نواف الزرو . .
اُعتبرت المجزرة التي اقترفت في قلب الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة خليل الرحمن في الذاكرة الوطنية الفلسطينية، أخطر الانتهاكات والاعتداءات والجرائم التي اقترفتها قوات جيش الاحتلال وعصابات المستوطنين اليهود ضد الخليل وأهلها، اذ تسلل المستوطن الإرهابي باروخ غولد شتاين الى داخل الحرم، صباح الجمعة الخامس عشر من شهر رمضان 1414 هجري، أثناء صلاة فجر ذلك اليوم، مرتديا الزي العسكري حاملاً سلاحه، متخطياً جميع المشاعر والقيم والمبادىء، وباشر بإطلاق الرصاص على المصلين الركع السجود فسقط العشرات منهم، وبلغ عدد الشهداء في تلك المجزرة تسعة وعشرين شهيداّ داخل المسجد، وواحد وثلاثين خارجه، ووقع أكثر من مائة وخمسين جريحاً؛ تضرجت رحاب الحرم الإبراهيمي الشريف بدماء المصلين الطهر الأبرياء. وفي أعقاب المجزرة، فرضت سلطات الاحتلال منع التجول على المدينة، وأخذ اليهود يرتبون الأمور داخل الحرم وفق أهوائهم ليحيلوه إلى كنيس يهودي بحجة الفرز بين المسلمين واليهود، وأدخلوا الكثير من التغييرات على وضع الحرم، بغية تهويده وتكريس هذا التهويد كأمر واقع ودائم.
وكان من أخطر تداعيات المجزرة على أوضاع أهلنا في مدينة خليل الرحمن، وعلى أوضاع الحرم الإبراهيمي الشريف أن كرست سلطات الاحتلال حالة التقسيم والهيمنة والتهويد التي قامت وتراكمت على مر السنين جراء مخططات وإجراءات التهويد في المدينة.
الفصل الأول
المجزرة في قلب الحرم الابراهيمي
عودة إلى واقعة المجزرة المروعة، ففي صباح الجمعة الموافق الخامس عشر من شهر رمضان 1414 هجري، الموافق 25/2/1994(1)، وأثناء صلاة فجر ذلك اليوم تسلل المستوطن الإرهابي باروخ غولد شتاين مرتديا الزي العسكري حاملاً سلاحه، متخطياً جميع المشاعر والقيم والمبادىء وباشر بإطلاق الرصاص على المصلين الركع السجود، فسقط العشرات منهم، وبلغ عدد الشهداء في تلك المذبحة تسعة وعشرين شهيداّ داخل المسجد، وواحد وثلاثين خارجه، ووقع أكثر من مائة وخمسين جريحاً. وشكلت هذه المذبحة البشعة بلا وصف، ذروة الإرهاب الدموي الذي قارفته دويلة / عصابات المستوطنين اليهود في منطقة الخليل، وفي أعقاب المذبحة، فرضت سلطات الاحتلال منع التجول على المدينة، وأخذ اليهود يرتبون الأمور داخل الحرم وفق أهوائهم ليحيلوه إلى كنيس يهودي بحجة الفرز بين المسلمين واليهود، وأدخلوا الكثير من التغييرات على وضع الحرم، بغية تهويده وتكريس هذا التهويد كأمر واقع ودائم"(2).
المجزرة كما رواها شهود عيان(3):
وحتى لا نتوه في كم هائل من التفاصيل المتعلقة بالمذبحة، فإننا نوثق هنا تـفاصيل المذبحة كما رواها عدد من الجرحى والشهود العيان:
مخازن رصاص ودماء وأشلاء:
قال شهود عيان أن المستوطن الإسرائيلي الذي ارتكب مذبحة المسجد الإبراهيمي نفذ عمليته على مرأى ومسمع جنود يحرسون المسجد والذين لم يحركوا ساكناً لمنع القاتل الذي استخدم عدة خزانات ذخيرة ونفى الجيش هذا التقرير.
وقال محمد سليمان أبو صالح وهو أحد خدام المسجد وعمره ( 22 عاماً ) أن 500 مصل على الأقل كانوا بمسجد الحرم الإبراهيمي الشريف لحظة وقوع الحادث. وأكمل أن المسلح "كان يحاول قتل أكبر عدد ممكن وتناثرت الجثث على أرضية المسجد وتلطخت بالدماء. حاول مصلون كانوا ساجدين في ذلك الوقت الهرب هلعاً ووقع بعضهم على الأرض".
وقال أبو صالح "صحت بأعلى صوتي للجنود كي يأتوا ويوقفوه إلا أنهم لاذوا بالفرار. وغير المسلح خزنة البندقية مرة واحدة على الأقل وقتل سبعة أشخاص على الأقل في الحال مرة واحدة بعد أن تناثرت محتويات مخهم على الأرض". ومضى يقول "ظل يطلق النار عشر دقائق ولم يتدخل الجيش حتى انتهت المذبحة".
وقال هاني أبو عشيش في وقت لاحق خارج مستشفى الخليل حيث قام رجال الاسعاف حوله بنقل الجثث على محفات "كنا على وشك أداء الصلاة وبدأ في إطلاق الرصاص". وأكمل أبو عشيش "أن المسلح الملتحي كان يرتدي غطاء الرأس اليهودي التقليدي".
قال شهود أنه أطلق خمس مخازن من الذخيرة. وقال موظف إغاثة فلسطيني بالأمم المتحدة كان بداخل المسجد للصحفيين بعد ساعات من الحادث "درجات السلم مغطاة بالدماء بل توجد اشلاء".
وتوقفت الحياة في الأراضي المحتلة التي يعيش بها نحو مليوني فلسطيني، وأغلقت المتاجر بينما قام السكان بدفن شهداء المذبحة. أما في المستشفى الأهلي في الخليل فقد كان الوضع شاهداً على الجريمة البشعة، الشهداء والجرحى الفلسطينيون في مجزرة الحرم الإبراهيمي كانوا هناك، وكان أيضاً هناك بالإضافة إليهم ضحايا رصاص الجنود الإسرائيليين المتمركزين بالقرب من المؤسسة الطبية.
الفوضى كانت عارمة وشاملة، مئات الفلسطينيين من أبناء الخليل تدفقوا فور انتشار نبأ المجزرة للسؤال بقلق وخوف لا حدود لهما عن مصير قريب، وأتى أخرون لتقديم الدماء وتزاحمت الشاحنات الصغيرة المنطلقة بأقصى سرعتها والمطلقة أبواق الإنذار لنقل أدوية وضمادات جمعها صيادلة المدينة، بالإضافة إلى ما تيسر من عبوات الأوكسجين والمياه المعدنية فيما كانت سيارات الإسعاف تطلق صفاراتها محاولة شق طريقها إلى المستشفى.
الفلسطينيون الذين تملكهم الغضب، أخذوا يقذفون الجنود الإسرائيليين على حافة الطريق المحاذي للمستشفى بالحجارة وبشعارات النار والفداء "بالدم وبالروح نفديك يا شهيد" - " كلنا فداء للإسلام والله معنا".
