ثمة ما هو امر معقد ان نتحدث في هذه المناخات والاجواء سواء كانت ذاتية او اقليمية او دولية عن استحقاقات وطنية جادة التي قاعدتها الحقوق والتاريخ والعدالة والدولة الديموقراطية الواحدة على ارض فلسطين لأصحابها الشرعيين او حل الدولة الواحدة بقوميتين وبحقوق متساوية مع احتفاظ اللاجئين بالحقوق والعودة، قد تكون المتغيرات قفزت عن نظريات حركات التحرر والمقاومة الشعبية التي افرزتها حقبة الخمسينات والستينات حتى السبعينات حيث كانت الظروف من النضوج ان تحرز الثورة الفلسطينية اذا جاز التعبير بالمقارنة بالمراحل والنتائج واشك في ذلك او ما كان يمكن ان تحققه القيادة الفلسطينية من انجازات في مشروع التحرير لو تلافت اخطاء جسيمة وقعت فيها تنظيرا وبرنامجا وسلوكا .
ولكن مع سقوط الاتحاد السوفيتي تغير كل شيء وتحول العالم بشكل او باخر الى قاعدة الامبريالية الغربية الامريكية .. لا نريد ان نسترجع التاريخ فهو مؤلم ومن تراجعات مميته للقيادة الفلسطينية كان بمقدورها لو احتفظت بالجنوب اللبناني وعملت بصدق لمشروع التحرير لاستطاعت الثورة الفلسطينية ان تواجه وتتصدى وتمنع متغيرات اقليمية نشاهدها الان اقليميا ودوليا ، هذا لو توفرت قيادة جادة تعمل لمشروع التحرير وليس التحريك ثم التمرير وتعمل لبناء ذاتها القيادية على حساب المطالب والاستحقاقات الوطنية وكان من الممكن لو وجدت الانتفاضة الاولى قيادة ثورية لاستطاعت تلك الانتفاضة دحر الاحتلال من الضفة وغزة. ولكن تلك القيادة وميولها منذ السبعينات بالحل المرحلي والنقاط العشر ثم الانتقال للمشروع السياسي الدبلوماسي والتخلي عن الثورة قد اتاح للقوى الدولية استدراج تلك القيادة الى مدريد ومن ثم اوسلو الغنية عن التعريف الان لمن كان لا يعرفها ويعرف خطورتها ونتائجها على الشعب الفلسطيني والقضية برمتها ، الاخ ابو اياد القائد الفلسطيني صرح ليقول نريد دولة ولو على شبر ليمتلك الانسان الفلسطيني جواز سفر لتكف معاناة الفلسطينيين ..؟ بهذه العبارة تسخيف الحقوق الوطنية .. واليوم ابو خالد الزهار يقول نقبل بدولة ولو على شبر من فلسطين ..؟ ولكن كلا الاثنين لم يذكر ما هو الثمن السياسي والجغرافي الذي يقدم من الفلسطينيين مقابل جواز السفر والدولة على شبر من فلسطين .. ! فهم يعرفان ان هناك نظام دولي واقليمي تحكمه قوانينهم لا قوانيننا اذا فأي تنازل فهو ملزم .. وهي كارثة .. ولقد اجابت العقود السابقة عل مثل هذا الطرح التي هرولت فيه القيادة الفلسطينية لتوقيع اوسلو والتنازل عن فلسطين وشطب 32 مادة من الميثاق .. وذهبت بعيدا عن الحد الادنى لشرطية المطالب الوطنية الفلسطينية.. ولكن هل بإمكان الفلسطينيين الانفلات من اوسلو ومقيداتها.. لا اعتقد ذلك .. بما فيها النهج العلماني والاسلامي ..
