علاء سراحنة
يصادف اليوم الخميس الـ25 من شهر شباط، الذكرى الأليمة التي وقعت في قلب مدينة الخليل وفي أقدس مكان فيها، بل في فلسطين المحتلة، المجزرة التي راح ضحيتها 29 شهيداً فلسطينياً وأصيب ما لا يقل عن 150 مصلٍ بجراح متفرقة وصفت ما بين الخطيرة والمتوسطة.
ففي فجر يوم الجمعة الـ 25 شباط/فبراير1994، منتصف شهر رمضان آنذاك، أقدم الإرهابي المتطرف "باروخ غولدشتاين" على تنفيذ مجزرة داخل مسجد الحرم الإبراهيمي، بعد أن دخله مرتديا بزته العسكرية، متوشحاً بالحقد محملا بكميات كبيرة من القنابل اليدوية والمخازن والذخيرة.
كان المصلون سجدا، عند باغتهم بفتح الرشاش الآلي فوق رؤوسهم، استمر في إطلاق النار، حتى تمكن من نجى من المصلين بالانقضاض عليه واردوه قتيلا.
أغلق جنود الاحتلال المسجد الإبراهيمي ومنعت المصلين من الهروب من المكان، كما وتم منع القادمين لإسعاف المصلين المصابين ونجدتهم؛ بذريعة أنها سيطرت على الموقف، حيث أرادت تخفيف حدة التوتر وغضب الفلسطينيين.
وأثناء تشييع ضحايا المجزرة، أطلق جنود الاحتلال الرصاص على المشيعين فقتلوا عددا منهم، مما رفع عدد الشهداء في ذاك اليوم إلى خمسين شهيدا و150 جريحا.
من هو المتطرف "باروخ غولدشتاين"
هو متطرف صهيوني كان عمره 42 سنة عندما أقدم على تنفيذ المجزرة، وهو طبيب من مؤسسي حركة "كاخ" المتطرفة وتعود أصوله إلى أمريكا.
كان يسكن في مستوطنة "كريات أربع" المقامة على أراضي المواطنين في مدينة الخليل، حيث تعتبر هذه المستوطنة نقطة تجمع للمستوطنين المتطرفين.
"غولدشتاين" كان قد خطط لمجزرته قبل أيام من تنفيذها، بل وقام علنا بالتهديد، خصوصا أنه كان يرفض اتفاق "أوسلو" بين حكومته ومنظمة التحرير آنذاك، وقال أنه سيقدم على فعل كبير يتحدث عنه التاريخ.
تداعيات المجزرة
في أعقاب تنفيذ المجزرة أغلقت قوات الاحتلال المسجد الإبراهيمي والبلدة القديمة في مدينة الخليل، مدة ستة أشهر بدعوى التحقيق في الجريمة، وشكلت من طرف واحد لجنة تحقيق برئاسة ما يسمى رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية "القاضي مئير شمغار"، للتحقيق بالمجزرة ودوافعها وأسبابها.
خرجت تلك اللجنة بتوصيات منها تقسيم الحرم الإبراهيمي إلى عدة أقسام بين المسلمين واليهود وفرضت واقعا احتلاليا صعبا على المصلين المسلمين منذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا ووضعت حراسات مشددة تنكل بالمسلمين الداخلين والخارجين من الحرم الإبراهيمي.
فلسطينيا، توعدت المقاومة الفلسطينية بالرد على المجزرة، وسارات سرايا القدس وكتائب القسام بتنفيذ عدة عمليات نوعية في نفس المنطقة للتذكير بأهمية وقدسية المكان، وكانت عملية وادي النصارى والتي يطلق عليها الاحتلال عملية "زقاق الموت" التي نفذها ابطال سرايا القدس مطلع انتفاضة الأقصى خير دليل على تعلق المسلمين بالمكان وحرمته.
من جهتها دعت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في بيانات متفرقة وأكدت أن الحرم الابراهيمي الشريف هو مسجد إسلامي خالص وهو ملكية وقفية للمسلمين ولا يمكن تغيير أي صفة من صفاته او إقرار أي قانون على محيط المسجد الابراهيمي ولا تهويدة بشتى الوسائل.
وهذا ما أكدته مؤسسة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة بقرارها بأن المسجد الإبراهيمي وكامل توابعه ومنافعه هي من التراث العالمي وإسلامية المكان، رافضة كل الإجراءات التهويدية التي يتخذها الاحتلال وينادي بها نوابه ووزرائه لتهويد الحرم وباقي المدينة.
الأوقاف الإسلامية جرائم الاحتلال مستمرة بحق الحرم
قالت وزارة الأوقاف الإسلامية، إن الحرم الإبراهيمي ما زال يتعرض لانتهاكات متكررة من المستوطنين، كما يواصل الاحتلال بمنع رفع الآذان فيه، مشيرة إلى أنه تم منع رفع الآذان في العام السابق ما يزيد عن 640 وقتا.
وناشد السيد حفظي أبو سنينة مدير الحرم الابراهيمي، الى شد الرحال إلى المساجد وإعماره في كل الأوقات، لافتا أن الاحتلال يسعى لمنع المصلين من الوصول إلى الحرم الإبراهيمي، حتى يقوم بتهويده.
ولفت إلى أن الاحتلال استغل وباء كورونا لمنع المصلين، حيث يقوم بإغلاق الأبواب ورد المصلين وتحديدا في صلاة الفجرة.
الحرم الإبراهيمي
يقع المسجد الإبراهيمي في قلب مدينة الخليل، وينسب المسجد -الذي يطلق عليه أيضا اسم الحرم الإبراهيمي- إلى النبي إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام.