Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

المنظمة والسلطة هما الخطر الأكبر على القضية الفلسطينية

وكالات

د. عبد الستار قاسم

الأنظمة العربية عموما وليس بصورة مطلقة صنيعة الاستعمار. بريطانيا هي التي أو جدت دولا عربية في الخليج وغير الخليج ونصبت عليها قبائل لكي تبقى وفية للمصالح الاستعمارية. والكيان الصهيوني صنيعة الاستعمار الغربي. أنظمة العرب في أغلبها والكيان الصهيوني من منشأ واحد، من بطن واحد، ومستقبل الطرفين مرتبط تماما بإرادة الاستعمار الذي ما زال مهيمنا. وبما أ، هذا الاستعمار حريص على الكيان الصهيوني، فإن حرصه على الأنظمة العربية مرتبط بمدى رضا الصهاينة عن هذه الأنظمة. ولهذا لم تكن الأنظمة العربية بعيدة عن تقديم خدمات للكيان الصهيوني منذ نشأ. ولهذا ليس من المفاجئ خروج العلاقات العربية الصهيونية إلى العلن، وإدارة الظهر للفلسطينيين والقضية الفلسطينية بصورة وقحة. إطالة عمر النظام القبلي أهم بكثير من كل القضايا العربية، وواهم من كان يظن أن أنظمة العرب تضحي ينفسها من أجل القضية الفلسطينية. أنظمة قدمت مالا للفلسطينيين، وساعدت في المحافل الدولية، ولولا الموافقة الأمريكية لما قدمت شيئا. لم يكن لدى أنظمة الخليج قدرة على تقديم الدعم بدون إذن أمريكي وموافقة صهيونية.

الإمارات والبحرين ومعهما باقي الدول المنتظرة على قائمة تصديق اتفاقيات مع الصهاينة خون وغدارون ووجهوا طعنات شديدة للفلسطينيين وقضيتهم.

لكن الخطر الأكبر على القضية الفلسطيني يأتي من منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية. هاتان جهتان ألحقتا دمارا في مكانة القضية الفلسطينية على الساحات العربية والإسلامية والدولية، وعلى الساحة الداخلية الفلسطينية أيضا. لقد ألحقتا خرابا هائلا في النسيج الاجتماعي والسياسي والثقافي والاقتصادي والأخلاقي الفلسطيني، وفي فكر الدفاع عن الذات وانتزاع الحقوق. منذ عام 1988، عام الاعتراف بالكيان الصهيوني، ونحن نحذر منظمة التحرير من الخطر الداهم الذي تمثله أفعالها على القضية الفلسطينية وهي لا تسمع. وهي مع السلطة الفلسطينية تريان الخراب الكبير الذي ألحقه اتفاق أوسلو بشعب فلسطين وقضيته، لكنهما مصممتان على الاستمرار في نهج التخريب والتدمير. سارت السلطة والمنظمة على مدى عشرات السنين على ذات النهج ولم تحققا سوى الفشل تلو الفشل، والهزيمة تلو الهزيمة وما زالتا تصران على أنهما يسيران في طريق قويم. أنتم في السلطة والمنظمة فاشلون مهزومون وتعانون من ضيق أفق وغباء سياسي شديد ومن عدم صدق الانتماء، وألحقتم كبير الأذى بالقضية والشعب، ولو كنتم تخجلون على أنفسكم لاختفيتم. الكوارث والتراجعات تحل بشعب فلسطين، وأنتم ما زلتم تظهرون على الشاشات بلا خجل أو وجل أو حياء. أنتم تلهثون وراء سراب، وفي لهثكم دمرتم الإرادة الفلسطينية والتصميم الفلسطيني، وحيدتم أغلب شباب فلسطين عن قضيتهم المقدسة، وفتحتم الأبواب أمام الصهاينة ليتوحشوا بالمزيد على الحقوق الفلسطينية والأرض الفلسطينية، وليستمروا في عمليات النهب والقتل وهدم البيوت والاستهتار بشعب فلسطين. أنتم لا تؤمنون إلا بالضعف الذي تظنون أنه سيأتي إليكن بحنان وعطف الدول الاستعمارية فتضغط على الصهاينة وتقيم لكم دولة. الدولة لن تقوم إلا بسواعد أهل فلسطين. سيجد شعب فلسطين من سيساعد، لكن شعب فلسطين هو صاحب القضية الأول وهو يجب أن يكون رأس السهم.

ثم لماذا كل هذا الهجوم على دول الخليج؟ أنتم تعلمون ونحن نعلم أن قبول الصهاينة في الساحة العربية وارد منذ زمن بعيد، لكنكم أنتم يا أهل أوسلو الذين فتحتم الأبواب أمام تهاوي القضية الفلسطينية، وأعطيتم عربا جرعات التجرؤ على القضية الفلسطينية وعلى شعب فلسطين. أنتم الخطر الأكبر على قضيتنا لأنكم نخرتم الجسد الفلسطيني من الداخل وأوهنتموه، وأضعفتموه، ونشرتم في داخله الفساد والاعتداء على حقوق الناس. أنتم قمتم بكل ما يجب من أجل هدم الثقافة الوطنية، وتفتيت النسيج الاجتماعي. ودائما سوس الخشب أخطر من دودة القادوح. من السهل مواجهة القوى الخارجية، لكن ليس من السهل مواجهة الحفارين من الداخل.

ذهبتم إلى بيروت، وماذا فعلتم؟ حتى أنكم لم تجرموا التطبيع الفلسطيني مع الكيان، ولم تعيدوا الحياة إلى المجلس التشريعي لغاية إجراء  انتخابات، ولم تقرروا ما يجب من أجل تحقيق وحدة وطنية فلسطينية، ولم ترفعوا الحصار المالي الفلسطيني عن قطاع غزة، ولم تتبنوا قضية العودة على حساب حل الدولتين، ولم تلغوا اعترافكم بالكيان الصهيوني. فقط اكتفيتم بتشكيل لجان ستختلفون طويلا على تشكيلها وعضويتها. خيبكم الله.

كاتب واكاديمي فلسطيني