الجنود الإسرائيليون فتحوا النار . فتحوا النار على الصدور . سقط عدد جديد من الفلسطينيين . المستشفى لم يكن بعيداً . نقـلهم رفاقهم إليه على الفور . فاختلطت في بلبلة لا توصف حمالات جرحى وضحايا مجزرة الحرم الإبـراهيمي بحمالات الضحايا والجرحى الجدد. مرضى المستشفى.. المرضى العاديون كانوا بملابس النوم، هبوا من نومهم للمساعدة على نقل الحمالات إلى الداخل، ومن كان يجهل الطريق إلى غرف العمليات لاحظ دماء على الأرض بارزة تدله، ومن لم يجد المكان المناسب أسعف مصابا على الأرض في المكان. طفل لم يبلغ العاشرة من العمر استشهد في مكان لم يحدد ينقل من المستشفى على ملاءة بيضاء ملطخة بالدم. رائحة الدم والموت عبقت داخل المستشفى، مئات النساء المولولات تدافعن أمام قائمة علقت على جدار، القائمة حملت أسماء الشهداء، وضعها الأطباء والممرضون الذي تمكنوا من المحافظة على هدوئهم، لقد خبروا مثل هذا الرعب وعليهم توقع المزيد.
الرعب ينتشر من جديد في الحشد، الجنود هاجموا من جديد، تقدموا على الطريق المؤدي إلى المستشفى. أطلقوا النار، تدافع المئات وسقط من جديد فلسطينيون جرحى، يصرخ ضابط، لقد أعلن حظر التجول في المدينة وعلى الجميع العودة إلى منازلهم.. الأوامر لن تنفد.
الجنود شاركوا في المذبحة
يواصل عدد آخر من الشهود العيان الذين عاشوا تفاصيل المذبحة الرهيبة: "سمعنا أثناء السجود صوت انفجار مكتوم.. تبعه انفجار آخر.. ثم انهال علينا الرصاص من كل صوب.. وفوق رؤوسنا كانت الرصاصات تئز كأنها أسراب نحل تجوب المسجد". يغمض محمد زياد جابر ( 28 عاماً ) عينيه وهو يتذكر ما حدث خلال المجزرة التي وقعت أثناء صلاة الفجر يوم الجمعة في الحرم الإبراهيمي. ويضيف "علمت فيما بعد أن الانفجار المكتوم هو قنابل يدوية انفجرت في أجساد الساجدين فأصدرت صوتاً مكتوما، كما شاهدت الحاقد اليهودي باروخ غولدشتاين الذي نسبت إليه المصادر الإسرائيلية مسؤولية المجزرة، وهو يختبىء خلف عمود ويطلق النار على المصلين، إلا أنني التفت عندما أصابتني رصاصة من الجهة المقابلة، نظرت فشاهدت مستوطنين أخرين يطلقون النار".
ويقول جابر "حاول سليم ادريس الانقضاض على القاتل، إلا أنه استشهد عندما هاجمه مستوطنون أخرون فتحوا نيران أسلحتهم عليه لحماية زميلهم"، مؤكداً أنها لم تكن مجزرة واحدة، بل ثلاث مجازر". وأشار إلى أن المجزرة الأولى وقعت داخل الحرم، بينما وقعت الثانية في ساحة الحرم، أما المجزرة الثالثة فقد وقت في محيط المستشفيات وداخل المقابر. ويضيف: الجنود شاركوا في المجزرة أكثر من المستوطنين".
أما الشاب طلال حامد أبو سنينة " 33 " عاماً والذي أصيب بعيارات نارية في الكتف واليد اليسرى فيقول "أن النيران أطلقت على المصلين من أكثر من جهة وشارك فيها أكثر من مصدر". ويضيف " شاهدت مستوطناً يطلق النار فيما وقف بجانبه مستوطن أخر يرتدي زيا مدنياً وهو يقوم بتعبئة وتجهيز بندقية أخرى عندما توجهت لجندي كان يقف للحراسة على المدخل والدماء تسيل مني، وعندما طلبت منه النجدة ركلني". ويؤكد أبو سنينة أنه "بعد النداء الاستغاثة ووصول الناس بدأ الجنود بإطلاق النار بشكل كثيف في ساحة الحرم حيث وقعت المجزرة الثانية. كانون في البداية لا يتعدون الخمسة جنود إلا أنه بعد وصول الناس للحرم كانت النيران تنزل من كل حد وصوب..
ويقول فرج راتب مسودي " 23 " عاماً والذي أصيب بعيارت نارية في الساق والفخذ الأيمن "شاهدت مستوطنين يفتحون الأبواب ويطلقون النار بعد أن قتل المصلون القاتل "غولد شتاين". لم يحرك الجنود ساكناً، بل قامو بعد انسحاب المستوطنين بفتح نيران أسلحتهم على القادمين من الخارج لنجدة الضحايا. كنا في حيرة من أمرنا فالعيارات النارية تطلق في داخل الحرم، وصوت الرصاص يدوي في الخارج.
ويؤكد نعيم ياقين جابر " 57 عاماً " روايات بقية الشهود التي تشير إلى أن "القنابل اليدوية كانت تتساقط، بينما كان الرصاص يتطاير فوق رؤوسنا من أكثر من اتجاه". ويضيف جابر الذي انفجرت قنبلة يدوية قربه مما أدى إلى تمزق ركبته وساقه وبطنه وأجزائه السفلية. وتوقف الرصاص لحظة وقام المصلون بالتكبير، وفجأة عاد الرصاص الكثيف بشكل أخر.. أصبحت ساحة المسجد بركة دماء، والمصلون غارقون بدمائهم، الجثث تناثرت والأشلاء كانت تملأ المكان.. لقد كان المسجد أشبه بمسلخ. ويقول "في الخارج عندما وصلت زاحفاً لم أشاهد أحداً من الجنود، غير أنه مع تواجد النجدة بدأ إطلاق النار على المصلين ينهمر من كل مكان.. كانت الساحة ثـكنة عسكرية، غير أن الجنود غادروها أثناء إطلاق النار على المصلين ثم عادوا بعد أن وصلت النجدة".
لا ينتظر الفلسطينيون نتائج التحقيقات الإسرائلية.. ويقول جابر "لقد شاهدنا بأم أعيننا ما حدث، ولسنا بحاجة لشهادة إسرائيل ولا لدموع قادتهم. ويشير الشهود إلى أن ما حدث لم يكن تصرفاً أهوج ارتكبه غولدشتاين وإنما كان مخططا ومدبراً وكل مشكلة القاتل أنه تطوع ليكون رأس الحربة التي تمكن المصلون من الإمساك بها والقضاء عليه فقيل أنه "انتحر".
لجنة التحقيق الإسرائيلية تبرئ الحكومة والجيش (4)
من جهتها حملت لجنة التحقيق الإسرائيلية "شمغاد" في مجزرة الخليل المستوطن باروخ غولدشتاين المسؤولية الكاملة عن مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل وبرأت الحكومة والجيش والمستوطنين الأخرين. وأشاد الجيش والوزراء والمستوطنون بخلاصة التقرير فيما أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنها صدقت على التقرير وقررت تطبيق جميع التوصيات.
وجاء في التقرير الذي رفع إلى مجلس الوزراء الإسرائيلي "أن غولدشتاين هو المسؤول الوحيد وبشكل كامل عن المجزرة. وتفيد البراهين من دون لبس أنه ارتكب المجزرة بمفرده من دون أي تواطؤ ( … ) لا من قبل عائلته ولا من قبل مستوطنين أخرين أو جنود". وأضاف التقرير "لا يمكننا اتهام أي كان في القيادة العسكرية بالإهمال". وتابع التقرير أن "مجرد عدم وجود عناصر من القوات الأمنية في مراكزهم هو مصادفة مأساوية سببها نقص في النظام".
