إبراهيم أبو صفية
لا يبدو أن طريق الانتخابات الفلسطينية معمدة بكثير من التساؤلات، وخصوصا بعد تغول المشروع الصهيوني في الأراضي الفلسطينية، وتحديدا التهويد المستمر في القدس؛ لذلك في أعقاب إصدار المراسيم الرئاسية للانتخابات، تسائل نشطاء مقدسيون عن أهمية هذه الانتخابات وجدواها على مدينة القدس والمقدسيين، وما هي الفائدة المرجوة من هذه الانتخابات للمدينة والمقدسيين إن حصلت؟
علق الإعلامي والمبعد عن مدينة القدس، عنان نجيب، أن المشكلة الأساسية في القدس ليس مع الانتخابات المزمع عقدها وإجرائها، وإنما بمضمون الانتخابات وأبعادها، وخصوصا أن هذه المشكلة ليست متعلقة بحق الانتخاب أو الترشح.
وأضاف، أن المقدسيين لا يرون بأن مشاكل القدس التي تعاني من تغول احتلالي وتسريع لأسرلتها بكل النواحي بأنها تحل بانتخابات تشريعية جاءت في سياق مشروع تسوية، وأنه من المحتم أن القدس ستقدم على طبق من ذهب كما فعلوا إبان توقيع "أوسلو" أحد أسباب الكارثة التي تعيشها القدس.
وأوضح نجيب، أن المقدسيين يرون بأن القدس بحاجة إلى برنامج وطني تتبناه كل القوى الفلسطينية، ويلقى احتضان شعبي له، وهذا لا يمكن تحصيله إلا من خلال إعادة بناء منظمة التحرير على أسس سليمة وانتخاب مجلس وطني يفرز قيادة تنفيذية وطنية قادرة على تبني موقف مواجهة مخططات الاحتلال الساعية الى تهويد واسرلة القدس وتقسيم المسجد الأقصى المبارك.
وومن جانبه، قال الباحث في جمعية الدراسات العربية، مازن الجعبري، إن القدس سوف تكون الضحية في هذه الانتخابات وذلك وفقا "لاتفاق أوسلو" الذي اجل موضوع القدس، مشيرا إلى "إسرائيل" استطاعت تغيير معالم القدس من خلال الاستيطان والمشاريع التهويدية الضخمة وقامت بعزل القدس عن باقي الأراضي المحتلة، وقامت على أثر توقيع "اتفاق أوسلو" بسن القوانين لمنع النشاط الفلسطيني في القدس وخاصة المرتبطة بالسلطة الفلسطينية.
وأشار الجعبري، إلى أنه إذا تم إجراء الانتخابات في الضفة وغزة وعدم إجراؤها في القدس كما هو متوقع أو حتى لو تم بشكل رمزي وشكلي كما حدث في السابق سوف يضعف قضية القدس السياسية، ويجعل مكانتها القانونية تحت السيادة الإسرائيلية متناقضا مع القانون الدولي وعملية السلام وفقا لبروتوكول "أوسلو".
وبين أن مشاركة الفلسطينيين في القدس بالانتخابات الفلسطينية سوف يكون أمرا شكليا و رمزيا ولن يخدم قضية القدس السياسية ولن يعود بالفائدة على سكانها كون ان السلطة الوطنية ملتزمة باتفاقيات "أوسلو" والذي يمنعها من العمل في القدس.
ولفت إلى أنه منذ توقيع اتفاق "أوسلو" تم تهميش موضوع القدس وتركت بالكامل للتغول والجبروت الإسرائيلي، لافتا إلى أنه حاليا تصارع المدينة للحفاظ على هويتها السياسية والحضارية,
وأردف، أن الانتخابات الفلسطينية القادمة سوف تجعل القدس شعارا وسكانها أرقاما في العملية الانتخابية والإعلامية دون فائدة تذكر على واقعها الحالي.
وبدوره قال الأكاديمي والباحث في الشأن الإسرائيلي، محمد هلسة، إن المقدسيين بشكل أساسي لديهم مجموعة من الأسئلة المشروعة، ولا شك يملك أحد الإجابة عليها، وطرحت مرارا ولم يحصلوا على إجابات شافية.
هل نحن كفلسطينيين اتخذنا قرار داخلي بأن نحن ماضون في المواجهة والتحدي وسنذهب بهذه المسألة حتى الرمق الأخير مع "اسرائيل" والمجتمع الدولي لفرض الانتخابات في القدس، وأن يكون الشعار "إما انتخابات مع المقدسيين أو لا يوجد انتخابات"؟.
وهل نحن فعلا اصحاب موقف وقرار سياسي لذهاب بهذه المسألة حتى الحد الاقصى والى ما لا نهاية
هل "إسرائيل" ستقبل التماشي مع القرار الفلسطيني والذهاب لإجراء الانتخابات والسماح للمقدسيين التصويت والترشح؟
هل نحن مستعدون لمواجهة هذا التحدي؟ هل هناك ضمانات أن المقدسي الذي سيترشح أو الذي سيصوت او الذي سيفوز مستقبلا لن يتعرض للملاحقة والاستهداف من "إسرائيل" خصوصا أن نواب المجلس التشريعي السابق (عطون وأبو عرفة) عبرة لأي شخص يريد الترشح في الانتخابات الجديدة.
وأكد هلسة، أن جملة هذه الأسئلة المطروحة مشروعة وكل المقدسيين يريدون الإجابة عليها، خصوصا أن الإجابة عن هذه الأسئلة تحدد تجاوب المقدسيين ومشاركتهم في الانتخابات المقبلة.
وحول منفقعة الانتخابات على المقدسيين والقدس، قال هلسة، الفائدة الوحيدة التي ترجى من هذه الانتخابات أن إاذا كانت القيادة مستعدة والفصائل مستعدة ان تخوض هذا الاشتباك، باجراء الانتخابات في القدس والدفاع عن تهويدها، فأن المقدسي مستعد ان يخوضه أيضا؛ لأن المقدسي إذا كان جزءا من هذه الانتخابات، سيشعر بأنه جزء من المشروع التحرري وأن القدس جزء من الجغرافيا الفلسطينية والعاصمة الأبدية، فهذا أكبر إنجاز ومنفعة يمكن أن تحققه هذه الانتخابات.
وأوضح أنه إذا تحققت وسمح للمقدسيين التصويت والترشح، يجب على النواب أن تكون خطتهم وخطة القيادة تحقيق مطالب المقدسيين وحاجات القدس، خصوصا أن القدس هي عاصمة منكوبة ويجب تخصيص موازنة لها.
ولفت أن جدوى الانتخابات للقدس والمقدسيين، من ناحية سياسية هو تكريس أن المقدسي جزء من المشروع الوطني والتحرري والقدس لا تنفك عن الجغرافيا الفلسطينية.
وبين أن البعد الأخر هو خدماتي يتمثل باستحقاقات الحياة للمقدسيين والقدس، خصوصا دعم القدس وفرض هذه الاستحقاقات مهمة في مواجهة مخططات الاحتلال ومشاريعه.
ي منتصف الشهر الجاري، أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مراسيم رئاسية تحدد موعد إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، وذلك بعد وصوله رسالة من حركة حماس توافق فيها على إجراء الانتخابات بعد أن تخلت عن شرطها بأن تكون بشكل متزامن، ورحبت الفصائل الفلسطينية بإصدار هذه المراسيم، وتم تحديد جلسة حوار في القاهرة تبدأ أعمالها بداية الشهر المقبل.