42 يوما على إضراب العاملين بوكالة الغوث لتشغيل اللاجئين في محافظات الشمال، ما أوقف تقديم الخدمات التربوية والصحية والبيئية (النظافة)، وشل الحياة في المخيمات الفلسطينية في محافظات الشمال (الضفة).
وترك بصمات سوداوية على دور قيادة وكالة الغوث الدولية، كونها لم تستجب لطلبات اتحاد العاملين في الوكالة العادلة والموضوعية المتمثلة في اولا عدم تثبيت أي معلم منذ ثلاث سنوات؛ ثانيا إلزام الوكالة المعلمين على البيع داخل مقاصف (كانتينات) المدارس، وهي ليست مهنتهم، ولا تتوافق مع العقد المبرم بين الوكالة والمعلمين؛ ثالثا عدم الالتزام بصرف نفقات الصيانة، وإلزام إدارات المدارس على دفع تلك النفقات المالية من ارباح المقاصف، وهو ما يتنافى مع مسؤوليات وكالة الغوث.
المطالب المذكورة آنفا، لاتكلف الوكالة أعباء مالية إضافية لموازنتها، لان مسؤوليات الادارة العامة للوكالة إسوة بكل مؤسسات التعليم في بلاد الارض قاطبة باستقطاب كفاءات جديدة سنويا لتغطية الاحتياجات التربوية للاجيال الجديدة، وهي تقوم بذلك، ولكنها في السنوات الثلاث الاخيرة لجأت لسياسة الاستقطاب المياومي للكفاءات التربوية، مما يضع المعلمين تحت سيف الطرد في اي لحظة، وعدم حصولهم على أية مستحقات نتاج خدمتهم. وهو ما يشير إلى ان هناك سياسة منهجية من قبل الوكالة، تستهدف التهرب التدريجي من مسؤولياتها تجاه اللاجئين على طريق نفض اليد كليا وفق مخططات القوى المعادية لمصالح اللاجئين في اميركا وإسرائيل. كما ان صيانة المدارس والمؤسسات التربوية، هي مسؤولية الوكالة، وليست مسؤولية المدارس نفسها. ولا يوجد نظام في الدنيا كلها يقول بما تفرضه قيادة وكالة الغوث الدولية. وهذا ايضا يصب في ذات الهدف المذكور سابقا، الهادف إلى التهرب من المسؤوليات تجاه العملية التربوية برمتها، وغيرها من المؤسسات التابعة للوكالة لاحقا، لان البداية تبدأ بالمدارس ثم تمتد للمستوصفات والمشافي والخدمات الصحية التابعة للوكالة وغيرها من الخدمات.
النتيجة المنطقية لما تقدم، تؤكد مسؤولية قيادة وكالة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين عن الازمة المتواصلة منذ اثنين واربعين يوما، وتشير إلى أن عدم اهتمامها بمطالب اتحاد العاملين في الوكالة، وترك الامور على عواهنها، إنما فيه استهداف واضح وصريح لحقوق ابناء الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي يستحوذ المدراء والموظفون الاجانب على نسبة عالية من موازنات الوكالة، التي هي من حق اللاجئين الفلسطينيين. الامر الذي يفرض على الامين العام للامم المتحدة التدخل مباشرة مع القائمين على الوكالة للتراجع عن السياسات الخاطئة، التي تنتهجها ضد ابناء فلسطين في الضفة الفلسطينية، وتعويض الطلبة عما ضاع عليهم من العملية التربوية، والمباشرة بحملة تنظيف فورية وواسعة للمخيمات وجوارها، مع اعتماد لمعلمين ثابتين وفق النظام، الذي كان معمولا به قبل السنوات الثلاث الاخيرة. لان استمرار الاضرب يترك آثارا عميقة السلبية على ابناء المخيمات الفلسطينية، وعلى علاقة اللاجئين مع مؤسسات الوكالة الدولية، وقد يترك آثارا سلبية على الاستقرار السياسي في اراضي دولة فلسطين المحتلة، كما حصل امس الأول، عندما قام ابناء المخيمات بقطع الطرق والحؤول دون وصول الموظفين لاعمالهم، والتأثير السلبي على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والامنية.
مما لاشك فيه، ان المرء يتفهم حركة الاحتجاج المنتشرة داخل المخيمات وفي إطارها للضغط على قيادة وكالة الغوث بالتراجع عن سياسات التجهيل وحرمان اللاجئين من الخدمات الضرورية، ويعتبرها حقا طبيعيا ومشروعا كفله القانون، إلا ان المرء يرفض ما حصل من عمليات تخريب وتقطيع للطرق الواصلة بين المدن والقرى من ابناء المخيمات، التي نتج عنها إصابة حوالي ستين مواطنا منهم 48 شرطيا، لان الاحتجاجات خرجت عن مسارها الطبيعي والمنطقي، وكأن لسان حال بعض القائمين على عمليات التخريب غير المقصودة (لانها مصيبة إن كانت مقصودة او مدفوعة) يريد ان ينقل المواجهة بين ابناء المخيمات وقيادتهم بدل ان تبقى موجهة نحو قيادة وكالة الغوث. الامر الذي يفرض ضبط إيقاع آليات الاحتجاج في نطاقها المشروع حتى تستجيب قيادة الوكالة لمطالب اتحاد العاملين.