وأفاد شهود أن نصف حراس الحدود العشرة والجنود الذين كلفوا بحراسة المكان لم يستيقظوا فجر 25 شباط، إلا أن التقرير لم يطلب أي ملاحقة قضائية بحق أي مسؤول سياسي أو عسكري، وانضمت اللجنة إلى رأي رئيس الأركان الجنرال إيهود باراك الذي كان أكد لها أن "المجزرة كانت مثل الرعد في سماء صافية".
وقال التقرير "أننا لا نعتقد أنه من الممكن لوم أي كان لأنه لم يتوقع أن يرتكب يهودي مجزرة بحق المصلين المسلمين في الحرم الإبراهيمي، لم يكن ثمة ما يدعو إلى الخشية من وقوع هجوم على المصلين المسلمين".
وأشار الجنرال باراك للإذاعة الإسرائيلية بأن التقرير لم يقترح "أي عقوبة على الضباط الكبار، لن تحدث أي عملية طرد ولا أعرف إذا كنا سنتخذ إجراءات تأديبية أو شخصية". وقال "لقد ارتكبت أخطاء بالتأكيد، ولكن ومهما حسنت النيات من المتسحيل تجنب مثل هذه الأخطار. إن الجيش سيطبق قرارات اللجنة حين ستنال موافقة الحكومة". وطلبت اللجنة "منع أي شخص، سواء كان مدنياً أو عسكرياً من الدخول إلى الحرم الإبراهيمي وهو يحمل سلاحاً باستثناء القوة المكلفة حفظ الأمن، وهي قوة يطلق عليها (حراس الحرم) تتألف من جنود أو حرس حدود".
ويدعو التقرير إلى إنشاء مداخل منفصلة للمسلمين واليهود وتأمين (أجهزة تفتيش متطورة لمراقبة الذين يدخلون من المصلين أو الزوار). كما يدعو أيضاً إلى (فصل كامل بين المصلين اليهود والمسلمين وإلى منع اتباع احدى الديانتين من الدخول إلى مكان صلاة اتباع الديانة الأخرى أثناء وقت الصلاة).
وطلب التقرير أن (تعاد كتابة تعليمات إطلاق النار بطريقة واضحة وموحدة للجيش والشرطة).
وأوصى التقرير بإنشاء (وحدة خاصة تؤمن حراسة الحرم الإبراهيمي على أن تتألف هذه الوحدة من جنود أو حرس الحدود).
ردود الفعل بشأن التقرير الإسرائيلي
نحن إذ نتجاوز في هذا السياق ردود الفعل المختلفة على زيف تقرير لجنة التحقيق الإسرائيلي، فإنه لمن الجدير الإشارة أولا إلى قوائم الأسئلة التي أثارها أوري افنيري رئيس كتلة السلام الإسرائيلية، والتي تـفند ادعاءات ومزاعم التقرير التي تمنح الغطاء لاعتداءات وجرائم المستوطنين في الخليل (5).
بيان لجنة مساندة الشعب الفلسطيني في الخليل
نورد فيما يلي أيضاً على وجه التحديد نص بيان لجنة مساندة الشعب الفلسطيني في الخليل الذي جاء رداً على تقرير لجنة "شمغار" الإسرائيلية، فقد جاء في البيان (6):
عقدت لجنة مساندة الشعب الفلسطيني في الخليل اجتماعاً بحثت فيه التقرير الذي أصدرته لجنة شمغار الإسرائيلية التي قامت على مدى الشهور الثلاثة الماضية بالتحقيق في مذبحة العصر التي اقترفها باروخ غولدشتاين ورفاقه في الحرم الإبراهيمي الشريف، وقد طالبت اللجنة منظمة التحرير الفلسطينية والدول العربية والإسلامية تحمل مسؤولياتهم بعد أن كشف تقرير اللجنة الإسرائيلية قيام إسرائيل بتحويل الحرم الإبراهيمي الشريف إلى كنيس أطلق عليه اسم "مقبرة الأنبياء". كما فندت اللجنة في بيانها مزاعم ومغالطات لجنة التحقيق الإسرائيلية.
وقال البيان: لقد جاء تقرير اللجنة الاسرائيلية كما توقعنا منسجماً مع المؤامرة المرسومة لتهويد مدينة الخليل وتحويل حرمها ومسجدها المقدس إلى كنيس، وقد كان واضحا مشاركة حكومة إسرائيل وقيادة الجيش الاسرائيلي في إصدار هذا التقرير الذي جاءت توصياته متناسقة مع الاجراءات التي اعدتها الحكومة وسلطات الاحتلال في مدينة الخليل وفي الحرم الإبراهيمي الشريف منذ ارتكاب الجريمة حتى صدور القرار.
وإننا اليوم وبعد أن تكشفت حقيقة أهداف الجريمة البشعة ومشاركة المسؤولين في التخطيط لها من أجل تنفيذ مشروع تهويد مدينة الخليل والحرم الإبراهيمي الشريف، فإننا نطالب منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية للحكم الذاتي والدول العربية المشاركة في عملية السلام وجميع العرب والمسلمين، أن يتخذوا الموقف المسؤول لمنع تنفيذ المؤامرة التي بدأ الإسرائيليون في تنفيذها منذ لحظة وقوع الكارثة ولم يتوقفوا عن مواصلة التنفيذ حتى الآن.
وإننا نحذر بأن بيان لجنة "شمغار" الذي يجب رفضه وإسقاطه بشتى الوسائل لأنه كشف حقيقة الموقف الإسرائيلي الرسمي وأعطى الشرعية لتنفيذ المؤامرة على الحرم الإبراهيمي الشريف عندما أوضح هذا التقرير رسمياً بأن المسجد قد تحول فعلاً إلى كنيس. ولا بد هنا من أن نطالب جميع الأطراف الفلسطينية والعربية والإسلامية أن تتحمل مسؤولياتها بعد إيضاحنا لأبرز ما جاء في التقرير الإسرائيلي من مخاطر ومؤامرات ومغالطات وهي كما يلي:
- أولاً: حاول التقرير تحميل مسؤولية الجريمة للمسلمين عندما جاء فيه بأن تقارير المخابرات تشير إلى أن المسلمين هم الذين كانوا يستعدون للاعتداء على اليهود في الحرم بالرغم من أنه لم يجر أي اعتداء عربي على أي مصل يهودي منذ الاحتلال الإسرائيلي حتى الآن، وبالرغم من أن جميع الاعتداءات على المصلين أكان ذلك في الحرم الإبراهيمي الشريف أو في المسجد الأقصى كانت باستمرار من اليهود، إضافة إلى اعتداءات الحكومة الإسرائيلية المستمرة على المساجد في كل مكان منذ وجود إسرائيل عام 1948 وحتى الآن.
- ثانياً: بالرغم من اعتراف التقرير بأن القاتل هو غولدشتاين، فإنه لم توجه له أية صفة إجرامية مثل السفاح أو الإرهابي، بل جاء ذكر اسمه بكل تكريم عندما سبق اسمه كلمة "الدكتور" للايحاء بأن الجريمة التي ارتكبها السفاح كانت رد فعل من المخاوف الكاذبة التي كانت تشير بدون أي دليل بأن المسلمين هم الذين سيعتدون على اليهود.
- ثـالثـاً: لقد أعلنت المحكمة بحزم أنه لم يكن للسفاح شركاء بالرغم من عدم وجود الشهود، في الوقت الذي رفضت فيه شهادات المصلين المسلمين الذين رأوا وسمعوا إطلاق النيران عليهم من أكثر من اتجاه، وقد أوجدت المحكمة الإسرائيلية مبرراً لعدم أخذها بشهادة شهود العيان بإعلانها فرضية مستهجنة وهي أن الإنسان عندما يتعرض للخطر يصعب أن يكون دقيقاً ومنتظماً ومتناسقاً في تذكرة للأحداث التي وقعت في كل مكان وزمان!
- رابعاً: ولعل أخطر ما في التقرير هو التوصية التي وردت فيه وهي التي تطالب بفصل كامل للمصلين المسلمين عن المصلين اليهود بعد أن تعلن علانية وصراحة هذه المرة اسم "مقبرة الأنبياء"، بدل الاسم الحقيقي وهو "الحرم الإبراهيمي الشريف"، وهو أمر يحدث لأول مرة، وهو إيذان باستبدال اسم الحرم الإسلامي باسم يوحي بأنه كنيس لليهود أو أنه مقبرة لأنبياء اليهود، وهو أمر لم يسبق أن تطرق إليه أحد قبل مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف.
لقد كشف تقرير "شمغار" الإسرائيلي ما لم يكن مخفياً أبداً عن خطط إسرائيل بتهويد مدينة الخليل وحرمها الشريف، ولقد جاء هذا التقرير ليؤكد على الواقع الجديد للمدينة الذي بدأ تنفيذه بالمذبحة الرهيبة لتبرير منع المسلمين من الوصول إلى الحرم الإبراهيمي الشريف والأحياء المحيطة به، التي بدأت عملية تقسيمية وتقسيم الأحياء المحيطة به فور إعلان منع التجول الذي استمر ثلاثة شهور أنهت فيه حكومة إسرائيل وقوات احتلالها إقامة هذا الواقع الجديد وتركت للمراقبين الدوليين مهمة التأكد بأن المسلمين لم يعد لهم صلة بالحرم الشريف الذي أخذوا يطلقون عليه أسماء مختلفة: مقبرة الأنبياء وكهف البطاركة وكنيس ماكفيلا باستثناء الاسم الحقيقي.
تقسيم الحرم الإبراهيمي (7)
كان من أخطر تداعيات المذبحة وتقرير لجنة التحقيق الإسرائيلية، على أوضاع أهلنا في مدينة خليل الرحمن، وعلى أوضاع الحرم الإبراهيمي الشريف أن كرست سلطات الاحتلال حالة التقسيم والهيمنة والتهويد التي قامت وتراكمت على مر السنين جراء مخططات وإجراءات التهويد في المدينة. وحول حالة تقسيم الحرم الإبراهيمي الشريف والهيمنة اليهودية عليه، نوثـق فيما يلي تقريراً نشرته مجلة البيادر السياسي المقدسية:
"بعد إغلاق استمر أكثر من ثمانية شهور قررت الحكومة الإسرائيلية أخيراً يوم الاثنين 7/10/94 فتح الحرم الإبراهيمي الشريف أمام المصلين المسلمين واليهود على حد سواء وفقاً لبرامج دقيقة وضعتها حكومة رابين اعتماداً على توصيات لجنة شمغار التي حققت في أحداث مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف التي ارتكبها المجرم باروخ غولدشتاين يوم 25/2/1994، حيث قام باقتحام قاعة صلاة المسلمين وقت صلاة الفجر وأطلق عليهم النار من مدفع رشاش مما أدى إلى استشهاد 32 مواطناً وإصابة أكثر من مائة وعشرين مواطناً بجراح مختلفة. كما استشارات حكومة رابين أيضاً الحاخامان الأكبران لإسرائيل ولا شك أنها استشارت الزعماء الدينيين والسياسيين للمستوطنين وبخاصة مستوطني كريات أربع التي خرج منها منفذ المجزرة.
الترتيبات الأمنية المشددة التي اتخذتها حكومة رابين لم تستشر فيها أي رجل مسلم ولا أي رجل من أبناء خليل الرحمن الأمناء الحقيقيين والمخلصين للحرم الإبراهيمي منذ أكثر من ثلاثة عشر قرناً. كما أنها لم تستـشر الأوقاف الإسلامية الحارس الأمين للحرم منذ قرون طويلة، وهي وضعت هذه الترتيبات ونفذتها وفقاً للمصلحة العليا لإسرائيل ووفقاً لمصلحة خدمة المستوطنين أولاً وآخراً وسعيا إلى تهويد الحرم بكامله في مرحلة لاحقة. وقد أعطى تقرير لجنة "شمغار" الشرعية للمستوطنين بقتل المزيد من العرب، حيث أعفى الحكومة والجيش والمستوطنات من مسؤولية الجريمة / المذبحة، وحملها فقط لمرتكبها الإرهابي غولدشتاين (8). كما ساهم كبار الحاخامات اليهود بمنح الشرعية لإرهاب المستوطنين ضد العرب، وقتلهم بالجملة، حيث أعلن على سبيل المثال أحد كبار الحاخامات خلال حفل تأبين غولدشتاين: "إن مليوني عربي لا يساوون ظفر يهودي واحد" (9)، مما دفع حشد الحضور من المستوطنين وقادة الجيش والمخابرات ومسؤولين من السلطات الإٍسرائيلية إلى الهتاف بصوت واحد: "كلنا غولدشتاين".
- رابعاً: وكان من أخطر تداعيات المذبحة أن أقدمت حكومة رابين آنذاك على تقسيم الحرم الإبراهيمي الشريف، مما شكل سابقة خطيرة في الاستيلاء على المقدسات الإسلامية وتهويدها.
كما أن تقسيم الحرم الإبراهيمي الشريف يشكل خرقاً لكل المواثيق والأعراف الدينية والدولية في العالم، إذ أنها أول مرة يجري فيها اعتماد مكان عبادة لديانتين في آن واحد، الأمر الذي يحمل في ثناياه خطراً، بأن تطالب الجمعيات والتنظيمات اليهودية بأي مكان مقدس آخر بحجة الحق التاريخي المزعوم.
لقد جاءت السيطرة الإسرائيلية على الحرم الإبراهيمي الشريف تدريجية وفقاً للمخطط الأساس الذي قامت عليه دولة إسرائيل نفسها منذ البداية، ففي البدء كانت المطالبة بالسماح لليهود بزيارة مقامات الأنبياء الثلاثة وزوجاتهم إبراهيم ويعقوب واسحق عليهم السلام، وشيئا فشيئا تمكنوا من المطالبة بأن يكون لهم مكان خاص بهم للصلاة، ولو في أوقات وأماكن محددة، ثم قامت السلطات الإسرائيلية وبحجة الأمن التي طالما استخدمتها لتحقيق أغراض شتى، قامت بوضع حراس من جيش الاحتلال وحرس الحدود بحجة حماية أمن المصلين المسلمين ومنع الاحتكاك بينهم وبين المصلين اليهود. وبعد ذلك تم إعطاء اليهود وبخاصة المستوطنين المتطرفين وحاخاماتهم الحق في دخول الحرم في كل وقت وظرف، وكان أن بدأت شكاوى المسلمين من تصرفات المستوطنين والجيش وحرس الحدود ولكن لا حياة لمن تنادي، كما أعلن ذلك المسلمون دائما عبر رجال الوقف الإسلامي العاملين في الحرم أو حتى ضمن بيانات رسمية كانت الهيئة الإسلامية العليا وإدارة الأوقاف الإسلامية تصدرها لفضح ممارسات المستوطنين وصمت السلطات الإسرائيلية على تلك الممارسات.
