قرار المحكمة الصهيونية بإعادة إغلاق باب الرحمة قد يفجر موجة جديدة من المواجهة مع الاحتلال الصهيوني, حيث أكدت حركة حماس في بيان لها أن أي مساس بالمسجد الأقصى سيعني إشعال الحرب، وأن الاحتلال سيدفع ثمن تعدياته على المسجد المبارك, بينما أشارت حركة الجهاد إلى أن القرار جاء «ضمن مسلسل التهويد والعدوان المستمر بحق المسجد الأقصى المبارك، ويندرج في سياق الحرب المعلنة على أهلنا في القدس وعلى المقدسات الأمر الذي يستوجب وقفة حاسمة من أحرار أمتنا العربية والإسلامية لحماية القدس والمسجد الأقصى المبارك», وعلى ما يبدو أن الاحتلال يريد ان يرفع الضغط عن مخططه الهادف لضم منطقة غور الاردن, وشمال البحر الميت من خلال سياسة تعدد الجبهات, فهو يتحدث عن قرب اشتعال المواجهة على الجبهة الشمالية والاشتباك مع حزب الله, وتارة يتحدث عن اشعال الجبهة الجنوبية وشن عدوان شديد على قطاع غزة, واليوم يفتح جبهة القدس من خلال قراره الصادر عن محكمة الصهيونية في القدس المحتلة والذي يقضي بإغلاق مصلى باب الرحمة داخل المسجد الأقصى, هذا القرار الذي رفضته الهيئة الإسلامية العليا ومجلس الأوقاف والشؤون الإسلامية ودار الإفتاء ودائرة قاضي القضاة، وقالت إن دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس لا تلجأ إلى المحاكم الاحتلالية لأنها ليست ذات صلاحية وليست ذات اختصاص وهذا ما قررته منذ شهر يونيو من عام 1967م, لذلك فإن قرار اعادة اغلاق باب الرحمة سيواجه بهبة شعبية.
قرار المحكمة الصهيونية بإعادة اغلاق باب الرحمة لم يقابل باستنكار عربي واسلامي ودولي كما حدث عندما اتخذ الرئيس التركي رجب طيب اردوغان قرارا بإعادة «آيا صوفيا» كمسجد للمسلمين, لقد ضجت وسائل الاعلام المختلفة بما فيها مواقع عربية واسلامية بانتقادات واسعة لقرار السيد اردوغان, وأصدرت مؤسسات دولية كمنظمة (اليونسكو) بيانات تدين وتستنكر قرار الرئيس اردوغان, بينما التزم الجميع الصمت امام قرار الاحتلال اغلاق باب الرحمة, رغم معرفتهم ان اغلاق باب الرحمة يهدف لتحويله الى كنيس يهودي, لكن معايير العالم تختلف عندما يتعلق الامر بإسرائيل, والأدهى من ذلك ان مخطط اعادة اغلاق باب الرحمة تزامن مع نشر باحث وأكاديمي سعودي من جامعة الملك سعود ، يدعى الدكتور محمد بن ابراهيم الغيان، مقالا باللغة العبرية يتحدث عن «تحسين صورة نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم في نظر الجمهور الإسرائيلي، وجاء فيها أن النبي محمد عليه الصلاة والسلام أقام علاقات طيبة مع اليهود وأن الخلاف معهم كان على خلفية سياسية فقط وليس خلافاً دينياً» وهذا يعني التعايش والسلام والتطبيع, فنشر المقال يأتي على خلفية تسهيلات من السعودية و»رابطة العالم الإسلامي» لاستغلال التفاهم الديني وتوظيفه من أجل «التعاون مع اليهودية وإسرائيل من أجل السلام» وخطورة هذه المقالة تنبع من أن باحثاً سعودياً كبيراً يقرر نشر مقالة أكاديمية له في مجلة علمية يمينية إسرائيلية يقوم عليها مجموعة من المستوطنين المتطرفين بهدف إزالة حواجز وتأليف القلوب بين الشعوب».
ولأن حالة التطبيع المجاني العربي والاسلامي يستغلها الاحتلال الصهيوني لتمرير مخططاته العدوانية, تجاه الاقصى والضم والتوسع الاستيطاني والقتل, فإن حالة الإشغال عن خطوات الاحتلال ومخططاته يجب ان تبقى حاضرة, فإعادة اغلاق باب الرحمة, وسياسة الضم الاستعماري تتطلب مناخا مناسبا لتمريرها, وعلى الاعلام الرسمي العربي ان يقوم بدوره في التعمية على خطايا الاحتلال ومخططاته العدوانية تجاه المسجد الاقصى, لذلك خرجت علينا بعض المنابر الاعلامية المتورطة في التطبيع مع الاحتلال الصهيوني, والمتخصصة في برامج الإفساد الممنهج، وتداولت أخباراً كاذبة ومفبركة وبدون ادنى مسؤولية أو مهنية أو اخلاقية ضد المقاومة الفلسطينية في الفترة الماضية, والتي لا تكف عن فبركة الاخبار وتلفيقها ضد المقاومة الفلسطينية, بهدف تشتيت الرأي العام وحرف الأنظار عن مواجهة التحديات، التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني وقضيته ومسيرة نضاله وحركات المقاومة وشبابها وقادتها, وهو يأتي في سياق خدمة الاحتلال, وخدمة المشروع الامريكي الصهيوني، الهادف لتفتيت وتقسيم أمتنا وتغييبها عن دورها الحقيقي وأولوياتها, لذلك علينا دائما ان نراهن على انفسنا اولا, وان نستنهض الامة لمواجهة التحديات, فإفشال مخطط اعادة اغلاق باب الرحمة, وافشال سياسة الضم الاستعماري, يتطلب مواجهة بأشكالها المختلفة مع الاحتلال, حتى يدرك هو وأعوانه من الامريكان او العرب, أن هذا الشعب لن ينكسر, ولن يفت أحد في عضده, وسيبقى قابضا على الجمر حتى يتحقق له النصر.