في تطور يتعلق بالتحقيق الجاري في حادث قتل الشابين الفلسطينيين في بيتونيا، في ذكرى النكبة، كشفت صحيفة "هآرتس" أن جندياً من سلك الاتصالات في جيش الاحتلال، رافق قوات "حرس الحدود"، وشارك في إطلاق النار على المتظاهرين الفلسطينيين، دون أن يكون مخولاً بذلك. ويستدل من التحقيق العسكري أنه تم إقصاء الجندي من وظيفته.
ويبدو أن الجندي أطلق النار في موعد تزامن مع توثيق مقتل أحد الشابين، نديم نوارة (17 عاماً)، لكنه، وحسب ادعاء التحقيق العسكري، لم يتم العثور على دليل يثبت أن هذا الجندي هو الذي قتل نوارة. ومع ذلك تبين أن المحكمة العسكرية أصدرت أمراً بمنع نشر تفاصيل التحقيق مع الجندي. وقالت جهات في "الدفاع العسكري"، الذي يترافع عن الجندي، أنه حسب معلوماتها فإن التحقيق يبين بأن الجندي أطلق رصاصتي مطاط فقط، بناءً على الأوامر وبمصادقة القيادة الميدانية. وادعت هذه المصادر "إن نتائج التحقيق تبين بشكل واضح أنه لا توجد أي صلة بين النيران التي أطلقها الجندي وبين مقتل الشابين".
يشار إلى أن جيش الاحتلال يواصل التحقيق في القضية ويتمسك بالادعاء الذي يقول أنه لم يتم استخدام النيران الحية، ولكن الشابين قتلا من مسافة بعيدة نسبياً، ما يؤكد استخدام النيران الحية.
وتقول الصحيفة: ليس من الواضح لماذا شارك الجندي في إطلاق النار، رغم أنه تواجد في المكان أفراد من شرطة حرس الحدود المدربين والمؤهلين. ويسود التقدير بأن الجندي شعر بالملل من العمل الذي طولب القيام به، وطلب المشاركة بإطلاق النيران. وقد رفض محاموه التطرّق إلى هذه النقطة.
وكان مصور "سي إن إن" قد تواجد في المكان أثناء وقوع الحادث وصوّر مجموعة من جنود "حرس الحدود"، أثناء قيام أحدهم بإطلاق النار باتجاه الفلسطينيين، وعلى الفور تم حرف الكاميرا إلى حيث تواجد الشبان، فالتقطتهم أثناء قيامهم بإخلاء نوارة بعد اصابته في صدره. وقد توفي نوارة متأثراً بجراحه.
وعلمت "هآرتس" أمس، أن أحد الجنود الذي شوهد في الشريط وهو يوجّه بندقيته، هو جندي من "سلك الاتصالات" في جيش الاحتلال، تم ضمّه إلى وحدة "حرس الحدود" خلال التظاهرة. وعلم، أيضاً، أنه تم في اليوم ذاته التحقيق مع الجندي فنفى أنه سمع صوت رصاص حي، وأخفى مشاركته في إطلاق النار. وبعد عدة أيام تبين أنه قام بإطلاق النار، رغم أن ذلك لم يكن من مسؤولياته، وفي أعقاب ذلك تم تحويله إلى التحقيق العسكري، وتم نقله إلى قاعدة عسكرية أخرى.
ويظهر في الشريط الذي التقطه مصور "سي إن إن"، أحد أفراد شرطة "حرس الحدود" وهو يطلق النار، وإلى جانبه جندي بالزي الأخضر الخاص بجيش الاحتلال، يمسك بندقية ويوجهها نحو المتظاهرين. وبعد عدة ثوان، يظهر في الشريط أحد أفراد شرطة الاحتلال وهو يأخذ البندقية من الجندي. وقامت صحيفة "هآرتس" بفحص شريطين يوثقان للحادث من زاويتين مختلفتين، شريط "سي إن إن"، الذي تظهر فيه مجموعة الجنود ولحظة إطلاق النار، والشريط الذي التقطته كاميرات الأمن في موقع استشهاد الشابين. ويظهر في شريط "سي إن إن" شرطي "حرس الحدود" وهو يطلق النار على المتظاهرين، بينما يظهر الجندي العسكري وهو يوجّه بندقيته إلى المتظاهرين. وفي شريط "سي إن إن" مرّت 22 ثانية منذ إطلاق النار وحتى وصول سيارة الإسعاف إلى المجموعة التي قامت بإخلاء نوارة. كما تظهر كاميرا الأمن مرور 22 ثانية حتى وصول سيارة الإسعاف ما يؤكد تطابق الشريطين. وقال الناطق العسكري أنه تم فتح تحقيق في الموضوع، ومع انتهاء التحقيق سيتم تحويل الملف إلى "النيابة العسكرية".