ونتيجة لذلك تمكن المستوطنون من الدخول بأسلحتهم فـكانت مجزرة الحرم الإبراهيمي، التي اتخذت ذريعة لتقسيم الحرم فعليا قسمة جائرة وظالمة لا يقرها أي عرف أو قانون وضعي أو سماوي، حيث منحت سلطات الاحتلال المستوطنين الفئة الظالمة والمعتدية القليلة العدد ما نسبته 55% من مساحة الحرم وضريحين من أضرحة الأنبياء من أصل ثلاثة، فيما منح السلمون 45 % وضيق عليهم بشكل واسع.
إن إسرائيل ما كانت لتقوم بهذا العمل لولا الصمت العربي وانعدام الحيلة الفلسطينية إزاء الممارسات الإسرائيلية ليست ضد الحرم الإبراهيمي الشريف، بل ومن قلبه ضد الحرم القدس ي الشريف وضد حقوق الشعب الفلسطيني بشكل عام. ورغم صدور قرار مجلس الأمن رقم 904 الذي طالب بحماية الفلسطينيين وبالمحافظة على ممتلكاتهم إلا أن إسرائيل وبدعم أمريكي تمكنت من تفريغ القرار المذكور من مضمونه. وإزاء عدم قدرة السلطة الفلسطينية أو حتى العالمين العربي والإسلامي من فعل شيء ضد الممارسات الإسرائيلية والتي تمثلت أولاً بمعاقبة المصلين المسلمين وحرمانهم من الصلاة في أحد أهم مقدساتهم كعقاب جماعي لهم بدلاً من معاقبة المستوطنين ومنعم من دخول الحرم باعتبارهم أساس البلاء والداء في منطقة الخليل كافة. واستغلت إغلاق الحرم لأجل تقسيمه بصورة تخدم مصالح المستوطنين واليهود بعامة في الحرم الإبراهيمي الشريف. فكانت هذه القسمة ثم كان من حكومة رابين إن وضعت أجهزة مراقبة وتفتيش لم يسبق لها مثيل".
هكذا تكرس الأمر الواقع في الحرم (10)
لم تكن عملية تقسيم الحرم الإبراهيمي الشريف المشار إليها أعلاه سوى الخطوة التتويجية لمسلسل من القرارات والإجراءات الاحتلالية الرامية إلى تهويد الحرم، وهي وفق المصادر الإسرائيلية كما يلي:
1967
وزير الدفاع الإسرائيلي: موشيه ديان / رئيس الأركان اسحق رابين وقائد المنطقة الوسطى الجنرال عوزي نركيس احتلال الحرم الإبراهيمي، ومحاولات أولى لفرض إجراءات لصلاة اليهود والمسلمين في المكان.
1970
وزير الدفاع – موشيه ديان رئيس الأركان – حاييم بارليف قائد المنطقة الوسطى – رحيعام زئيفي؛ ديان يملي المبادئ الأساسية السارية حتى اليوم والقاضية بتقسيم الحرم بين اليهود والمسلمين وفقاً للمناسبات المقدسة لدى الديانتين، والجيش الإسرائيلي مكلف بفرض النظام، ومنع حمل اليهود للسلاح.
1980
وزير الدفاع – مناحيم بيغن
ارئيل شارون
موشيه ارنس
رئيس الأركان – رفائيل ايتان
قائدة المنطقة الوسطى – موشيه ليفي
بعد عملية الدبويا - هداسا – سمح الجيش الإسرائيلي للمستوطنين بالحضور إلى الحرم مع أسلحتهم، التي توضع في مدخل الحرم.
1982
وزير الدفاع – ارئيل شارون
موشيه ارنس
رئيس الأركان – رفائيل ايتان
قائد المنطقة الوسطى – اوري اور
بين سنوات 80-1982 سمح الجيش الإسرائيلي للمستوطنين بحمل السلاح داخل الحرم الإبراهيمي أيضاً وتحولت هذه الظاهرة إلى نهج مقبول.
1986
وزير الدفاع – اسحق رابين
رئيس الأركان – موشيه ليفي
قائد المنطقة الوسطى – اهود باراك
الجيش الإسرائيلي يسمح ولأول مرة وبصورة رسمية للمستوطنين بالدخول إلى داخل الحرم بأسلحتهم بحجة الدفاع عن النفس.
1994
وزير الدفاع – اسحق رابين
رئيس الأركان – اهود باراك
قائد المنطقة الوسطى – داني ياتوم
استمرار السماح للمستوطنين بحمل السلاح حتى مدخل الحرم، وذلك رغم المذبحة التي نفذها غولدشتاين ضد المصلين العرب.
هكذا يُهوَّد المسجد الإبراهيمي في الخليل خلال "الأعياد"
وما بين زمن المذبحة واليوم، رغم تقسيمه مكانيا وزمانيا، وتحويل محيطه إلى ثكنات عسكرية ومنع المصلين المسلمين من الوصول إليه إلا عبر بوابات إلكترونية وحواجز عسكرية، إلا أن غلاة المستوطنين لم يكتفوا بذلك، بل يعملون ليل نهار على تهويده وتحويله إلى كنيس يهودي بالكامل.. تلكم هي مأساة المسجد الإبراهيمي في الخليل.
ف"في عيد العرش وعيد الفصح وعيد نزول التوراة، تلك الأعياد الخاصة باليهود يعيش المسجد الإبراهيمي محنة لا توصف، حيث يغلق أمام المصلين المسلمين ولا يقام فيه الأذان، وتجري بداخله الاحتفالات الصاخبة من دبكات ورقص وحفلات زفاف وختان للأطفال، وتدنس باحاته وساحاته ومحرابه، ويهدف المستوطنون بذلك إلى تحويله إلى كنيس يهودي خالص"(11).
ويحذر الشيخ حفظي أبو اسنينه مدير المسجد الإبراهيمي من هذا التوجه العنصري، ويطالب المسلمين بالاستمرار في التواجد داخل المسجد والصلاة فيه رغم كل المعوقات. وأضاف الشيخ أبو اسنينه في حديث خاص لمراسلنا: "من أكبر الدوافع التي تشجع المستوطنين على تحويل المسجد الإبراهيمي إلى كنيس يهودي، هو فراغ المسجد من المصلين المسلمين خلال أيام الأسبوع عدا الجمعة، وعدم التواجد فيه على مدار الأيام، وهذه بدورها تجعل غلاتهم في زيارات متتالية دوما والقيام بأعمال تخل بقداسة المسجد(12).
ويؤكد أن المسجد الإبراهيمي مسجد إسلامي خالص، وليس كنيسا يهوديا، ولم يكن كذلك في يوم من الأيام.
وانتقد الشيخ محمد ماهر مسودي مفتي محافظة الخليل تقاعس المسلمين تجاه الصلاة في المسجد الإبراهيمي في ظل تغول المستوطنين وقوات الاحتلال اليومي داخل المسجد. وأضاف الشيخ مسودي الذي يؤم جموع المصلين فجرا ويوم الجمعة على الدوام قائلا: "لقد شجعنا الناس للصلاة في المسجد وخاصة فجر الجمعة ولله الحمد، يؤم المصلون المسجد فجر الجمعة بالمئات فيزدحم بالرجال والنساء، الأمر الذي يغيظ الجنود والمستوطنين"(13).
