شيعت جماهير شعبنا الفلسطيني المجاهد ظهر أمس الثلاثاء، جثمان الراحل البروفيسور عبد الستار قاسم، في مسقط رأسه في بلدة دير الغصون بمحافظة طولكرم شمال الضفة المحتلة.
وانتقل قاسم إلى رحمة الله تبارك وتعالى مساء أول أمس إثر مضاعفات إصابته بفيروس كورونا حيث تدهورت حالته الصحية في الفترة الأخيرة.
وقال الشيخ القيادي خضر عدنان: "ننعى اليوم قامة وطنية تشرفنا بها، هذه القامة تسقط دونها كل القامات"، وباسمي وباسم إخواني في حركة الجهاد الإسلامي وسراياها المظفرة سرايا القدس، وباسم كل الأسرى، ننعى هذا الأخ الكبير رحمه الله".
وأشار عدنان أن الراحل قاسم كان رجلاً وطنياً بامتياز، ومجاهداً أمضى حياته مكافحاً لأجل القدس وفلسطين، وكانت فلسطين حاضرة في وداعه الأليم، رغم غياب من غاب، ورغم غياب من غيَّب نفسه ولم ينعاك حتى الآن.
وأضاف عدنان أنه "يكون ناكراً للجميل من لا يرى الجميل عند البروفيسور عبد الستار قاسم، ناكر للجميل من لا يرى الجميل عند الشهيد والأسير والفلاح".
وأكد عدنان أن قاسم سيرسخ في ذاكرة شعبنا في مواقفه الوطنية في جامعة النجاح، وفي كل المواقف والساحات وفي الأسرى، متسائلا: كيف لا نبكيك؟ ودونك آلاف الأكاديميين من لم يمازج بين العلم والثورة، من لا يحمل الكتاب والقلم وهم الوطن.
وأوضح عدنان أن فلسطين وقضيتها أحوج ما تكون إلى أمثالك من الأكاديميين والمحاضرين من يدخل القاعة ويحرض على الاحتلال، ويحرض للقدس والأقصى والمقدسات والشهيد والأسير والمقاومة، مؤكداً أن ما نحتاجه اليوم فدائياً أكاديمياً فلسطينيا مقاوما، كالراحل عبد الستار قاسم الذي حمته معية الله تعالى، إذ لم تنل منه رصاصات الغدر والخيانة، ولم تنل منه شاشات العهر والتصفيق، عبد الستار قاسم أوصل رسالته بهذه الجنازة المهيبة من هذه النخب الفلسطينية والعربية والحزن الأممي عليه، وكأن لسان حاله يقول لكل المتخاذلين هذه فلسطين هذه هي المقاومة، سلام عليك مع الشهداء يا سيدي الكبير.
بدوره قال وزير الأسرى السابق، المهندس وصفي كبها، ما يواسينا أن الدكتور قاسم أحبه الجميع من رفح حتى الجولان، وها هو وفد الجولان العربي السوري يشارك في هذا المصاب الجلل، موضحاً أن الشعب الفلسطيني فقد قامة وطنية عصية على الانكسار، وهو سياسي محنك وأكاديمي ويمتلك حكمة، وقد حمل هم الأسرى في كل الميادين.
وذكر قبها برسالة اللواء فؤاد الشوبكي شيخ الأسرى، حيث نقلها حرفيا: "أود أن أذكركم بأنني قدمت نفسي قرباناً لقضية وطن يرزح تحت الاحتلال، وكنت الأكثر تضحيةً في الوقت الذي احتاجني فيه أبنائي، واخترت الوطن عن الابن والأهل، وتحاملت على نفسي ورفضت الانصياع للمحتل من أجلكم جميعاً كما رفضت البوح أو القول بشيء لهذا الغاصب".
واختتم كبها حديثه بالتأكيد على أن صوت عبد الستار قاسم كان صوت المظلومين وصوت المستضعفين صوت المهمشين، فقد كان رحمه الله تعالى من القامات الوطنية التي رفضت أوسلو، ودفع الثمن نتيجة مواقفه الوطنية المشرفة، ورغم ذلك لم يتوانِ عن أي يبقى إلى جانب المظلومين والمستضعفين والمعتقلين السياسيين.
جدير بالذكر أن المرحوم البروفيسور عبد الستار قاسم من أبرز المناهضين للاحتلال وقد تعرض للاعتقال عدة مرات لدى سلطات الاحتلال، ويعتبر كذلك معارضاً للسلطة وأجهزتها ولاتفاقية أوسلو المشؤومة، وقد أصدر قاسم رحمه الله 25 كتابا وأكثر من 130 بحثاً علمياً، إضافة إلى مئات المقالات بصحف فلسطينية وعربية وأجنبية، وقد تعرض نتيجة مواقفه الوطنية لعدة اعتداءات بين الضرب وإطلاق الرصاص المباشر عليه وحرق سيارته إضافة لعشرات رسائل التهديد.