Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

رحلة "التهويد" تبدأ بـ"كنيس"

وكالات

رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة، كما قاله الزعيم الصيني الراحل ماوتسي تونغ، ورحلة «التهويد» أيضا تبدأ بـ«كنيس واحد»، هذا هو مبدأ الحركة الصهيونية.

وهذه هي الخطوة الأولى. لم يمض سوى ستة أشهر على الإعلان عن أول اتفاق تطبيعي بين دولة الاحتلال ومحمد بن زايد نائب رئيس نظام إمارة أبو ظبي، بدعم من حاكم دبي ونائب رئيس وزراء الإمارات محمد بن راشد آل مكتوم، حتى بدأ الإسرائيليون يتحدثون عن الوجود اليهودي في الخليج، وضرورة إقامة الروابط بينهم، للحفاظ عليهم وعلى هوياتهم.

وأول الغيث قطرة كما يقول المثل. ونحن هنا بصدد الحديث عن الرابطة التي أعلن عن تشكيلها «يهود الخليج» مؤخرا، باسم «رابطة تجمع المجتمعات اليهودية في دول الخليج العربية». رابطة لتجمعات يهودية في الخليج، وهم يعرفون ونحن نعرف أن لا وجود لمثل هذه التجمعات. ويعرفون أيضا أنهم يكذبون، ولكنهم كعادتهم يكررون الكذبة حتى يصدقونها هم أولا، ويصبح سماعها أمرا مقبولا على الآذان ليصدقها من بعدهم الآخرون.

جاء الإعلان عن انطلاق هذه الرابطة، من وزارة الخارجية الإسرائيلية، وقال موقع «إسرائيل بالعربية» الذي تديره الخارجية: «جرى تأسيس الرابطة في الدول الخليجية الست، وستضم الرابطة وهي الأولى من نوعها، يهودا من الإمارات والبحرين وعمان والسعودية وقطر والكويت».

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية، أن رئيس الجالية اليهودية في البحرين أبراهام نَونَو، سيرأس هذه الرابطة. وقال نَونَو لهيئة البث: «الهدف من هذه الرابطة هو توحيد موارد المجتمعات، مثل طعام الكوشر (الحلال وفق الشريعة اليهودية)، والمساعدات الدينية، والدفن وغيرها من الأمور».

وأضاف: «كل هذه الخدمات يجب أن تكون موجودة ومتاحة لجميع اليهود في الخليج، وهذا هو الهدف الأساسي للرابطة»، التي قالت ضمن تغريدة الإعلان عن نفسها: «نحن ملتزمون بنمو وازدهار الحياة اليهودية، في دول الخليج». أما هيئة البث الإسرائيلية فقالت؛ إن «الغرض من الرابطة الجامعة، هو تقديم الخدمات الدينية لليهود، الذين يأتون إلى البلدان المعنية في الخليج، سواء للاستقرار أو السياحة».

في مصطلح «الاستقرار» يكمن مربط الفرس، خاصة بعد قوانين التملك والإقامة، التي أصدرتها الإمارات لتشجيع الناس على الاستقرار في أراضيها، وهذه فرصة سانحة للإسرائيليين للشراء، استعدادا إلى ذاك «اليوم الموعود» الذي تعلن فيه في منطقة الخليج إقامة لوبي يهودي إسرائيلي يتحكم بالقرارات المصيرية. وإن غدا لناظره قريب. أصبحت هناك حياة يهودية في الخليج، ولا بد أن تزدهر. يوهمونك بأن اليهود في الخليج يعدون بمئات الآلاف، بينما لا تتجاوز أعداد الأصليين منهم بضع عشرات، يتمركزون في البحرين.

ولكن ليس هؤلاء هم المعنيون، إنما اليهود/ الإسرائيليون الجدد الذين سيغزون الدول الخليجية، وبرضى القائمين عليها، الذين سيسمحون لهم بالاستقرار والإقامة في السنوات المقبلة. إنهم يبدؤون بالتدريج وبسلاسة ونعومة، وفق المثل القائل «تمسكن حتى تتمكن»، وفي اللحظة التي يتمكنون فيها ينقضون على فريستهم.

إني لأرى النكبة الفلسطينية تتكرر في الخليج، أو في بعض بلدانه من جديد، وهذه المرة تتم بمزاج بعض أنظمته. هكذا بدؤوا في مطلع القرن الماضي في فلسطين، حتى وقوع النكبة 1948، بإعلان الكيان الصهيوني. وهذا هو حال الفلسطينيين اليوم، فإسرائيل لا ترفض تقاسم فلسطين مع أصحاب الحق، حتى وفقا للقرارات الدولية (78% إلى 22%) فحسب، بل يسعون للسيطرة على نصف الـ22% الذي زرعوه بمئات المستوطنات.

إنهم، كما أسلفنا، يتحدثون عن جاليات يهودية غير موجودة أصلا في أي من الدول الخليجية الست، باستثناء البحرين. وحتى في حالة البحرين فلا يزيد عدد اليهود الأصليين عن الأربعين حسب إحصائيات 2017 فقط، وهم يتمتعون بأكثر من حقوقهم السياسية والاجتماعية كمواطنين بحرينيين، كما أنهم ليسوا بحاجة إلى رابطة، إلا إذا كانت هناك أغراض أخرى في نفس يعقوب.

