يجب إعادة تشكيل مجلس الأوقاف الإسلامي الحالي في القدس، وإدراج أسماء شخصيات وطنية وإسلامية تنتمي للقدس والمسجد الأقصى، ممن دفعت وتدفع ثمنًا لانتمائها للمقدسات.
أسبوع حافل بالأحداث شهده المسجد الأقصى المبارك كما كل أسبوع، فما زال الاحتلال يسعى بخطى متسارعة لإحكام سيطرته المطلقة عليه.
هذا الأسبوع كان حافلًا بالأحداث حيث شهد تثبيت 5 أجهزة تنصت وأجهزة إلكترونية أخرى على أسطح المسجد الأقصى، دون إفصاح العدو عن ماهية هذه الخطوة. كما شهدت ساحة المسجد أداء طقوسٍ توراتية من قبل حاخامات جماعة "الهيكل" المزعوم، حيث قام المتطرف مورداخاي كيدير، بجولة إرشادية ومحاضِرة لمن كان معه أثناء تدنيسهم المسجد، حث من خلالها اليهود على الاقتحامات. فيما دعا المتطرف يهودا غليك من داخل الأقصى إلى إحضار "الشوفار" ونفخه داخل المسجد. و"الشوفار" هو أحد الأدوات الطقسية العبرية (عبارة عن قرن كبش)، يُنفخ فيه عند صلاة الصباح أثناء الشهر الذي يسبق عيد رأس السنة العبرية.
كل تلك الأحداث وغيرها وما سيجري في المرحلة المقبلة سيكون أشد بشاعةً، حتى يصل الاحتلال إلى فرض سيطرته المطلقة على كامل المسجد الأقصى، وإلغاء وصاية الأردن الهشّة والمتهالكة عليه، وإسنادها إلى أية دولة عربية أخرى كالإمارات والسعودية، جاهزة للخنوع لإرادة الحاخامات ومخططاتهم الدنيئة.
هذا ما يدفعنا لإثارة تساؤلات مشروعة: ماذا تبقّى من الوصاية والرعاية الدينية للأردن على المسجد الأقصى والمقدسات في القدس؟ بالنظر إلى الخطوات الأردنية على أرض الواقع للدفاع عن تلك المسميات الضخمة التي تنطق بها الأردن ليل نهار، نجد أن هذه الخطوات لا تتعدى تقديم كتب الاعتراض والاحتجاج بالطرق الدبلوماسية، أو إصدار تصريحات إعلامية من هنا أو هناك لا يتعدى سقفها الاستنكار، فما المطلوب أردنياً؟!
نحن ندرك تماماً خيارات المواجهة للدفاع عن المقدسات خارج حسابات العرب عموماً، لارتباطها بعوامل عدة لا مجال لسردها هنا، لكن علينا أن نعي تماماً بأن تهويد القدس والمسجد الأقصى شأنه شأن كعكة صفقة القرن التي تمثّلت بخطوات التطبيع والاتفاق الصهيوني- الإماراتي الأخير. وعليه، بات واجباً على الأردن اتخاذ خطوات عملية للدفاع عن آخر الرموز الدينية التاريخية للعائلة الهاشمية.
وهنا أؤكد على ضرورة إعادة تشكيل مجلس الأوقاف الإسلامي الحالي في القدس، وإدراج أسماء شخصيات وطنية وإسلامية تنتمي للقدس والمسجد الأقصى، ممن دفعت وتدفع ثمناً لانتمائها للمقدسات، على عكس المجلس الحالي الذي يعتمد فقط على مسمى عائلات ذي مكانات اجتماعية واقتصادية رفيعة، تُشهر ولاءها للنظام.
ويتحتّم على المجلس وقف كافة أشكال التنسيق مع شرطة الاحتلال والوقوف حيال تدخلاتها بشؤون المسجد، وإعلان العداء لها. فقد بات معروفاً لأصغر طفل في القدس المحتلة مدى انصياع إدارة الأواقف الإسلامية لأوامر شرطة الاحتلال حتى بات يظهر ذلك علناً، وكأنه تعاون وشراكة رغم ما يصدر من تصريحات تعكس مواقف حاسمة فيما يتعلق بقرارات إبعاد شرطة الاحتلال لموظفي المسجد الأقصى.
من الضروري تضافر الجهود والعمل مع القوى الحيّة المتبقية والمناصرة للقدس لإيجاد حل من أجل كسر هذه السياسة، ولعل الحل يكون بتحدي قرار شرطة الاحتلال وعدم الانصياع له.
لا يظنّن أحد أن هناك موقف شعبي أو سياسي في القدس مناهض للرعاية الأردنية للمقدسات، بل على عكس ذلك، نحن نؤيّد تكريس الوصاية الأردنية، لكن استغلال الاحتلال لهذه الرعاية والوصاية الأردنية من أجل تحقيق أطماعه وتمرير مخططاته المشبوهة بتهويد الأقصى كاملاً، يحتّم علينا إعلاء أصواتنا، لتستفيق الدوائر الأردنية وتعي بأن الاحتلال يسلب منها هذا الدور يوماً بعد يوم.
وإذا ما لم يتخذ الأردن خطوات عملية على الأرض، حينها سيضيع المسجد الأقصى، وتضيع الوصاية الأردنية، وحينها سيبكي البعض على ملكٍ ضاع ولم يُحافظ عليه بقوة الرجال.