ترتبط كلمة الدهون عادة بالسمنة وزيادة الوزن بالسكري وأضرار على الأوعية الدموية والقلب، لكن علماء في دراسة جديدة اكتشفوا أن نوعا من الدهون يقلب المعادلة ويحمي من مرض السكري ويحسن صحة القلب، فما هو هذا النوع من الدهون؟ وكيف يمكنك الحصول عليه؟
الجواب هو "الدهون البنية" (Brown adipose tissue)، وهي نوع من الدهون تخزن الطاقة في مساحة أصغر مقارنة بالدهون البيضاء، والدهون البنية مليئة بـ"الميتوكوندريا" (Mitochondria) (مصانع إنتاج الطاقة في الخلايا) الغنية بالحديد، وهذا هو سبب حصولها على لونها، وتقوم الدهون البنية بتوليد الحرارة، كما أنها تحرق السعرات الحرارية.
وتحول الدهون البنية الطعام أو السعرات الحرارية إلى حرارة للجسم في حالة البرد، فعندما تنخفض درجات الحرارة تبدأ هذه الدهون بالعمل عن طريق إنتاج الحرارة، وأثناء القيام بذلك فإنها تحرق سعرات حرارية أكثر بكثير من الدهون البيضاء، مثل العضلات.
وأجرى الدراسة باحثون من جامعة روكفلر في الولايات المتحدة، ونشرت في مجلة "الطبيعة" (Nature)، وشملت 52 ألفا و487 شخصا تم إخضاعهم "للتصوير المقطعي البوزتوروني المحوسب" (F-fluorodeoxyglucose positron emission tomography–computed tomography (scans، لتقييم احتواء أجسامهم على الدهون البنية.
ووجد الباحثون أن هناك علاقة بين امتلاك الدهون البنية وتقليل احتمالية المشاكل الصحية التالية:
1- مرض السكري من النوع الثاني.
2- ارتفاع الدهون في الدم.
3- مرض الشريان التاجي وأمراض الدماغ والأوعية الدموية.
4- فشل القلب الاحتقاني.
5- ارتفاع ضغط الدم.
وتم دعم هذه النتائج من خلال تسجيل قيم أفضل لدى هؤلاء الأشخاص الذين لديهم دهون بنية لكل من:
1- غلوكوز الدم
2- الدهون الثلاثية
3- البروتين الدهني عالي الكثافة (High-density lipoprotein) (الكوليسترول الجيد).
وذكر الباحثون أن هذه الآثار المفيدة كانت أكثر وضوحا لدى الأفراد الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، مما يشير إلى أن الدهون البنية قد تلعب دورا في تخفيف الآثار الضارة للسمنة.
ما الفرق بين الدهون البنية والدهون البيضاء؟
الدهون البيضاء أو "الأنسجة الدهنية البيضاء" (White adipose tissue) هي الدهون التقليدية في الجسم، ويخزن الجسم فيها الطاقة وتتراكم حول الجسم.
ويعتبر امتلاك البشر الكثير من الدهون البيضاء شيئا غير جيد، إذ تؤدي إلى السمنة، كما قد يؤدي وجود الكثير من هذه الدهون حول منطقة الوسط إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري وأمراض أخرى، وتوجد الدهون البيضاء تحت الجلد، وتحيط أيضا بالأحشاء الداخلية.
أما الدهون البنية فهي تخزن الطاقة في مساحة أصغر من الدهون البيضاء، وهي مليئة بالميتوكوندريا.
وتوجد الدهون البنية بشكل أساسي حول الرقبة والكتفين، من أسفل العنق إلى أعلى عظمة الترقوة مباشرة.
ولدى حديثي الولادة والحيوانات التي تمارس السبات مخازن كبيرة من الأنسجة الدهنية البنية، وتشكل الدهون البنية عند الأطفال حديثي الولادة حوالي 5% من وزن الجسم، وتوجد في النصف العلوي من العمود الفقري والكتفين.
وتعمل هذه الخلايا الدهنية البنية على حماية الأطفال من انخفاض حرارة أجسامهم، والذي هو سبب رئيسي لوفاة الأطفال حديثي الولادة، وتتناقص نسبة هذه الدهون تدريجيا مع تقدم العمر.
وتتكون خلايا الدهون البيضاء من قطرة شحمية واحدة، لكن الخلايا الدهنية البنية تحتوي على العديد من قطرات الدهون الصغيرة والعديد من الميتوكوندريا.
ولأنها تستهلك كمية أكسجين أكثر من الدهون البيضاء فإن الدهون البنية تحتوي أيضا على المزيد من الشعيرات الدموية، ولديها العديد من الأعصاب، والوظيفة الأساسية للدهون البنية هي إنتاج الحرارة، ويتم تنشيطها عندما يبرد الجسم.
كيف تزيد الدهون البنية في جسمك؟
كل الناس لديهم بعض الدهون البنية "المكونة" (constitutive)، وهو النوع الذي ولدت به، وهناك أيضا شكل آخر "قابل للتحويل" (recruitable)، وهذا يعني أنه يمكن أن يتحول إلى دهون بنية في ظل الظروف المناسبة، ويوجد هذا النوع القابل للتحويل في العضلات والدهون البيضاء في جميع أنحاء الجسم.
وهناك طريقتان قد تساعدان على زيادة الدهون البنية في الجسم، وهما:
1- خفض درجة الحرارة
تعريض الجسم للبرودة، ودرجات الحرارة الباردة قد يساعدان في تحويل المزيد من الخلايا الدهنية إلى دهون بنية.
وأشارت بعض الأبحاث إلى أن التعرض لمدة ساعتين فقط يوميا لدرجة حرارة حوالي 66 فهرنهايت (19 درجة مئوية) قد يكون كافيا لتحويل الدهون القابلة للتحويل إلى دهون بنية.
ويمكنك أخذ حمام بارد أو حمام ثلج، كما يعد خفض الحرارة بضع درجات في منزلك أو الخروج في الطقس البارد من الطرق الأخرى لتبريد جسمك، وربما إنتاج المزيد من الدهون البنية.
2- ممارسة الرياضة
وتشير أبحاث على الفئران إلى أن بروتينا يسمى "إيريسين" (irisin) قد يساعد في تحويل الدهون البيضاء إلى دهون بنية.
وينتج البشر أيضا هذا البروتين، واكتشف الباحثون أن الأشخاص الذين لا يمارسون الرياضة ينتجون كمية أقل بكثير من "إيريسين" مقارنة بمن يمارسون الرياضة كثيرا، وتزداد المستويات عندما يقوم الأشخاص بـ"تمارين الفواصل الهوائية المكثفة" (intense aerobic interval training).
في هذه التمارين تتم ممارسة فترات قصيرة من التمارين الهوائية المكثفة بالتناوب مع فترات أقل كثافة.
ومع ذلك، لا توجد أبحاث كافية على البشر للتأكيد ما إذا كانت التمارين الرياضية تخلق المزيد من الدهون البنية، لكن التمارين الرياضية لها العديد من الفوائد الصحية، مثل تقليل خطر السكري من النوع الثاني، والمساعدة في التحكم بالوزن.
ويوصى بممارسة 150 دقيقة من النشاط البدني المعتدل -مثل المشي- أسبوعيا، أو 75 دقيقة من النشاط البدني القوي -مثل الجري- أسبوعيا.