تشير معطيات جديدة إلى أن فيروس كورونا المستجد "سارس-كوف-2" المسبب لمرض كوفيد-19، قد يهاجم خلايا بيتا في البنكرياس المسؤولة عن إنتاج هرمون الإنسولين؛ مما يؤدي إلى الإصابة بمرض السكري.
وقال تقرير نشر في مجلة "نيشتر ميتابوليزم" (Nature Metabolism)، لفريق من الباحثين منهم تيم هولشتن، ودومينيك. إم شولت، من قسم أمراض الغدد الصماء والسكري والتغذية السريرية في المركز الطبي الجامعي شليسفيغ هولشتاين، كيل، ألمانيا. وتحدث التقرير عن حالة لشاب أصيب بمرض السكري من النوع الأول المعتمد على الإنسولين بعد إصابته بفيروس كورونا المستجد.
وداء السكري من النوع الأول يطلق عليه أيضا اسم السكري المعتمد على الإنسولين، وسكري اليافعين. وهو مرض مناعي ذاتي، إذ يقوم جهاز المناعة في الجسم بمهاجمة خلايا بيتا في البنكرياس ويدمرها، مما يؤدي إلى تراجع الكميات، التي يفرزها البنكرياس من الإنسولين بشكل تدريجي.
ويتطور المرض قبل سن 35 عاما، وعادة تكون أعمار المصابين به ما بين 10 أعوام و16 عاما. ويشكل 5% إلى 10% من نسبة المصابين بداء السكري.
يتطلب علاج النوع الأول من السكري إعطاء المريض الإنسولين بالحقن أو بالمضخة، ويؤدي ذلك إلى انخفاض الغلوكوز في الدم والسيطرة عليه.
الحماض الكيتوني السكري
راجع شاب يبلغ من العمر 19 عاما، قسم الطوارئ مصابا بـ "الحماض الكيتوني السكري" (diabetic ketoacidosis)، وكان مستوى الغلوكوز في الدم لديه 552 مليغرام لكل ديسيليتر. وكشف التاريخ المرضي للشاب عن إصابة محتملة بكوفيد-19 قبل 5-7 أسابيع بناء على اختبار إيجابي للأجسام المضادة ضد بروتينات فيروس كورونا المستجد "سارس-كوف-2".
والمعدل الطبيعي لسكر الصوم (ويقاس مستوى السكر في الدم بعد 8 ساعات من الصيام) هو أقل من مئة ملليغرام لكل ديسيليتر.
والحماض الكيتوني السكري هو من المضاعفات الخطيرة لمرض السكري، ويحدث عندما ينتج الجسم مستويات عالية من أحماض الدم التي تسمى الكيتونات، وذلك وفقا لموقع "مايو كلينك".
وتتطور الحالة عندما لا يتمكن الجسم من إنتاج كمية كافية من الإنسولين، وبدون الكمية الكافية من الإنسولين، يبدأ الجسم في تكسير الدهون كمصدر للوقود، وتنتج هذه العملية تراكم الأحماض في مجرى الدم، الذي يسمى بالكيتونات، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى الحماض الكيتوني السكري. والحماض الكيتوني السكري يمكن أن يكون مميتا إذا لم يعالج.
وقال الباحثون "على الرغم من أن تقريرنا لا يمكن أن يثبت بشكل كامل العلاقة السببية بين كوفيد-19، وتطور مرض السكري لدى هذا المريض؛ لكن بالنظر إلى ظروف هذه الحالة، نقترح أن عدوى سارس-كوف-2 قد تؤثر سلبا على البنكرياس ووظيفته، ربما من خلال التأثيرات الانحلالية المباشرة للفيروس على خلايا بيتا (المنتجة لهرمون الإنسولين)".
وأضافوا أن هناك ما يشير إلى أن فيروس كورونا المستجد قد يغير وظيفة خلايا البنكرياس ويضعف إفراز الإنسولين. وتشير العديد من الدراسات المنشورة مؤخرا إلى وجود صلة بين كوفيد-19 ومرض السكري؛ على سبيل المثال لوحظ ارتفاع السكر بشكل حاد في عدد كبير من الأفراد المصابين بفيروس كورونا المستجد بغض النظر عن أي تاريخ طبي سابق للإصابة بمرض السكري.
تحريض كيميائي قوي
أيضا قال الباحثون إنه ظهرت زيادة ملحوظة في الحماض الكيتوني السكري لدى الأطفال والمراهقين الألمان خلال جائحة كوفيد-19، مما يشير إلى وجود علاقة بين كوفيد-19 ومرض السكري من النوع الأول الجديد.
وأضاف الباحثون أن عدوى سارس-كوف-2 للخلايا في البنكرياس أدت إلى "تحريض كيميائي قوي" (robust chemokine induction)، كما يظهر في مرضى كوفيد-19 مع ظهور علامات على موت الخلايا.
وقالوا إن تقريرهم هذا له محددات، وهو لا يثبت وجود العلاقة السببية المفقودة بين عدوى فيروس كورونا المستجد ومرض السكري من النوع الأول. لذلك من الضرورة إجراءات دراسات مستقبلية للتحقيق في التأثيرات السامة لفيروس كورونا المستجد على خلايا البنكرياس.
وختموا بالقول "يشير تقريرنا إلى أن أطباء السكري يجب أن يكونوا على دراية بإمكانية الإصابة بمرض السكري المعتمد على الأنسولين كأحد المضاعفات الحادة في المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد".
أدلة متزايدة
وكان مقال نشر في موقع نيتشر في شهر يونيو/حزيران للكاتبة "سمريتي مالباتي" (Smriti Mallapaty) قال إن القرائن المتزايدة تشير إلى أن فيروس كورونا قد يؤدي إلى الإصابة بمرض السكري.
وأضافت الكاتبة أن أدلة من دراسات الأنسجة وبعض الأشخاص المصابين بكوفيد-19 تشير إلى أن الفيروس يضر بإنتاج الإنسولين.
وقالت الكاتبة إن دراسة تجريبية أجريت على "بنكرياس مصغر مزروع في المختبر" (miniature lab-grown pancreases)، تشير إلى أن الفيروس قد يحفز مرض السكري عن طريق إتلاف الخلايا، التي تتحكم في نسبة السكر في الدم.