ولذلك كل الاطروحات تدور حول اعادة تدوير اوسلو بعدما شاخت زعاماتها وابتليت بالفساد وتفشي الفقر والبطالة وتدهور التعليم والشيء الوحيد الذي نجحوا فيه ادلجة اجيال على ثقافة اوسلو ومطالبها بدولة في الضفة وغزة بشرطية الاعتراف بإسرائيل ، فالاعتراف اصبح قائما بل ازيد من ذلك بعمليات امنية مشتركة ومعلومات تستهدف نشطاء القوى الوطنية ، حيث اصبح مشروع التحرير مستنكر ثقافيا وسياسيا بل غريبا لدى الاجيال ، ووضع مصدات ثقافية وامنية لدى الاجيال بحيث لا تفكر بثورة شعبية اقل ما يمكن ان تحققه للتداخل الديموغرافي بعد فضل اوسلو بتوسع الاستيطان تحقيق حُلم الدولة الواحدة .
من هنا اصبحت فكرة الانتخابات للسلطة تشريعية ورئاسية هي الشغل الشاغل لجميع القوى الفلسطينية والشارع الفلسطيني ( وما زال الاحتلال قائما ) حتى على ابواب منازل رئيس السلطة والمركزية والتنفيذية وما زالت غزة محاصرة يتم ابتزاز اهلها برغيف الخبز وقليل من الكهرباء وقليل من الغاز ومراحل من التجويع من خلال التحكم في اموال الرباعية واموال المقاصة لخفض الرواتب وقطع الراتب للعاملين والمستهدف انهاك الحركة الوطنية.. من هنا اصبحت فكرة الثورة والتمرد ممنوعة بل تعتبر جريمة في عرف قادة النظام السياسي الفلسطيني الغير شرعي منذ عام 15 عام، وبرغم ان تلك الانتخابات كانت تحت مظلة اوسلو رئاسية وتشريعية بقوانينها ومحدداتها فإنها في وجهة نظري انتخابات غير وطنية اتت بضغوط امريكية وهذا باعتراف رئيس السلطة.. فلا يجوز ان تكون عملية ديموقراطية في ظل الاحتلال وشعب محتل.. اذا هي انتخابات تأتي في نطاق افكار وبرامج الاحتلال وتصوراتهم لحل القضية الفلسطينية .. والشعب الفلسطيني اصبح مربوط من عنقه ومعائه بحيث يشارك في تلك الانتخابات كأمر واقع عليه ومن خلال حصار لثقافته وافكاره .
الان بعد عقد ونصف والشعب الفلسطيني يعيش في ظل اوسلو والاحتلال والفساد وعدم التمثيل والشرعيات وفشل كل المحاولات السابقة لإبرام المصالحة بين حكام المقاطعة وحكام غزة ، تسارع الطرفين للاجتماع ليس للمصالحة بل استيعاب المتغير الدولي بفوز الحزب الديموقراطي في انتخابات الرئاسة الامريكية وبفوز بايدن ، وبرنامج الحزب الديموقراطي معروف بمحدداته للصراع الفلسطيني الاسرائيلي ونظرته لأنظمة الاقليم ومن هنا اصبحت دول الاقليم ايضا في تسارع تقدم برامجها بما يريح الرئيس بايدن، وهكذا فعلت القيادة الفلسطينية في الضفة وغزة . اذا هل الانتخابات استحقاق فلسطيني ام مطلب اقليمي دولي :-
في ظل تصور برنامج اوسلو اعتقد انها استحقاق اوسلوي وخاصة ان كثير من الاوسلويين المعتنقين برنامجها التفريطي يعتبرونها استحقاق وطني لتغيير قيادة تعفنت واصبحت رائحتها تمتد لآفاق واسعة اكثر من محلية واقليمية وهناك تقارير للصندوق الدولي ومؤسسات دولية واقليمية تتحدث عن ذلك ..؟
اما انها خيار اقليمي ودولي اعتقد هي كذلك فدول الاقليم والمجتمع الدولي لديها من المعلومات الكافية عن فساد تلك القيادة التي اثرت وعشعش في عظامها الفساد وشاخت ولن تستطيع تقديم سيء جديد وفقدت مصداقيتها امام الشعب ... فالمجتمع الدولي والامريكان والاوروبيين يريدون قيادة جديدة غير ملوثة يثق بها الشعب ليقتنع في خطواتها وبرامجها وتحت مظلة اوسلو وما يدور حولها وتدويرها واستحداثها ... وواقع القيادة الحالية لا يلبي هذا المنظور وهذا المطلب لأمريكا والغرب ودول الاقليم .