وحذر الباحث في شؤون المقدسات الإسلامية محمد ذياب أبو صالح من خطورة مخططات اليهود لتهويد المسجد الإبراهيمي، مؤكدا "أن السكوت على تقسيم المسجد عقب المجزرة الرهيبة عام 1994م دفعهم للتفكير نحو التوسع والمزيد من الفعاليات والنشاطات والطقوس التلمودية"(14). وقال أبو صالح في حديث خاص لمراسلنا: "لا يوجد لليهود أي حق في المسجد الإبراهيمي منذ أن بني، فهو مسجد خاص وليس كنيسا، وادعاؤهم بأن سيدنا إبراهيم جدهم ونبيهم، وهو يهودي، محض كذب وافتراء"(15). وأشار إلى أن كل الدراسات والأبحاث والوثائق والحفريات تشير إلى أنه لا يوجد أي أثر لليهود أو اليهودية في المكان، وما يدعيه المستوطنون الصهاينة محض افتراء.
الحرم الإبراهيمي.. تاريخ حافل بالانتهاكات والجرائم الاسرائيلية
وعن مسلسل الاعتداءات والانتهاكات الاسرائيلية للحرم الابراهيمي الشريف، وثقت وكالة الانباء والمعلومات الفلسطينية ابرز واخطر تلك الاعتداءات والانتهاكات كما يلي(16): حفلات موسيقية راقصة صاخبة، وصلوات "تلمودية".. اقتحامات متكررة من قبل المستوطنين بمشاركة وزراء إسرائيليين، وإدخال لكتاب التوراة إلى الحرم الإبراهيمي، وتنكيل بالمواطنين في البلدة القديمة وسيطرة على منازلهم، وانتهاكات أخرى متسارعة، هي خطوات تستهدف الحرم الإبراهيمي وصولا إلى تهويده منذ احتلال إسرائيل للضفة الغربية عام 1967. إنه تاريخ حافل بالهيمنة والغطرسة الاسرائيلية داخل الحرم الابراهيمي، وأرقام ودلالات تكشف عن فداحة المحنة التي مُنيَ بها المسجد على مدار 51 عاما.
وتحدث الناشط ضد الاستيطان في مدينة الخليل عارف جابر، لــ"وفا" عن اجراءات الاحتلال مبينا: "إن الاحتلال يفرض إجراءات جديدة وممارسات غير مسبوقة في الحرم الإبراهيمي الشريف، وعدة أحياء في البلدة القديمة من المدينة، يصاحبها دخول المستوطنين إلى الحرم بأحذيتهم بحماية جيش الاحتلال وصولا إلى "الاسحاقية" وإدخال كتاب التوراة، وجميعها خطوات تهويدية استفزازية قام بها المستوطنون برفقة وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان، ووزير الاقتصاد والصناعة ايلي كوهين، مدعين أنها أرض الآباء والأجداد. ثمن تحركات المستوطنين وجيش الاحتلال في محيط الحرم والبلدة القديمة، تحركات منظمة ومتسارعة.. من دخول للبيوت المهجورة في المنطقة، ورفع الأعلام الإسرائيلية على أسطحها، وتكسير زجاج المنازل، وإلقاء قنابل الغاز السام بشكل مباشر عليها، واقتحامات الحرم على غرار اقتحامات المسجد الأقصى"(17).
وفي ضوء سعي حكومة الاحتلال الإسرائيلي من خلال تبادلها الأدوار بينها وبين مستوطنيها منذ احتلالها مدينة الخليل، كغيرها من مدن الضفة الغربية في العام 1967، لتهويد الحرم الإبراهيمي، متدرجة في إجراءات سيطرتها على الخليل وحرمها، قسمت وخصصت عقب المجزرة أماكن للمسلمين وأخرى لليهود، حيث سيطر الاحتلال على الجزء الأكبر من الحرم وباحاته الداخلية وساحاته الخارجية (حوالي 60% من مساحته)، وخصصه لدخول اليهود دون سواهم.
ومن أبرز الاعتداءات على الحرم الابراهيمي الشريف منذ احتلال مدينة الخليل عام 1967م حتى منتصف حزيران 2018 حسب ما أفادت به مديرية اوقاف الخليل لــ"وفا":" نسف درج الحرم الشرقي وبئر المسجد والتشويش على المصلين ومنع رفع الآذان عام 68، وإدخال كلاب بوليسية وكراسي والدخول للحرم وإقامة شعائرهم الدينية عام 70، وأكل المكسرات ومنع أداء شعائر صلاة الجنازة على اموات المسلمين والتشويش والرقص عام 71، واغلاق الباب الشرقي للحرم ودخول الجنود بسلاحهم، وضم اليعقوبية وسقف الصحن ووضع حواجز وخزائن وشعارات عبرية داخل الحرم عام 72، وخلع البلاط عام 73، والاعتداء بالضرب على موظفي الحرم والدخول بالنعال وإقامة طقوس الزواج وشرب الخمر وسكبه على سجاد الحرم عام 74، وإدخال مقاعد للصلاة والرقص والدبكة والاستهزاء بالمسلمين وقطع اسلاك سماعات الحرم عام 75. والتدخين وإدخال طاولات وسرقة هلال الحرم والصراخ وتمزيق القرآن واغلاق الحرم والدخول لمغارة الأنبياء والتواجد الليلي وإدخال شمعدانات عام 76، ووضع مواد كيماوية ومسيلة للدموع على سجاد الحرم والتفتيش بالكلاب عام 77. ورفع السجاد والدخول المكثف لليهود واللعب بالزهر وإدخال كراسي والتوراة وتخريب "زرافيل" الأبواب وأسلاك السماعات واشعال الشمعدان عام 78، وتثبيت وصاياهم العشر ونجمة داوود وسلم، والتشويش والدبكة والزفاف والختان وشرب الخمر عام 84، ومحاولة حرق منبر صلاح الدين الايوبي الموجود داخل الاسحاقية في الحرم، وشتم الرسول محمد، وفصل السماعات وتركيب سماعه مع هاتف "انتركم" ووضع عيدان ثقاب في "الزرافيل" عام 87"(18).
كما شملت هذه الممارسات والإجراءات(19):
إدخال خزائن توراتية ورفع نجمة داوود واعلام وتمزيق مصحف واشهار السلاح ورشق المصلين بالحجارة عام 89، وتركيب جهاز فحص وضرب الحراس ومنع الآذان وإدخال آلات موسيقية وتمزيق القرآن عام 90، واخال طاولات وحجارة تحمل شعارات عبرية ومكبرات صوت وآلات موسيقية وعدسات تلفزيونية واقامة حفل زفاف ورمي المصلين المسلمين بالكراسي واغلاق البوابة القبلية للحرم عام 1991م. وفي عام 94 نفذت المجزرة المذكورة آنفا داخل الحرم الابراهيمي، وعقب المجزرة أغلقت سلطات الاحتلال الحرم 9 أشهر وقسمته إلى الاسحاقية للمسلمين، واليعقوبية والصحن والإبراهيمية والمالكية والعنبر لليهود، وركبت شبكة كهربائية و15 كاميرا الكترونية وخزائن خشبية وشادر على اليعقوبية، وأبواب الكترونية و40 جهاز إنذار وفصلوا سماعات الحرم.
وفي عام 1995 ركبت قوات الاحتلال بوابات داخلية وخارجية للحرم الكترونية وحديدية واشهرت السلاح في وجه الموظفين والمصلين ومنعت رفع الاذان وصلاة الجمعة فيه ونفذ الجيش تدريبات عسكرية داخله واغلقه، وفي عام 96 ارغموا عددا من المصليات على كشف رؤوسهن بقوة السلاح.
وفي عام 99 اغلق الاحتلال الحرم ونصب حبالا للزينه وشعارات وإعلاما ونصبا تذكاريا على جدران الحرم الخارجية، ومنع الترميم داخل الحرم، وفي عام 2002 اقتحم رئيس دولة الاحتلال آنذاك الحرم ودخل الى الاسحاقية.
