حركة المستوطنين ووصولهم إلى المستوطنات الواقعة شرق وغربي المدينة.
وكشفت "لجنة التنظيم والبناء" الإسرائيلية عن مخطط تهويدي جديد يربط شمالي مدينة القدس بأربعة أنفاق جديدة بدلًا من نفق واحد.
وأعلنت اللجنة إيداع خارطة هيكلية محلية تحت اسم مشروع إقامة 4 أنفاق في مفرق مستوطنة التلة الفرنسية لفصل مستوى حركة مواصلات شمال القدس، ولربط شبكة الطرق بين الشارع الالتفافي (443) تل أبيب- غربي القدس بشطرها الشرقي، باتجاه مستوطنات الغور، ضمن خطة توسيع الشارع رقم (1).
ومع بداية العام 2021، بدأت حكومة الاحتلال فعليًا بتنفيذ عدد من المشاريع الاستيطانية والتهويدية التي صادقت عليها خلال العام 2020، بهدف فرض واقع جديد على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفصل الأحياء المقدسية عن بعضها، في مقابل خدمة الاستيطان والمستوطنين.
وكان رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن سابقًا عن مخطط لبناء 3500 وحدة استيطانية شرقي القدس، ضمن توسعة المشروع الاستيطاني في منطقة (E1)، في ظل تسارع البناء الاستيطاني.
ويقول الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب لوكالة "صفا" إن المشروع الذي صادقت عليه "اللجنة اللوائية للبناء والتنظيم" يعد جزءًا من ربط المستوطنات في منطقة (E1) شرقي القدس مثل "معاليه أدوميم"، و"كفار أدوميم"، والمحيطة فيها، مع المستوطنات داخل المدينة والساحل الفلسطيني بشكل سلس وسريع.
ويوضح أن المشروع يهدف أيضًا إلى ربط مستوطنات شمال شرقي القدس "آدم، جفعات زئيف والنبي يعقوب" مع منطقة الغور ووصلها مع الجهة الغربية للمدينة، لأجل تسهيل وصول المستوطنين إلى داخل الأراضي المحتلة عام 1948، ومناطق جنوبي وشمالي فلسطين المحتلة، وجنوب البحر الميت.
ووفق المخطط، سيعمل الاحتلال على إقامة جسور وأنفاق وشبكة طرق ومواصلات لتكون حركة تنقل المستوطنين بين شطري القدس أسهل، كما أنها ستشكل همزة وصل مهمة حتى لا يتم إعاقة هؤلاء المستوطنين، وخلق أزمة مرورية.
ويضيف أبو دياب أن تنفيذ هذا المشروع سيؤدي إلى التهام آلاف الدونمات من أراضي المواطنين في شعفاط وبيت حنينا والعيسوية وقلنديا وحتى منطقة الرام، وسيعمل على محاصرة الأحياء والتجمعات الفلسطينية داخل القدس.
ويبين أن المشروع الإسرائيلي يأتي ضمن خطة لاستكمال تهويد المدينة المقدسة والسيطرة على ما تبقى من أراضيها، من خلال توسيع المستوطنات وإقامة شبكة من المواصلات على حساب الأراضي الفلسطينية.
وبحسب أبو دياب، فإن تنفيذ مثل هذه المشاريع يُجسد الضم الفعلي للأراضي الفلسطينية على أرض الواقع، وزيادة البناء في المستوطنات بالقدس، وربطها ببعضها البعض.
ويشير إلى أن سلطات الاحتلال تعمل بشكل متسارع على تقسيم الأراضي الفلسطينية لمربعات منفصلة عن بعضها، لمنع التطور والتمدد الجغرافي، والقضاء على حلم إقامة الدولة الفلسطينية.
ويؤكد أن سلطات الاحتلال تسعى لتهجير السكان الفلسطينيين من القدس والاستيلاء على أراضيهم، لصالح التسهيل على المستوطنين.
ويحذر الباحث في شؤون القدس من خطورة تنفيذ المشاريع الاستيطانية والتهويدية، والتي تصاعدت وتيرتها خلال العام الجاري بشكل خطير وغير مسبوق.