اذا الهدف من الانتخابات ضمن تصور امريكا والغرب هو استبدال تلك القيادة بقيادة جديدة .. ولذلك كل من حكام الضفة وغزة يريدان استيعاب المتغير الدولي بفوز بايدن واثبات كل منهما انه على استعداد للتعامل مع سياساته، ولكن اذكر ما قاله بايدن في حملته الانتخابية ( ليس شرطا ان تكون يهوديا لتكون صهيونيا ) هذا يكفي. ولكن حسن عصفور حسن ، مسؤول سابق في السلطة الفلسطينية، قال صباح امس الأحد، أن الذهاب إلى صناديق الاقتراع يهدف إلى منع المواجهة مع الأمريكيين، ووصف القرار بشأن الانتخابات بأنه» هدية فلسطينية للولايات المتحدة«. وتشير مصادر مختلفة إلى أن شركاء بايدن قد أشاروا للفلسطينيين أن حكومته مهتمة أيضًا بتقاعد بعض كبار مسؤولي فتح والسلطة الفلسطينية، الذين لديهم صورة فاسدة ويطالبون بتدريب جيل الشباب. وشهدت الأيام الأخيرة تبادل ذكور في عدد من المؤسسات في السلطة الفلسطينية، بما في ذلك استبدال أحمد البراك، رئيس هيئة مكافحة الفساد وآخرين». و«أشار بعض مسؤولي السلطة إلى أن هناك نية للسلطة الفلسطينية في الآونة الأخيرة بعدم الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية، الأمر الذي يخلق توترات سياسية مع إسرائيل، بهدف عدم تعقيد عملية تجديد العملية السياسية برعاية الإدارة الأمريكية الجديدة وبمساعدة مصر والأردن..
قد اشير هنا ان الاستحقاق الوطني الوحيد في ظل برنامج الحل المرحلي وليس تدويراته هي انتخابات المجلس الوطني فهي استحقاق وطني فقط وفي ظل تحديث برنامج منظمة التحرير واحياء ميثاقها قبل الحذف واصلاح المؤسسات والبرنامج اما الرئاسية والتشريعية فهي اي انتخابات برلمانية سواء لمافيا المقاطعة او غزة بكل طوائفها السياسية اذا تم الموافقة عليها فإنها موافقة اسرائيل والرباعية لانهما هما اللذان ابتدعا فكرة المجلس التشريعي ويعني ذلك ان تتم تحت مبادئ اوسلو ومفرداتها الاعتراف بإسرائيل ونبذ الارهاب والتنسيق الامني ومن يدعي غير ذلك فانه نوع من انواع الدجل.
انتخابات فلسطينية تحت سقف الاحتلال وشروطه...مهزلة مستمرة لشعب جائع فقير تم تجويعه.. كيف يمكن ان تكون مؤشرات ايجابية.. في ظل هذا الواقع.. اعتقد على الشعب الفلسطيني مقاطعة تلك الانتخابات اذا لم يتم الاتفاق على احياء منظمة التحرير وميثاقها واحياء مشروع التحرير الذي اعرف من خلال المناخات الاقليمية والدولية والغزو الثقافي للجيل الفلسطيني اصبح غير ممكنا المطالبة باستفتاء شعبي لممارسة حق تقرير المصير. وتحت اشراف دولي. يحدد فيها الشعب الفلسطيني خياره اما دولة واحدة بقوميتين او دولة علمانية او الاستقلال ضمن مشروعية حق العودة وقرار التقسيم الدولي.