أما الوجود اليهودي في بقية دول الخليج فيعادل الصفر، رغم الحديث عن وجود ما عدده بضع مئات في الإمارات، ولكنهم ليسوا من المواطنين الأصليين، بل من المستوردين لغرض الإعداد للتطبيع. وعلى رأسهم، روس كرييل المتحدر من جنوب أفريقيا، الذي انتقل للعيش في الإمارات عام 2008، وهو يرأس الجالية اليهودية المستحدثة هناك، وتُعد أول تجمع يهودي تم تأسيسه خارج إسرائيل، بعد الحرب العالمية الثانية في الشرق الأوسط، حسب صحيفة ألمانية.

ويقول كرييل في هذا الصدد: «يُمكننا أن نعيش حياة يهودية بشكل طبيعي هنا وبدعم حكومي»، مضيفا: «الإمارات وطننا، ونحن سعداء للغاية». وفي عام 2013 أحضر كرييل زوجته وأطفاله للعيش في دبي. ويُقدر كرييل عدد اليهود في دولة الإمارات بنحو 500 إلى 600، وحسب مصادر أخرى، فإنهم يُقدرون بنحو 1500. يذكر أيضا، أنه حسب الإحصائيات الإسرائيلية فإن نحو 130 ألف إسرائيلي، زاروا الإمارات منذ اتفاق التطبيع قبل نحو ستة أشهر. والحديث عن فضائحهم يسبقهم.

وفي قطر وعمان والكويت والسعودية، وباعتراف كرييل «لا توجد جاليات حقيقية، ولكن هناك يهود يمكننا تقديم جميع أنواع الخدمات لهم». وثمة من يزعم أن حوالي 2% من الشعب السعودي هم يهود، ويمارسون طقوسهم الدينية بصمت خوفا من العقاب.

وأختتم بخبر يعكس الوضع الذي وصلت إليه بعض الأنظمة المهرولة والمطبعة في تعامل الكيان الصهيوني معها، بعد أن نال مراده منها. فبعدما كان نتنياهو لا يترك بابا إلا ويطرقه من أجل القبول به، أصبحنا نحن، أو بالأحرى هذه الأنظمة هي التي تطرق بابه وتستجديه لإرسال وفود للمشاركة في معارضها. وهذا ما فعلته بالضبط إمارة أبو ظبي بقيادة محمد بن زايد «رائد التطبيع المهرول» مع دولة الاحتلال.

فقد اضطرت لاستخدام الإغراءات المالية في محاولة لإقناع نتنياهو بإرسال بعثة أمنية إلى دبي، بعد أن رفضت لجنة الاستثناءات الإسرائيلية طلب البعثة للمشاركة في المعرض الأمني الدولي في أبوظبي «أيديكس» الذي يفترض أن يفتتح يوم الأحد ويستمر حتى 25 فبراير/شباط الحالي، وينظم مرة كل عامين. وستشارك فيه هذا العام 100 دولة.

وتحججت لجنة الاستثناءات بإغلاق مطار تل أبيب في ظل تدابير الوقاية من عدوى كورونا. وأوضحت صحيفة «غلوبس» العبرية أمس، أن منظمي المعرض أبرقوا إلى نتنياهو مطالبين إياه بالتدخل كما جاء في تقرير لـ«القدس العربي»، حتى يتمكن مئات الراغبين من إسرائيل المشاركة، في المعرض. وحسب الصحيفة «تضم البعثة الإسرائيلية 270 عضوا يمثلون 50 شركة أمنية إسرائيلية. وجاء في الرسالة التي بعثت إلى نتنياهو والموقعة من سائد المنصوري، أحد مديري المعرض أنه أحد أهم المعارض في العالم، ويستقطب مستثمرين من كل أنحاء الكرة الأرضية، الذين يرغبون بالاجتماع مع الإسرائيليين الذين يشاركون لأول مرة في المعرض. ووصلت المحاولات حد الإغراءات المالية، إذ قالت الرسالة؛ إنه في أجواء اتفاقيات التطبيع فإن المعرض يشكل فرصة أولى للصناعات الإسرائيلية بعرض منتجاتها لدول الخليج، وباقي المشاركين من أنحاء العالم. وشددت الرسالة على أهمية المشاركة الإسرائيلية بتقوية العلاقات بين البلدين.

وحذرت الرسالة من أن عدم المشاركة الإسرائيلية، لن يسبب فقط خسائر مالية تقدر بملايين الدولارات، وضياع التجهيزات التي استمرت أشهرا، مع إلغاء اجتماعات نظمت مسبقا بين مسؤولين إماراتيين والبعثة الإسرائيلية، إنما أيضا سيتسبب بضرر مالي كبير للشركات ولدولة إسرائيل. وأضافت أن «حكومة أبو ظبي قلقة للغاية من التطورات ومن عدم وصول البعثة الإسرائيلية، وأن الأمر لن يتسبب بضرر اقتصادي كبير، إنما سيلحق ضررا بالعلاقات التي تتشكل بين البلدين».

وسبحان مغير الأحوال! لقد أصبح نظام أبو ظبي الأكثر حرصا على مصالح إسرائيل والعلاقات مع دولة الاحتلال، وأعتقد أن المقبل أعظم يا نظام محمد بن راشد.