وفي عام 2003 سمحت قوات الاحتلال للمستوطنين فتح مدرسة دينية للحاخامات داخله، وفي 2004 قتلت قوات الاحتلال الشهيد ياسين الجولاني أمام الباب الداخلي للحرم.
وفي عام 2004 أعادت قوات الاحتلال البوابات الالكترونية إلى رأس درج سيدنا يوسف عليه السلام، كما غيرت معالم منتزه البلدية واستولت عليه عام 2005، وخلعت باب اليوسفية عام 2009، وركبت بوابه لولبيه على المدخل الجنوبي المؤدي للحرم عام 2011، ورفعت العلم الإسرائيلي على سور الحرم ووضعت خياما في الساحات الخارجية عام 2013، ووضعت غرفة مغلقة "كونتينر" كمركز معلومات سياحية في الطريق المقابل لمبنى استراحة الحرم ومنعت دخول منطقة مسجد البركة في عام 2015.
وصبت قوات الاحتلال الباطون الجاهز "الإسمنت" في الساحات الخارجية للحرم وغيرت بعض معالمه وحفرت في محيطه عام 2016، وسرق المستوطنون حلق باب الحرم الرئيسي الخشبي الأثري الذي خلعوه ونفخوا بأبواقهم على سطح الحرم بعد أن وضعوا شعارات تلمودية وشمعدانا عام 2017، وأغلقوا مصارف المياه بالأوساخ في القسم المغتصب من الحرم.
وحسب مديرية الأوقاف ولجنة إعمار الخليل، ارتفعت وتيرة اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه على الحرم الإبراهيمي خلال الأشهر المنصرمة حتى منتصف عام 2018، ففي جميع الأيام من العام المذكور عرقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي عشرات المرات مرور المواطنين والمصلين الفلسطينيين، خاصة فئة الشباب، المتوجهين للصلاة في الحرم الإبراهيمي الشريف، على جميع الحواجز المؤدية إلى الحرم، واعتقلت العديد من المواطنين خاصة فئة الأطفال ومنهم الشقيقات: أروى مسلم أبو سل (25 عاما)، ونيفين مسلم أبو سل (18 عاما)، ورزان مسلم أبو سل (13 عاما) والطفل هادي عايد أبو سنينة (13 عاما) والفتاة منتهى فرج الله، وسحر موسى ارزيقات (41 عاما) ويوسف ناصر غلمة (13 عاما)، والشقيقان هاني وحسين عايد أبو سنينة (13 و15 عاما) والطفل مالك هارون الجعبري (15 عاما) وضرغام كرم مسودي (4 سنوات) وغيرهم العديد، على بوابة الحرم الإبراهيمي الشريف.
وفي يوم 17/1/2018، أغلق المستوطنون المتطرفون، وبحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، مصارف المياه الموجودة في القسم المغتصب من الحرم الإبراهيمي الشريف بالأوساخ. وخلال شهر شباط 2018 إضافة الى عرقلة قوات الاحتلال الإسرائيلي مرور المواطنين والمصلين الفلسطينيين، وضعت قوات الاحتلال الإسرائيلي كرفانات جديدة داخل محطة الباصات المركزية القديمة، شمال غرب الحرم الإبراهيمي الشريف.
وفي يوم 23/2/2018 استباح المستوطنون المتطرفون، وبحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، شوارع البلدة القديمة، وأقاموا سباق عدو فيها، وشمل السباق منطقة تل الرميدة، شمال غرب الحرم الإبراهيمي الشريف، وساحات الحرم الخارجية، وحارة جابر، جنوب الحرم الإبراهيمي الشريف. وخلال شهر آذار 2018 منع المستوطنون المتطرفون، وبحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي المواطنين الفلسطينيين من المرور في ساحات الحرم الإبراهيمي الشريف، وفي منطقة السهلة جنوب وغرب الحرم الإبراهيمي، وعرقلوا مرورهم لفترات طويلة من الزمن، وفي يوم 8/3/2018 نصب المستوطنون المتطرفون، وبحماية قوات الاحتلال خيامًا كبيرة في ساحات الحرم وحدائقه، للاحتفال بأعيادهم.
وفي يوم 12/3/2018 صبت قوات الاحتلال الإسرائيلي الإسمنت الجاهز داخل معسكر الجيش الإسرائيلي المجاور للحرم الإبراهيمي الشريف من الجهة الشمالية، ووضعت في ذات اليوم حبال الزينة على سطح الحرم الإبراهيمي الشريف من الجهتين الغربية والجنوبية، بحجة الاحتفال بالأعياد اليهودية، وأقام مئات المستوطنين المتطرفين، احتفالات صاخبة في الحرم وساحاته وحدائقه لساعات طويلة، ضايقوا خلالها المواطنين الفلسطينيين القاطنين حول الحرم الإبراهيمي وفي البلدة القديمة من مدينة الخليل.
وفي يوم 28/3/2018 اقتحم المستوطنون زاوية الأشراف، التي تقع في الجهة الجنوبية الغربية من الحرم الإبراهيمي الشريف، وفي 29/3/2018 حول المستوطنون، ملعب "المدرسة الإبراهيمية" القديم، غرب الحرم الإبراهيمي إلى موقف للسيارات والحافلات الإسرائيلية للاحتفال بما يسمى بعيد الفصح (بيسح) لدى الشعب اليهودي. وبتاريخ 30/3/2018 هاجم مستوطنون بحماية قوات الاحتلال، المواطنين الفلسطينيين الذين أدوا صلاة الجمعة في الحرم، بعد خروجهم من الصلاة عند "بيت الزعتري" في شارع السهلة، غرب الحرم، واعتدت قوات الاحتلال بالضرب المبرح على الشابين محمد ناجح الرازم (20 عاما)، وباسم فالح الرازم (18 عاما) في ساحة الحرم، ثم اعتقلتهما، كما أقام المستوطنون خيمة كبيرة على أرض عائلة الكيال التميمي في الحسبة القديمة، غرب الحرم للاحتفال بما يسمى عيد الفصح "بيسح" لدى اليهود، واغلقوا الحرم بتاريخ 2/4/2018 في وجه المصلين المسلمين للاحتفال بعيدهم المذكور.
وفي يوم 3/4/2018 أقام المستوطنون المتطرفون وبحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي جولة استفزازية في أسواق وحارات البلدة القديمة من مدينة الخليل شملت ساحة باب البلدية القديمة والسوق الشعبي شمال غرب الحرم الإبراهيمي، وحارة بني دار غربه، عرقلوا خلالها حركة المواطنين والمتسوقين الفلسطينيين أثناء جولتهم المذكورة، وحاجز شارع الشهداء العسكري وباب الزاوية شمال غرب الحرم بالكامل أمام المواطنين الفلسطينيين بحجة احتفالهم بعيد الفصح، كما أجرت قوات الاحتلال تدريبات عسكرية في ساحات وحدائق الحرم.
وبتاريخ 6/4/2018 منعت قوات الاحتلال الإسرائيلي رفع الأذان من على مآذن الحرم الإبراهيمي الشريف في يوم الجمعة للمرة الاولى منذ الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية في 4 حزيران 1967، كما عززت من تواجدها على جميع مداخل الحرم، وفي يوم 7/4/2018 أقام المستوطنون المتطرفون وبحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي احتفالات صاخبة في الحرم، وساحاته، وحدائقه، تلتها احتفالات مشابهة وصعودهم على سطح الحرم ورفع العلم الإسرائيلي على واجهاته واطلاق للمفرقعات النارية بتاريخ 15 و18/4/2018 احتفالًا بما يسمى "عيد الاستقلال" لدى اليهود.
كما أقام المستوطنون احتفالات بتاريخ 18/5/2018 في الحرم، وبتاريخ 21/6/2018 قام وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي "جلعاد اردان" بزيارة استفزازية للحرم، وقرر إنشاء مركز شرطي إسرائيلي داخل الحرم، وسط إجراءات إسرائيلية مشددة، وفي ذات اليوم أقام عشرات المستوطنين احتفالا صاخبا في ساحات الحرم الإبراهيمي الشريف، بدعوى إدخالهم التوراة إلى الحرم، كما اقتحم وزير الاقتصاد والصناعة الإسرائيلي ايلي كوهين، الحرم بتاريخ 25/6/2018.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" أدرجت بلدة الخليل القديمة، بناء على تصويت جرى في شهر تموز 2017 على لائحة التراث العالمي وبذلك أصبحت البلدة القديمة والحرم الابراهيمي رابع ممتلك ثقافي فلسطيني على لائحة التراث العالمي بعد القدس (البلدة العتيقة وأسوارها) وبيت لحم (مكان ولادة السيد المسيح: كنيسة المهد ومسار الحجاج) وبتير ( فلسطين أرض العنب والزيتون: المشهد الثقافي لجنوب القدس). وأكدت آنذاك الجهات الرسمية الفلسطينية أهمية هذا الحدث التاريخي، والذي يؤكد على هوية الخليل والحرم الابراهيمي الفلسطينية وأنها تنتمي بتراثها وتاريخها الى الشعب الفلسطيني. فيما اتهمت حينها، إسرائيل اليونسكو عبر وسائل الإعلام، بأنها "منظمة منحازة سياسيا ومخجلة ومعادية للسامية"، وأن "القرارات التي اتخذتها مشينة ومن شأنها أن تضر بحق اليهود التاريخي على الحرم الإبراهيمي".
استخلاصات وعبر
على أرضية التقارير المشار إليها وغيرها الكثير، التي تغطي كافة جوانب وأبعاد سياسة الاعتداءات والجرائم الاحتلالية ضد الحرم الإبراهيمي الشريف، والمذبحة البشعة التي اقترفت فيه فإننا يمكن أن نثبت الخلاصة المكـثفة التالية:
أولاً: إن كافة الجرائم التي اقترفت ضد الحرم الإبراهيمي الشريف، والتي توجت بالمذبحة المروعة ضد المصلين العرب، لم تكن لتقع أصلاً لولا تلك النوايا والمخططات والسياسة والإجراءات السافرة التي تستهدف تهويد الخليل والهيمنة عليها هيمنة كاملة، وهي لم تكن لتقترف أيضاً لولا وجود دويلة المستوطنين الإرهابية المنـفلتة، ولولا الغطاء والدعم الشامل الذي تقدمه سلطات الاحتلال الإسرائيلي لها.
ثانياً: إن مسلسل الجرائم المتصل ضد الحرم الإبراهيمي، وأن تلك المذبحة، قد وقعت كلها في إطار صراع الإرادة والوجود والهوية والانتماء الدائر على أرض الخليل، وما زال الصراع مستمراً مفتوحاً.
ثالثاً: لقد حرصت سلطات الاحتلال ممثلة بالحكومة الإسرائيلية على توفير الغطاء الكامل والشرعية الإسرائيلية للجرائم والمذابح التي اقترفها ويقترفها المستوطنون والجنود. وترتقي حملات التهويد الشامل في مدينة الخليل الى مستوى التطهير العرقي بالشهادات الموثقة أهل مدينة خليل الرحمن صامدون في مواجهة السطو الصهيوني، في الوقت الذي يستصرخون فيه ضمائر وهمم العرب والمسلمين والمجتمع الدولي... فهل نرى يا ترى يقظة عربية إسلامية حقيقية قريبة من أجل فلسطين والقدس والخليل...؟!
قائمة شهداء المذبحة(20):
فيما يلي أسماء الشهداء الذين سقطوا في المجزرة الصهيونية في الحرم الإبراهيمي في الخليل:
أحمد عبد الله طه محمد أبو سنينه، إسماعيل فايز قفيشة، أكرم عبد الله قفيشه، أكرم الجولاني، إياد الكركي، أيمن أيوب القواسمي، أمجد عبد الله صندل، جميل شاكر النتـشه، جمال قفيشة، حاتم خضر الفاخوري، خالد الكركي، خالد خلوي أبو سنينه، خيري جبر ابو حديد، ذياب عبد اللطيف الكركي، ذياب المحتسب، ذياب الكركي، ذياب قـفيشه، رائد محمد النتشة، رامي عرفات الرجبي، راجي غيث، زياد قـفيشه، زيدان جابر، سليمان عواد الجعبري، سفيان بركات زاهدة، سليم إدريس ادريسي، صابر كاتبه، صلاح بدر، طارق أبو سنينه، طرق عدنان عاشور أبو سنينه، طلال دنديس، طارق عابدين، عبد الحق إبراهيم الجعبري، علاء بدر أبو سنينه، عرفات محمد البايض، عرفات موسى برقان، عايد أحمد أبو حديد، عطية محمد عطية السلايمه/ استشهد عند محاولته طعن جندي أثناء تشييع جثمان أحد الشهداء، عدنان عاشور أبو سنينه، عبد الرحيم عبد الرحمن أبو سنينه، فواز الصغير، فلاح بدر، كمال جمال قفيشه، مروان مطلق أبو نجمه، مروان أبو شرخ، محمود صادق أبو زعنونة، نادر زاهده، نمر محمد مجاهد، نور إبراهيم المحتسب، نجوى أبو سنينه، وليد أبو حمدية، وائل صلاح المحتسب، يوسف الحروب، يزن عبد المعز.
باروخ جولدشتاين(21)
هو منفذ المجزرة، وهو من سكان مستوطنة كريات أربع وكان قد تتلمذ في مدارس الإرهاب الصهيوني على يدي متخصصين في الإرهاب من حركة كاخ الإرهابية وكان غولدشتاين معروفا لدى المصلين المسلمين حيث كان في كثير من الأوقات يشاهدوه وهو يتبختر أمام المصلين الداخلين والخارجين إلى الحرم الإبراهيمي.
وكان قد أصر على قتل أكبر عدد من المصلين وأعد الخطط لذلك وكان هدفه الوحيد هو اقتلاع الوجود الفلسطيني من البلدة القديمة في الخليل. وهب جلّ اهتمامه بقتل الفلسطينيين حتى نفذ مهمته في 25 من شهر شباط عام 1994، واستطاع قتل (29) مصلياً احتشدوا لصلاة الفجر في ذلك التاريخ وأصاب العشرات بجروح من بين (500) مصلي كانوا يتعبدون في الحرم الإبراهيمي في الخامس عشر من شهر رمضان لذلك العام.
وكان غولدشتاين قد تدرب على تنفيذ مهمته داخل معسكرات صهيونية داخل فلسطين المحتلة وخارجها وكان معروفا بحقده الشديد على العرب، وبعد تنفيذه للمجزرة دفن في مكان قريب من مستوطنة كريات أربع ولا يزال يعامله المستوطنون على أنه قديس، حيث أحرز قصب السبق بقتل العشرات من الفلسطينيين بصورة شخصية بالرغم من حصوله على مساندة الجيش والمستوطنين من أحفاد حركة كاخ المتطرفة.
نقلاً: وكالة الهدف