بحث عن الاثارة
وتحت هذا العنوان يكتب المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل أن الكشف عن الجندي الذي انضم إلى كتيبة "حرس الحدود" في بيتونيا وأطلق الرصاص المطاط خلال المظاهرة قبل أسبوعين، لا يساعد، حتى الآن، في حل السؤال الأساسي الذي يتمحور حوله التحقيق في من قتل الشابين الفلسطينيين وكيف حدث ذلك؟ ويضيف أن جيش الاحتلال لا يزال يبحث في العتمة، ولا يستطيع أحد، لا المحققين ولا الشرطة العسكرية تفسير مقتل الشابين. فالجنود و"حرس الحدود" وقادتهم ينفون استخدام النيران الحية خلال الحادث، وبالإضافة، فإن المسافة الكبيرة التي فصلت بين الشبان وقوات الجيش "الإسرائيلي" و"حرس الحدود"، تلغي بشكل شبه تام احتمال مقتلهما بالرصاص المطاط (الذي يمكنه التسبب بالقتل فقط من مسافة 20 متراً على الغالب). كما أن السلطة الفلسطينية، ورغم تصريحاتها، لا تسارع إلى تقديم المساعدة العلنية للتحقيق. فرغم مرور أسبوعين لم تقم أجهزة الأمن الفلسطينية بتسليم الرصاصتين للجيش.
مع ذلك يقول الكاتب إن إطلاق الرصاص المطاط الذي أقصي الجندي بسببه، يشير إلى سلوك الجيش خلال الأحداث العنيفة في الضفة. لقد تم فتح تحقيق عسكري ضد الجندي لأن إطلاق الرصاص المطاط لم يكن جزءًا من مهمته في المكان. صحيح أنه اجتاز تدريبات كمحارب، لكن وظيفته، التي أمرت المحكمة العسكرية بمنع كشف ماهيتها أمس، هي الاتصالات بشكل عام. أما الشرطة والجنود الذين أطلقوا الرصاص المطاط فقد كانوا مخولين بعمل ذلك، خلافاً للجندي. وكان يمكن لإقصائه في ظروف اعتيادية أن لا يثير أي اهتمام، إلا أنها تحولت الآن إلى قصة إعلامية بسبب وقوعها خلال حادث تم توثيق القسم الاكبر منه بواسطة كاميرات "الأمن" والتلفزيون. ولو كان الحديث عن قيام جنود بقتل فلسطينيين غير مسلحين بدون توثيق ذلك، وهذا يحدث كثيراً في الضفة، فمن المشكوك فيه أن الحادث كان سيحظى بأي اهتمام في الصحف.
ويضيف الكاتب أن هذا الجندي ليس شاذاً عن القاعدة، وهناك حقيقة لا يكثرون من الحديث عنها، وهي أن الكثير من الجنود الذين يشاركون في تفريق المظاهرات يتعاملون معها كمتعة و"إثارة"، وتجربة بإطلاق النيران في خضم الفوضى. ويمكن الافتراض أن الجندي بحث عن هذه المتعة، أو أنه شعر بالملل فسمح له "حرس الحدود" بإطلاق رصاصة على المتظاهرين.
ويقول أن محفزات الضرر تتزايد عندما يكون مطلق النار جندياً تم ضمّه إلى القوة وهو لا ينتمي إلى "الوحدة المنظمة". وفي الجيش هناك الكثير من المهام التي يتنقل الجنود المسؤولين عنها بين الوحدات وينضمون إلى مهام تستغرق عدة ساعات أو عدة أيام.